عاصفة تفاقم معاناة نازحي إدلب: مقتل شاب وتمزق الخيام

31 يناير 2020
+ الخط -
تسببت العاصفة الهوائية التي تضرب منطقة شمال سورية باقتلاع خيام النازحين، اليوم الجمعة، في ريف محافظة إدلب شمال غربي البلاد، وأدت إلى وفاة أحد نازحي معرة النعمان، وتزامنت العاصفة مع تواصل موجات النزوح من مناطق الريف الشرقي في المحافظة خاصة من بلدة النيرب في الريف الشرقي وبلدة أريحا في الريف الجنوبي للمحافظة.


وزادت العاصفة من معاناة النازحين، الذين فروا من جحيم القصف الذي تتعرض له مدينة سراقب وبلدة النيرب في ريف إدلب الشرقي، ليواجهوا واقعاً معيشياً صعباً في ظل تراجع دور المنظمات المحلية والدولية في الاستجابة الإنسانية.

وأكد الناشط الإعلامي خضر العبيد لـ"العربي الجديد"، أنّ العاصفة الهوائية اقتلعت ظهر اليوم ثماني خيام للنازحين في مخيم "سرحا" بالقرب من مدينة سرمدا في الريف الشمالي لإدلب. 

وقال الناشط: "يعاني نازحو المخيم منذ إنشائه من مشكلة مياه الأمطار التي تقلقهم على الدوام، إذ تغرق خيامهم، وكانوا في أوقات سابقة ناشدوا المنظمات الإنسانية لمساعدتهم ومد يد العون لهم بفرش أرض المخيم بالحصى، واليوم زادت العاصفة الهوائية من معاناتهم بعد اقتلاعها لثماني خيام، حيث مزقتها بالكامل، ولجأ النازحون لخيام أخرى داخل المخيم ريثما يجدون حلاً لما هم فيه.

ويصل عدد النازحين في مخيم "سرحا" لنحو 360 شخصا، فيما يقدر عدد العوائل المقيمة فيه بـ60 عائلة، بحسب مراسل "العربي الجديد"، ويفتقر نازحو المخيم لسبل الحياة، من بينها مواد التدفئة والخدمات، ويلجأون للبحث عن الأكياس البلاستيكية والورق المقوى لإشعاله والحصول على التدفئة.

وفي مدينة إدلب، أودت العاصفة بحياة شاب يقيم في إحدى أبنية المدينة التي تعرضت لغارات جوية من الطائرات الحربية الروسية جعلت منها بناء متهالكا يعد السكن فيه خطيرا، وقال خالد المحمد أحد شهود العيان لـ"العربي الجديد": "الشاب نازح من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، وصل قبل بضعة أيام ليقيم هنا، وكان يحاول في الليلة الماضية تثبيت ألواح للطاقة الشمسية، إذ تسببت الرياح الشديدة بسقوطه من أعلى البناء، ليلفظ أنفاسه الأخيرة".

أما النازح محمد عمار (28 عاما) من بلدة الهبيط في الريف الجنوبي لإدلب، فلم يذق طعم النوم منذ أربعة أيام، فهو ينقل ما يمتلك من أغراض إلى بلدة قاح حيث يقيم شقيقه وبعض الأقرباء.

وقال النازح نفسه لـ"العربي الجديد": "أقيم في بلدة أريحا لكن لم يعد هناك متسع للبقاء، ولا أريد أن أقع بورطة وأبقى لآخر لحظة في المدينة وأفقد كل ما أملك، الطين لطخ ملابسي التي لم أغيرها منذ نحو أسبوع، والبرد قارس على الطريق، وليلا كانت الريح عاصفة بشدة حتى أننا ربطنا الأغراض إلى السيارة خشية أن تطير، لم نكن نبالي بالبرد والمطر، فالناس كلها نزحت من مدينة أريحا، القصف في كل مكان، وفي الشوارع لا ترى سوى الأهالي يقومون بنقل ما يملكون على دراجات نارية ومنهم من يحملها بسيارات".

وبلغ عدد الحملات العسكرية في إدلب خمس حملات منذ توقيع الاتفاق الروسي التركي في سوتشي، وبدأت الحملة العسكرية الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، وتسببت بنزوح نحو 37 ألفا، بينما بدأت الثانية في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وأدت إلى نزوح 41 ألفا، أما الحملة الثالثة فبدأت في فبراير/ شباط 2019 وتسببت بنزوح 966 ألفا، وبدأت الحملة الرابعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 وتسببت بنزوح 382 ألفا من المدنيين، وكانت آخر حملة بدأتها قوات النظام في المحافظة في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، نزح على أثرها نحو 268 ألفا من مناطق ريفي حلب وإدلب، حسب إحصائيات صادرة عن فريق "منسقو استجابة سورية".

وعقّب مدير الفريق محمد حلاج، في حديث لـ"العربي الجديد"، على الأوضاع الحالية للنازحين في ظل العاصفة التي تضرب الشمال السوري واصفاً ما يمرون به بـ"الكارثة". وأضاف "الوضع سيئ في الوقت الحالي، حركة النزوح ما زالت متواصلة والعمليات العسكرية مستمرة في ريفي إدلب وحلب، الأهالي حاليا فقدوا الأمان في مناطقهم، ويبحثون عن مأوى، هناك مناطق اضطرت لفتح المدارس لإيواء النازحين".

وبحسب الفريق، وصل عدد النازحين في الوقت الحالي إلى نحو 1.7 مليون نسمة منذ بدء الحملة العسكرية الأولى على محافظة إدلب، مع توقع ارتفاع عدد النازحين بوصول العمليات العسكرية إلى مناطق جديدة في المحافظة، ما يفاقم من الأزمة والكارثة الإنسانية، مع تراجع دور المنظمات المحلية والدولية في الاستجابة الإنسانية، مع القدرات الضعيفة لديها بمواجهة الموجة البشرية الهائلة من النازحين.

وفي مشهد أشبه بالقيامة، كما يصفه الناشط الإعلامي خضر العبيد، يتحرك النازحون نحو المناطق الحدودية بين سورية وتركيا التي ما زالت توفر جزءا من الأمان للنازحين، لبعدها عن عمليات القصف البري والجوي في الوقت الحالي.

وقال الناشط لـ"العربي الجديد": "يوم أمس الخميس، كانت أعداد هائلة من النازحين قد تجمعت في مدينة سرمدا، قضيت سبع ساعات وأنا أحاول العبور، آلاف النازحين، نساءً وأطفالاً، يترقبون المغادرة من المدينة نحو المخيمات في المنطقة الحدودية، أمضوا ليلتهم في البرد والعراء، لا أعلم ما الذي حل بهم، الألم يعتصر القلوب عند رؤية هذا المشهد، كل ما كنت آمله أن يتبدل الحال، وينقلب فصل الشتاء صيفاً وتتوقف الريح والمطر".

وفي ظل الظروف الحالية التي يعاني منها النازحون لم تصدر أية جهة إنسانية حتى الوقت الراهن تقييما للأضرار التي تسببت بها العاصفة، حيث شهدت المنطقة عدة عواصف العام الماضي كان أقساها في شهر إبريل/ نيسان، وتسببت حينها بأضرار كبيرة في مخيمات الكرامة بالقرب من بلدة أطمة بريف إدلب، وقدر عدد العوائل المتضررة حينها بنحو 4000 آلاف عائلة.

المساهمون