عامان على النظام الرئاسي في تركيا: الإيجابيات والسلبيات

10 يوليو 2020
أتمت حكومة أردوغان العامين (Getty)
+ الخط -

مع مرور عامين على النظام الرئاسي في تركيا، لا يزال الجدل قائماً حول إيجابياته وسلبياته، ففيما يتحدث البعض عن نجاحه في تسريع اتخاذ القرار في الدولة، ووقف الخلافات بين رئاستين، وفي وقت يعمل فيه الرئيس رجب طيب أردوغان على إدخال تعديلات لضمان استمرارية سير إدارة البلاد في السنوات المقبلة، مع بقاء 3 سنوات في ولايته الحالية، فإن المعارضة في المقابل لم تقتنع بهذا النظام، بل تركّز في حملاتها على العودة إلى النظام البرلماني، حتى أن أصدقاء لأردوغان، لم يعجبهم هذا النظام، فانشقوا عنه، لينشأ حزبان من رحم "العدالة والتنمية"، يدعوان إلى العودة للبرلماني.

تحدثت مصادر تركية عديدة عن نيّة أردوغان إجراء بعض التغييرات على حكومته
 


ومع حلول العاشر من يوليو/تموز الحالي، تكون حكومة أردوغان قد أتمت عامين، وهو تاريخ يأذن للرئيس التركي بإجراء تغييرات حكومية. وتحدثت مصادر تركية عديدة عن نيّة أردوغان إجراء بعض التغييرات على حكومته، من خلال استحداث مناصب لإضافة نواب له لتقاسم المهام التي على عاتقه، فضلاً عن فصل وزارات عديدة سبق أن دُمجت، وهو ما يعني زيادة التشكيلة الحكومية المؤلفة حالياً من 16 وزيراً، من دون أن يكون هناك رئيس للحكومة وفق النظام الرئاسي، ليكون أردوغان هو رأس السلطة التنفيذية منفرداً، بعد أن كان النظام البرلماني يضم رئيساً للوزراء، وهي إحدى النقاط الخلافية السابقة التي دفعت أردوغان للتغيير.
ومن الإيجابيات التي يتحدث عنها المدافعون عن النظام الرئاسي الجديد، مركزية القرار وسرعة اتخاذه، من دون المرور بحاجز مكتب رئيس الوزراء، إذ كانت القرارات تحتاج للدراسة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ما يؤدي إلى تأخير، ويرفع من نسبة الروتين والبيروقراطية ضمن مؤسسات الحكومة. أدى توحيد القرار التنفيذي إلى مركزية في اتخاذ القرار وسرعة في التنفيذ، وربط السلطات بيد الرئيس، وهو ما بدا واضحاً في القرارات الاستراتيجية التي تم اتخاذها خلال السنتين السابقتين، لا سيما العمليات العسكرية في سورية والعراق وليبيا، إذ كان يتطلب التدخل في ليبيا مثلاً سرعة كبيرة لدعم حكومة الوفاق الوطني، فضلاً عن قرارات داخلية تتعلق بالأمن والجيش والاقتصاد والصناعة والتجارة والسياحة. كما دفع النظام الجديد الأحزاب لعقد تحالفات للدخول إلى البرلمان، مما سمح بدخول أحزاب صغيرة إلى البرلمان بتحالفها مع حزب يتجاوز العتبة البرلمانية المطلوبة وهي 10 في المائة.

مقابل هذه الإيجابيات، تُعدد المعارضة مجموعة من السلبيات للنظام الرئاسي، أبرزها غياب الرقابة البرلمانية على مؤسسات الدولة كما في السابق، إذ ساهم النظام الرئاسي بتفرد أردوغان في السلطة، ومنحه صلاحيات أدت إلى مزيد من السيطرة على الحكم والبلاد، ليُتهم بالتمادي في ممارسات ضد المعارضة، وتقييد الحريات، وتكميم للأفواه. حتى أن المعارضة باتت عاجزة عن الدعوة لانتخابات مبكرة، أو إسقاط الحكومة، على الرغم من أن الحزب الحاكم أكد أن البرلمان بإمكانه الدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في حال تحققت الأغلبية الكافية المطلوبة، ولكن عدم حصول المعارضة على هذه الأغلبية يدفعها للقول إن الانتخابات المبكرة هي بيد الحكومة، إذ يمتلك "التحالف الجمهوري" الحاكم بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحليفه "الحركة القومية" اليميني المتطرف، أكثر من 53 في المائة من نسبة أعضاء البرلمان، ولا يزال التحالف متماسكاً وفي حال جيدة حتى الآن. أما الحديث عن النظام البرلماني فيبقى في أجندة المعارضة والحزبين المشكّلين حديثاً من رحم "العدالة والتنمية"، وهما حزب "المستقبل" بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وحزب "دواء" بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان.
وبعد عامين من الانتقال إلى النظام الرئاسي، يبحث أردوغان إجراء تغييرات حكومية، بإضافة نواب له ووزراء جدد. وزادت احتمالات التغيير الحكومي بعد لقاء أردوغان مع حليفه زعيم "الحركة القومية" دولت باهتشلي، قبل أيام، وتشير التوقعات إلى توجّه لرفع نواب أردوغان إلى اثنين، وإضافة 3 وزراء جدد ليرتفع عدد الوزرات إلى 19، فضلاً عن عملية تبديل بين وزير أو اثنين في مهامهم. وستشمل التغييرات أيضاً فصل وزارات سبق أن تم دمجها، هي وزارة الثقافة والسياحة، ووزارة العائلة والشؤون الاجتماعية، ووزارة الزراعة والغابات، إضافة إلى تغييرات في رؤساء اللجان في البرلمان.

تتحدث المعارضة عن غياب الرقابة البرلمانية على مؤسسات الدولة وتفرد أردوغان بالقرار
 


وقال الصحافي والكاتب التركي حمزة تكين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "من إيجابيات النظام الرئاسي بعد عامين على تطبيقه، أنه استطاع إزالة الخلل الذي كان موجوداً في النظام البرلماني بخصوص العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فجعل النظام السياسي أكثر استقراراً وإنتاجية، وهذه المشكلة بالعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية عادة ما تظهر في الحكومات الائتلافية، لكن النظام الرئاسي نجح بجعل رئيس البلاد ممثلاً حقيقياً وكاملاً للشعب، بعدما أصبح يُنتخب مباشرة من الشعب وليس من البرلمان".
وأضاف تكين "اقتصادياً أعطى النظام الرئاسي الرئيس حركة سهلة بإدارة شؤون البلاد المهمة، وتركيا لم تعد دولة اقتصادية هامشية في العالم، بل هي على عتبة أن تدخل نادي أقوى 10 اقتصاديات في العالم"، متابعاً "باختصار أصبحت الدولة تدار بسرعة أكثر مما كانت عليه سابقاً، والبلاد تحتاج لهذا الأمر تماشياً مع نهضتها الكبرى التي تعيشها، ومع هذه السرعة تبقى سلطة البرلمان قائمة لمراقبة تحركات الحكومة والرئيس والعمل، فالبرلمان قادر على محاكمة الرئيس في حال ارتكابه الخيانة العظمى مثلاً".
أما أبرز الأمور التي يراها البعض سلبية في هذا النظام، وفق تكين، "فهي قضية إثقال كاهل المسؤولين بمهام عديدة من خلال دمج بعض الوزارات مثلاً"، معتبراً أن "هذه النقطة يمكن معالجتها على الفور من خلال إجراء تعديلات وزارية مثلاً، وهذا ما سيحصل خلال أيام، من أجل مزيد من العمل والإنتاجية والسرعة".