طبيعة الأنظمة الرأسمالية

31 أكتوبر 2016
+ الخط -
تشعل الرأسمالية فتيل التنافس الاقتنائي الاستهلاكي، وتدخل الجميع قسراً في الامتلاك والحيازة، مولّدةً ردود فعل حاقدة لدى الفئات المهمّشة، وتوّفر بالتالي الأرضية الملائمة للرفض والتطرّف.
يوفر الطابع الاستهلاكي للرأسمالية شروط قبول الأفكار الديموقراطية الاشتراكية من المواطنين، وإذا كانت الرأسمالية هي التي أفسحت لفئات كبيرة الانخراط في العملية الإنتاجية والاستهلاكية، تحت دعوى الديمقراطية، إلا أنـّها لا تستطيع، بحكم بنيتها الداخلية نفسها، أن تساوي بين الجميع، لأنّ في ذلك قتلاً لجوهر الرأسمالية القائم على التفاوت والتنافس.
هذا المفهوم غربي النشأة، أفرزته ظروف تاريخية معينة في إطار الصراع الدائر بين الطبقات الاجتماعية، ونضال الفئات المهمّشة لفرض وجودها وحقوقها الإنسانية. وقد ساعدت وقائع وأحداث كثيرة عبر حركية تاريخية طويلة المدى في أن تصبح الديموقراطية إحدى الآليات التي تحرّك المجتمعات الغربية الديموقراطية، إلّا أنّ هذا المفهوم، كغيره من المفاهيم الإنسانية التي تدعو إلى العدالة والكرامة، استغل بشكل سلبي عبر وسائط سلطوية سياسية واقتصادية واجتماعية، منها:
استثمار مفهوم حقوق الإنسان في الغرب لمواجهة المعسكر الاشتراكي، وإبراز الوجه المشرق في الديموقراطية، وكيف يتمتع أفراد المجتمعات الغربية بالحرية والكرامة، بينما الدول الاشتراكية تحكمها الديكتاتورية والانغلاق وقمع الحريات والمسّ بكرامة المواطن وأمنه.
التدخل في شؤون وسيادة الدول المتخلّفة لأهداف مختلفة، منها تركيع الدول المتمرّدة والقبول بمنطق الغلبة والقوة، وفرض تطبيق حقوق الإنسان على الدول المتخلّفة على جميع المستويات، بهدف إيجاد سوق يبتلع ومنتوجات الدول الغربية.
تطبيق الدول المتخلّفة لحقوق الإنسان شكلياً لتلّقي الدعم والمساعدة من الدول الغربية، إلا أنّها تركز على الجانب السياسي وترفض تطبيق الجانب الاقتصادي الاجتماعي لارتفاع تكلفة هذا الجانب.
حقوق الإنسان تـهم النخبة في الدول الفقيرة أكثر ما تـهم عامة الشعب، لأنّ العامة مشغولة باليومي والبحث عن القوت والحاجيات، بينما النخبة بحكم وعيها وثقافتها واهتماماتـها ومصالحها في التنافس والاستفادة من الامتيازات التي تخوّلها لها الديموقراطية والتناوب على السلطة، فهي تعمل جاهدة لتأسيس تجارب ديموقراطية (رغم أنّ الشروط الاجتماعية لا توّفر ذلك ولا تفتح إمكانية خلق مناخ ديموقراطي صحي وحقيقي) ما قد يقود إلى هاوية التفكّك والحرب الأهلية.
كما أن التسامح (إحدى المفاهيم الأساسية التي تنهض عليها فلسفة حقوق الإنسان) لا زال شعاراً زائفاً، لأنّ طبيعة السلطة تميل إلى الاستحواذ والسيطرة والطغيان، ولأنّ شروط الديموقراطية كنظام ووعي وقاعدة فكرية متجذرة وسط الجماهير، لم تتحقّق بعد.
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
منصف بندحمان (المغرب)
منصف بندحمان (المغرب)