تداعيات رفع عائد الدولار..تدهور أداء سندات الشركات ومخاوف على الرهن العقاري

24 مايو 2018
متعاملون في سوق نيويورك (Getty)
+ الخط -
شهد حاملو سندات الشركات الأميركية أسوأ بداية عامٍ منذ عقدين على الأقل، حيث ارتفعت معدلات الفائدة على الدولار في السوق الأميركية، وخفف بنك الاحتياط الفيدرالي "المركزي الأميركي" من وجوده في سوق السندات، بينما كانت الشركات الأميركية تطرق أسواق المال بحثاً عن السيولة.

وبنهاية الأسبوع الماضي خسر حاملو سندات الشركات عالية التصنيف (تصنيف A الاستثماري) حوالي 3.8% منذ بداية العام، وفقاً لمؤشر "بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، في الوقت الذي سجلت فيه سندات الخزانة الأميركية أعلى عائد لها منذ عام 2011، وهو 3.095%، قبل أن تستقر عند معدل أقل بثلاث نقاط أساس تقريباً.

أما الشركات مرتفعة العائد، والتي تحتل مرتبة متأخرة في التصنيف الائتماني، فلم تخسر سوى 0.3% منذ بداية العام، كونها أقل حساسية للتغيرات في معدلات الفائدة، ويلعب التصنيف الائتماني الدور الأكبر في تحديد سعر السندات.

ويرتبط معدل العائد على السندات ارتباطاً عكسياً بقيمتها، حيث يؤدي ارتفاع معدلات العائد في السوق الثانوية إلى انخفاض قيمة ما بحوزة المستثمرين من سندات.

وتفرض المعايير المحاسبية على حائزي السندات إعادة تقييمها وفقاً لمعدلات العائد السائدة في السوق، لكن مشتري السندات يمكنه الاحتفاظ بها لحين استحقاقها، وهو ما يلغي كل خسائر إعادة التقييم، ولا يتحمل المستثمر وقتها إلا تكلفة الفرصة البديلة التي توفرت في الأسواق مع ارتفاع العائد.
وتوقع العديد من المحللين في بداية العام الحالي حدوث انكماش في المعروض من سندات الشركات، وهو ما كان يفترض له أن يدفع بأسعار تلك السندات إلى أعلى، لكن يبدو أن توقعات الانكماش كانت أكثر كثيراً مما حدث في الواقع، خاصةً مع توجه العديد من الشركات الأقل في التصنيف الائتماني إلى إصدار سندات جديدة، وهو ما عوض الانخفاض في إصدارات الشركات الأعلى تصنيفاً، وأدى مع تقليص ميزانية البنك المركزي إلى ارتفاع معدلات العائد، وبالتالي انخفاض أسعار السندات.

وارتفع الفارق بين العائد على سندات الشركات ذات التصنيف الأعلى وعائد سندات الخزانة الأميركية بحوالي 25 نقطة أساس، مقارنةً بما كان عليه في منتصف فبراير/ شباط الماضي، وكان وقتها عند أقل مستوى له في عشرين سنة.

وقال بنك جي بي مورجان في مذكرة لعملائه يوم الجمعة الماضي "ارتفاع الفارق في العائد، مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة، جعل أداء سندات الشركات الأميركية خلال المائة يوم الماضية ثالث أسوأ أداء لها منذ عام 2000".

ويقول بول مورتيمور لي، كبير اقتصاديي السوق في بنك "بي ان بي باريبا"، "الفارق بين عائد سندات الشركات والسندات الحكومية قادم من مستويات منخفضة جداً، لكن مع استمرار البنك الفيدرالي في رفع معدلات الفائدة، فلا توجد أسباب لتوقع تحوله للانخفاض".
وتسببت قوانين الإصلاح الضريبي التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بداية العام الحالي في استغناء العديد من الشركات الكبيرة في قطاع التكنولوجيا عن إصدار السندات، بعد أن استعادت كميات كبيرة من فوائدها المحققة خارج الولايات المتحدة، مستفيدةً من الإعفاءات الجديدة التي قُررت على تلك الفوائد، فانخفضت اصدارات ذلك القطاع من السندات بنسبة 81%، مقارنة بإصداراته خلال نفس الفترة من العام الماضي 2017.

وعلى الجانب الآخر، فقد تضاعفت مرة واحدة على الأقل إصدارات السندات من شركات الأطعمة والمشروبات ومبيعات التجزئة والصناعات المعدنية، وهو ما أدى إلى عدم انخفاض حجم الاصدارات الكلي كما كان متوقعاً قبل بداية العام.

وعلى نحو متصل، قفزت معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها في السنوات السبع الأخيرة، فيما يبدو وكأنه نهاية حقبة القروض منخفضة التكلفة التي ظهرت مع انتهاء الأزمة المالية العالمية الأخيرة، الأمر الذي قد يتسبب في تباطؤ الطلب على شراء العقارات، وبالتالي يحد من ارتفاع أسعارها.

وسجلت الفائدة على قروض الرهن العقاري لمدة ثلاثين عاماً معدل 4.75% في بداية تعاملات الأسبوع لأول مرة منذ عام 2011، في استمرار الاتجاه الصعودي الذي بدأ منذ فترة. وكانت معدلات الفائدة على تلك القروض قد بلغت الأسبوع الماضي مستوى 4.61%، مرتفعة من 4.55% في الأسبوع السابق.

وأصدرت مؤسسة "فريدي ماك" المتخصصة في قروض الرهن العقاري، الأسبوع الماضي، والتي استحوذت عليها الحكومة الأميركية لإنقاذها من الإفلاس، تقريراً اقتصادياً توقعت فيه انخفاض معدل النمو في 2019 إلى 2.3%، بسبب تلاشي تأثير التحفيز المالي وتشديد سوق العمل.

وأكد دوغ دونكان، كبير اقتصاديي المؤسسة، أنه رغم تزايد التوقعات بتلاشي تأثير التحفيز المالي الناتج عن قوانين الاصلاح الضريبي، بالإضافة إلى ما تسببه السياسات التجارية الحمائية وارتفاع أسعار النفط من تباطؤ النمو الاقتصادي، "إلا أننا نتوقع استمرار ارتفاع أسعار العقارات، ونتوقع أن تحقق مبيعات المنازل مكاسب متواضعة هذا العام وفي العام المقبل".

يذكر أن تضخم حجم الرهونات العقارية في الأعوام التي تلت العام 2007، كان أحد أسباب أزمة المال العالمية التي اجتاحت العالم وكادت أن تفلس بمؤسسات مالية كبرى في أميركا.
دلالات
المساهمون