طلاب مصر.. انتخاباتهم بشروط مجحفة وتزوير محتمل

02 نوفمبر 2015
يرفضون التعديلات الجديدة المجحفة (فرانس برس)
+ الخط -

يعبّر طلاب مصر، لا سيّما الحركات التي تمثّلهم في الجامعات، عن خشيتهم من سير الانتخابات الطلابيّة، في ظلّ شروط يرونها مجحفة على أساس اللائحة الطلابية المعدّلة أخيراً، ومع توقّع حصول تزوير.

تنطلق في الجامعات المصرية اليوم، الثلاثاء، جولات الانتخابات الطلابية المجمّدة منذ ثلاث سنوات بقرار من المجلس الأعلى للجامعات، بسبب المخاوف الأمنية، وكذلك للحدّ من المواجهات المحتملة بين الطلاب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم في مرحلة الدعاية التي تبدأ عقب فتح باب الترشّح.

بناءً على اللائحة الطلابية الجديدة المنظمة للانتخابات في الجامعات المصرية، والتي أصدرها وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أشرف الشيحي، في 18 أكتوبر/ تشرين الأول، استقبلت طلبات ترشّح الطلاب للانتخابات أمس، الإثنين، ولمدة يوم واحد، على أن تنتهي مراحل الانتخابات في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول، بانتخاب كل من رئيس اتحاد الجامعة ونائبه وتشكيل المكاتب التنفيذية لاتحاد كل جامعة.

لائحة طلابيّة بلا طالب

في الأيام الماضية، أعلنت حركات وأسر طلابية عدة رفضها لما وصفته بـ "لائحة طلابية بلا طالب"، اعتراضاً على التعديلات الجديدة التي أشرف على إضافتها الشيحي إلى اللائحة القديمة، التي كانت تنصّ على إجراء الانتخابات خلال ستة أسابيع من بدء الدراسة، واعتماد طريقة الانتخاب المباشر في اختيار رئيس اتحاد الطلاب ونائبه ورؤساء اللجان المختلفة. وقد أُسقِط ذلك من اللائحة الجديدة، التي تحدد طريقة اختيارهم على أساس التصعيد من بين أعضاء الاتحاد المنتخبين، وهو النظام الذي يقلل من وجهة نظر الحركات الطلابية، ومن فرص الحركات الطلابية الصغيرة والطلاب المستقلين لتمثيل الطلاب في بعض المناصب القيادية، من دون اللجوء إلى تفاهمات مع الكتل الطلابية المرشحة الأخرى وربط كلام ووعود في ما بينها.

وقد عبّرت حركات طلاب "مصر القوية" و"أسرة الميدان" و"الاشتراكيين الثوريين" و"صوت الميدان" و"شباب 6 أبريل" و"مقاومة" و"6 أبريل - الجبهة الديمقراطية" وطلاب "حزب المصري الديمقراطي"، عن موقفها الرافض لتلك اللائحة الجديدة في بيان واحد مشترك. واعترضت على استخدام بعض العبارات المطاطة مثل "ألا يكون منتمياً إلى جماعة إرهابية"، وهو المصطلح الذي ورد في شروط الترشح للانتخابات الطلابية وفقاً للائحة الجديدة، بالإضافة إلى عبارة "أن يكون للطالب نشاط طالبي ملحوظ"، وغيرها من الشروط "المجحفة" بحسب ما أطلقت عليها.

وأعلنت هذه الحركات موقفها في بيان تلته خلال مؤتمر، عقدته الأسبوع الماضي، جاء فيه: "الحركات الطلابية أثبتت على مدى الأربع سنوات السابقة، أنها لم تتدخل في إطار السياسة بوجه عام، وكانت ممثلاً حقيقياً للطلاب والاهتمام بالأنشطة الطلابية"، مؤكداً أن "التعديلات الأخيرة بلائحة تسلب قطاعات من الطلاب حقها في التمثيل في الاتحادات أو الحصول على مقاعد فيها، هذا ما يتضح في المواد التي تم تعديلها".

وفي تعليقها على بنود اللائحة، أوضحت في بيانها: "تمّت إضافة شرط للترشح للاتحاد بألا يكون الطالب منتمياً لجماعة إرهابية، إذن كيف ستعرف لجنة الإشراف على الانتخابات إذا كان الطالب منتميا لجماعة إرهابية أم لا؟ أم هذا تصريح مباشر بتدخل الأمن في العملية الانتخابية وشطب بعض المرشحين المعارضين للنظام أو الإدارات الجامعية؟ وجاء هذا الشرط على امتداد أن يكون للطالب نشاط طلابي ملحوظ، كشرط من شروط الترشح الذي يجعل في أيدي لجان الانتخابات المعيار في تحديد مَن بوجهة نظرها له نشاط طلابي ملحوظ، وعلى أثره يتم شطب الطلاب غير المرضي عنهم من قبل اللجان أو الإدارات الجامعية أو جهات أمنية".

إلى ذلك، اعترضت الحركات الطلابية على شروط الترشح الخاصة القائلة بضرورة أن يكون الطالب مسدداً للرسوم، لأنه شرط يُعيق بعض الطلاب عن الترشح بسبب ظروفهم المالية.

اقرأ أيضاً: شهيد ومصاب ومعتقل في كشوف جامعات مصر

مشاركة برغم الاعتراضات

على الرغم من اعتراض الحركات الطلابية في الجامعات المصرية على اللائحة الطلابية المنظمة لعملية الانتخابات، إلا أن مشاركة تلك الحركات في الانتخابات أصبحت أمراً محسوماً.

حركة "الاشتراكيين الثوريين" على سبيل المثال، أعلنت، في بيان، مشاركتها في الانتخابات الطلابية على الرغم من رفضها للائحة الطلابية وتشكيكها في نزاهة الانتخابات برمتها. وجاء في بيانها: "نرى أن المشاركة فيها واجب على كل القوى الطلابية الجادة في سعيها نحو التغيير، حيث إن المعركة تفتح، في تقديرنا، مساحة محدودة تحتاجها كل القوى الطلابية للدعاية والحشد والتنظيم بين صفوف الطلاب دفاعاً عن مكتسبات ومبادئ يناير 2011، والتي تسعى السلطة لمحوها بكل قوتها. سنخوض الانتخابات الطلابية، كتفاً بكتف، مع زملائنا من مختلف الحركات المستعدة لخوض المعركة على أرضية الدفاع عن الحقوق والحريات الطلابية في مواجهة الاستبداد والقمع الممنهج". وأضاف البيان: "سنكون شوكة في حلق النظام، وذراعه الطلابية في كل مناسبة، ولن نخلي الطريق أمامهم طواعية في أية معركة، وبغض النظر عن نتائج الانتخابات ومدى نزاهتها، فإننا سنواصل العمل بين صفوف زملائنا وزميلاتنا بكل الطرق الممكنة، وهدفنا خلق أوسع حركة طلابية ترفع لواء التغيير في الجامعات".

من جهتها، أعربت أيضاً كل من حركات "مصر القوية" و"6 أبريل" و"مقاومة و"أسرة الميدان" التابعة لحزب الدستور، نيّتها المشاركة بعد اتخاذ قرار موحّد مع الحركات الأخرى التي يصفها أعضاؤها بالـ "ثورية"، على الرغم من تخوفها من عمليات تزوير، ومع التمسك برفض اللائحة الطلابية الحالية. وقال الأمين العام لحركة "طلاب مصر القوية"، محمود شلبي، إن أهداف جميع الحركات الثورية ومطالبها ستُوَحّد، وذلك بالنزول في قوائم مشتركة لا تتضمن مرشحين تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أو الأسر والطلاب المنتسبين للإدارات الجامعية.

ووفقاً لـ "طلاب مصر القوية"، من المقرر أن يشتمل البرنامج الانتخابي للحركة على ثلاثة محاور، هي: "الحقوق الطلابية الأساسية، والحريات الطلابية، والرقابة والشفافية". وقد بدأت الحركة بالفعل في تنفيذ برنامجها منذ أيام عدة بإطلاق حملة "صندوق التكافل حقك" في مختلف الجامعات، بهدف تعريف الطلاب على حقهم في الحصول على خدمات ذلك الصندوق، الذي يعمل على تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين طلاب الجامعة غير القادرين على مواصلة تعليمهم الجامعي لأسباب اقتصادية، ولتحقيق الرعاية الاجتماعية لهم عن طريق منحهم مساعدات مباشرة وغير مباشرة، حتى يتمكنوا من مواصلة مسيرتهم في جو هادئ. كذلك يعمل الصندوق على تقديم وجبات ساخنة للطلاب غير المقيمين في المدن الجامعية.

اقرأ أيضاً: تعديلات قانون سجون مصر تفاقم أوجاع نزلائها وأهاليهم

تحالفات وتوقعات

إبراهيم محمد، من طلاب "أسرة الميدان" في جامعة عين شمس، يعتزم المشاركة في الانتخابات. يؤكد أن جميع الحركات الطلابية المستقلة، أو كما يطلقون عليها طلاب الجامعات "الثورية"، تعتزم النزول في قوائم موحدة على أن تكون كل الحركات ممثلة بالتساوي في كل قائمة. يضيف أن بند "ألا يكون الطالب منتمياً إلى أي جماعة إرهابية" لا يمنع أي طالب من الترشح، لكنه سيحدد من سيكمل مشواره الانتخابي، إذ إن "رفض أي طالب هو في يد إدارة الجامعة من دون الاعتماد على أية قواعد واضحة، وذلك على الرغم من أن الأحكام القضائية الصادرة بتصنيف الحركات الإرهابية، تقتصر على جماعة الإخوان المسلمين و6 أبريل".

أما حسام السيد من جامعة القاهرة، فيرى أن "التحالفات في الانتخابات ستتوزع، لتجتمع الحركات المستقلة في قائمة واحدة، على أن يتحالف طلاب الإخوان الذين لا يعلنون صراحة عن أنفسهم مع طلاب الحركة السلفية، في حين تخوض حركة صوت طلاب مصر معركة الانتخابات منفردة". ويوضح أنه "بحسب المتعارف عليه في جامعتَي القاهرة وعين شمس، فإن طلاب الحركات الثورية المستقلة يسيطرون على كليات كالهندسة وطب الأسنان والصيدلة، في حين أن كلية الطب تشهد نشاطاً ملحوظاً لطلاب الإخوان، وتظل الأسر التابعة لإدارات الجامعات مسيطرة على كليات كالحقوق والتجارة والآداب". ويتوقّع السيد أن "تتحكم إدارات الجامعات بنتائج اتحاد طلاب الجامعات المقبل بشكل كبير، بسبب اللائحة الطلابية الجديدة، والدعم الذي تحصل عليه حركة صوت طلاب مصر".

على خطى "جيل" جمال مبارك

في عام 1998 أسّس جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، حزب "جيل المستقبل" الذي توزّع في أسر طلابية في الجامعات، خصوصاً في جامعة القاهرة التي اتخذ منها مقراً رئيسياً. أما الهدف، فاستقطاب الشباب (نحو 45 مليون شاب في المجتمع المصري) ضمن خطة التوريث. وقد حظيت الأسر بدعم رسمي وتسهيلات من الإدارات الجامعية كافة، إلى درجة أنها احتلت مبنى معهد الدراسات التربوية (حالياً) في جامعة القاهرة، وذلك قبل أن يهجر الموظفون ذلك المبنى في عام 2011. واليوم، بعد مرور أربع سنوات على انتهاء سطوة جمال مبارك على الجامعات، ظهر كيان طلابي جديد هو حركة "صوت طلاب مصر".

حسن محمد، من طلاب جامعة عين شمس، يؤكد أن طلاب الجامعة يعرفون بوجود كيان يسمى "صوت طلاب مصر" لكنهم لا يعلمون هوية ممثليه في الانتخابات حتى اللحظة. وكانت حركة "الاشتراكيين الثوريين" قد حذّرت من ذلك الكيان الجديد، الذي راح يتردد اسمه بكثرة في حرم الجامعات المصرية. وأوضحت في بيان لها: "بالتوازي مع إحكام القبضة الأمنية على الجامعات، جرى العمل على تأسيس وتجهيز تنظيم طلابي جديد ليكون ذراعاً للنظام في الجامعات، وهكذا خرج مشروع ما يسمى بـ (صوت طلاب مصر) من أدراج الجهات الأمنية وتحول إلى واقع على يد أشخاص معروفين بولائهم الأعمى للنظام الحالي، كمحمد بدران، رئيس اتحاد طلاب مصر السابق، ورئيس حزب (مستقبل وطن) اللصيق بالسلطة".

ورأت حركة "الاشتراكيين الثوريين" أن الشهرة التي بدأ يكتسبها "صوت طلاب مصر" جاءت من حصوله على موارد غير محدودة من دوائر صنع القرار من أجل إقامة معسكرات ودورات تدريبية، ووعد الطلاب بالسفر والتوظيف بعد التخرج.

وتابعت الحركة في بيانها: "عمل (صوت طلاب مصر) على استمالة دوائر طلابية معقولة، ويخطط لخوض الانتخابات، بالتنسيق التام مع الإدارات والأجهزة الأمنية، وبهدف السيطرة على الاتحادات وتطويعها لخدمة توجهات السلطة والترويج لقراراتها بين صفوف الطلاب".

اقرأ أيضاً:"عصافير" في جامعات مصر
دلالات