رغم رفع رواتبهم... ظاهرة "القط" مستمرة عند حواجز التفتيش العراقية

06 سبتمبر 2017
حاجز أمني في بغداد (واثق خوزاي/Getty)
+ الخط -
فتح تسجيل فيديو سرّبه ناشطون عراقيون لأحد أفراد الأمن وهو يتقاضى "القط" (رشوة) من سائق شاحنة لتمريره سريعاً عبر حاجز تفتيش غربي بغداد، من دون اضطراره للانتظار ساعات كباقي السيارات، الجدل مجدداً في ملف الفساد عند حواجز التفتيش العراقية المنتشرة في مداخل المدن ومخارجها، أو ما يعرف محلياً بـ "السيطرات".


وعلى الرغم من رفع الحكومة العراقية مرتبات أفراد قوى الأمن الداخلي أربع مرات في الأعوام 2005 و2007 و2009 و2013، ومنحهم مخصصات إضافية منها مخصصات الخطورة والنقل والطعام إلا أن ظاهرة الرشوة لم تتوقف.


ويبلغ مرتب عنصر الأمن العراقي بحدّه الأدنى نحو مليون دينار (820 دولاراً) ويصل إلى 3 ملايين دينار بحسب سنوات الخدمة والرتبة، وهو عموماً يعتبر من بين أفضل الشرائح بعد الأطباء والأساتذة الجامعيين في العراق.


ونتيجة ذلك، باشرت وزارة الداخلية العراقية اليوم الأربعاء بنصب كاميرات مراقبة داخل حواجز التفتيش لرصد فساد أفراد الأمن، وأخذهم أموالاً من المواطنين وسائقي الشاحنات لقاء تمريرهم. وتتراوح المبالغ بين 10 آلاف دينار عراقي (8 دولارات) ولغاية 500 دولار أميركي حسب نوع السيارة وراكبها وحمولتها. وفي بعض الأحيان يجبر سائق الشاحنة على تغيير مساره لاختيار نقاط التفتيش الأكثر رحمة بين "السيطرات".


وقال مسؤول بالداخلية العراقية لـ"العربي الجديد" إن "مسألة الكاميرات إجراء مهم، لكنه لن يمنع الظاهرة، وعادة يتعاون جميع أفراد حاجز التفتيش في تقاضي الرشوة ويتقاسمون الغلّة نهاية النهار"، مضيفا أن مفتشاً عُيّن لمراقبة إحدى نقاط التفتيش سيئة الصيت غربي بغداد، لكن بعد أيام ظهر أن المفتش نفسه بدأ يأخذ جزءاً من الأموال التي يتلقاها أفراد الحاجز من المواطنين".




عادل المحمدي (45 عاماً) يعمل سائق شاحنة نقل، يقول لـ"العربي الجديد" إن "نقاط التفتيش أرهقتنا مادياً".


ويضيف "يجب أن ندفع كي نعبر، والمبلغ الذي ندفعه يخصمه التاجر أو صاحب البضاعة من أجورنا، ونحن تلحقنا الأذية أكثر من المواطنين العاديين، فهم يعبرون الحواجز مرة أو اثنتين في الشهر لكن نحن نعبرها يومياً".





حامد الدوري تاجر فواكه وخضروات يقول: "نقاط التفتيش بضباطها ومنتسبيها من شرطة أو جيش أو حشد شعبي أو حشد عشائري تفرض علينا إتاوات، وتبتزنا لندفع المال مقابل السماح لنا بالعبور، ومن لا يدفع يضطر للانتظار أياماً وربما تحجز شاحنته وتتلف بضاعته".


ويتابع الدوري "الفواكه والخضروات والألبان والمعلبات تتلف إذا تركت تحت الشمس لفترة طويلة، لذلك يفرض علينا الضباط والمنتسبون دفع الإتاوة لنعبر، ومن لا يدفع يواجه تهمة جاهزة أو تحجز بضاعته وتترك حتى تتلف ولا يسمح له بالمرور".


أما في حال وصول سيارة فارهة أو أشخاص يبدو عليهم الثراء إلى الحاجز، عندها يجب أن (يُقَط) والـ (قط) هو مصطلح شعبي يعني أخذ الإتاوة.




ويمكن لأي عنصر أمن أن يبتز مواطنا بمبلغ كبير، إذا ادعى أن اسمه الثلاثي يتشابه مع اسم أحد عناصر "داعش" المطلوبين، عندها يجبر المواطن على دفع ما معه حتى يخرج بسلام.


أحمد محمد حسين (26 عاماً) يقول: "دفعت 600 دولار كي أنقذ نفسي، فالشرطي صار ينظر إلى حاسوب أمامه، وقال لي اسمك مشابه لاسم شخص من داعش، واقترب مني وقال يجب أن ترحّل للمحكمة فوراً، وهذا يعني أني سأسجن ما لا يقل عن شهرين أو ثلاثة أشهر ريثما يأتي دوري لمقابلة القاضي، لكنه أنقذني عندما قال لي: شكلك لا يشبه شكل داعشي، ادفع ثمن عشائنا ونحن نرتب أمرك، فدفعت 600 دولار وخرجت وكأنني ولدت من جديد، وفرحت للغاية بنجاتي".


وحذر خبراء في الأمن من تفجر الأوضاع الأمنية مرة أخرى في المدن المحررة على وجه الخصوص بسبب عمليات الابتزاز المالية التي يقوم بها ضباط وعناصر في القوات الأمنية، بمختلف صنوفها وخاصة الشرطة المحلية.


وقال الخبير الأمني عبد الخالق الراوي: "ما يحصل في المدن المحررة من عمليات ابتزاز مالية وإجبار التجار وسائقي الشاحنات وأهالي المعتقلين على دفع الرشاوى والإتاوات مقابل تسهيل إجراءاتهم القانونية ينذر بكارثة خطيرة تنتظر تلك المدن".


ويعتقد الراوي أن "الأوضاع الأمنية في المدن المحررة يهددها الاحتقان الذي بدأ يشتد بين الأهالي بسبب تزايد انتشار الرشاوى والمحسوبيات بين ضباط الأمن بمختلف المراتب، وهذا يعني إنذاراً بتفجر الأوضاع الأمنية وعودتها إلى المربع الأول".