طبول حرب بين باكستان والهند بلا رغبة في مواجهة

02 سبتمبر 2019
من تظاهرات في باكستان تضامناً مع كشمير (Getty)
+ الخط -
على الرغم من المخاوف والتحذيرات من وقوع حرب بين باكستان والهند، على خلفية إجراءات الأخيرة في إقليم كشمير وإلغائها الحكم الذاتي في الشطر الهندي منه، يبدو أن البلدين لا يفكران في الواقع بالدخول في حرب، لا سيما إسلام أباد التي تواجه أوضاعاً معيشية واقتصادية صعبة، إلا في حال تحركت الهند نحو الشطر الباكستاني من كشمير. ولا تزال إسلام أباد تركز على الخيار السلمي وحل الأزمة عبر الحوار، وهو ما بدا في تصريح لوزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي، الذي أكد أن بلاده ما تزال تسعى للوصول إلى حل سلمي وأنها لم ترفض عملية الحوار بتاتاً "ولكن المعضلة أننا لم نر تلك الإرادة في الهند، إضافة إلى فرض نيودلهي حظر تجوال في كشمير، والظلم الذي يُمارس بشكل متواصل، ما يصعّب نجاح أي جهود للمصالحة".

وكانت تصريحات المسؤولين الباكستانيين قد دلت على تصعيد في الأزمة. فرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، قال بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الكشميري، الجمعة الماضي، إنه آن الأوان أن نلقن الهند درساً، مؤكداً أن بلاده تستخدم كل السبل والقنوات وستذهب إلى أبعد ما يمكن من أجل الوقوف في وجه سياسات الهند في إقليم كشمير بشطريه الهندي والباكستاني. واعتبر خان أن الهند لديها نوايا سيئة تجاه كشمير الخاضعة لباكستان، بعد أن أصدرت قراراً بإلغاء الحكم الذاتي للشطر الهندي، ما سيعرض الإقليم إلى التقسيم ويكون تحت حكم نيودلهي التي تعتبر الأمر شأناً داخلياً، بينما إسلام أباد كانت تدعو إلى حل وفق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.

في السياق، حذر زعيم حزب "عوامي" الوزير الباكستاني المقرب من خان، شيخ رشيد أحمد، من وقوع حرب بين الجارتين النوويتين في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قائلاً إن الحرب بين الجارتين "لا محالة ستقع، وإن الأمور تسير نحوها"، مؤكداً في تصريحات صحافية أنه في حال لم تقف باكستان في هذا الظرف مع الشعب الكشميري وتواجه سياسات الهند إزاء المنطقة فسيفوت الأوان.

في المقابل، قالت السلطات الهندية إن مسلحين دربتهم باكستان تسللوا إلى أراضيها من أجل شنّ هجمات. وقال المتحدث باسم الخارجية الهندية وريش كمار، للصحافيين في نيودلهي، إن باكستان تعمل على إرسال المسلحين من أجل شنّ هجمات داخل الهند، مؤكداً أن القوات الهندية على أتم الاستعداد لمواجهة ظرف كهذا.


وفي رده على الكلام الهندي، قال خان في تغريدة له إن "تلك الادعاءات لا أساس لها"، وإن الهند تواصل ممارسة الظلم على الشعب الكشميري، ومن أجل إخفاء جريمتها تثير مثل هذه القضايا. يأتي تبادل الاتهامات بالتزامن مع المناوشات الحدودية المتواصلة، إذ تتهم كل جهة خصمها بانتهاك الحدود وبإطلاق نار على أراضيها من دون مبرر، ما يؤدي إلى وقوع قتلى وجرحى في بعض الأحيان.

على الرغم من ذلك، فإن جهود إسلام أباد حتى اليوم تركّزت على المسار الدبلوماسي. وفي اليوم الأول لإعلان الهند إلغاء الحكم الذاتي في كشمير، أي في 5 أغسطس/ آب الماضي، شددت باكستان على أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، ومنها الحرب، إلا أنها ركّزت على بذل جهود دبلوماسية وممارسة العالم ضغوطاً على الهند لتتراجع عن قرارها. ووجّهت إسلام أباد رسالة إلى مجلس الأمن طلبت منه عقد جلسة خاصة لمناقشة الوضع في كشمير، وهو ما حصل في الـ16 من الشهر الماضي، الأمر الذي اعتبرته باكستان نجاحاً لها، ولكن خروج الجلسة بدعوة لحل الأزمة عبر الحوار من دون إصدار بيان، شكّل خيبة أمل لباكستان. كذلك تواصلت الحكومة الباكستانية مع دول العالم من أجل الوقوف معها، ولكن مواقف تلك الدول لم تكن بالشكل الذي أرادته إسلام أباد، ما دفع خان للقول في بيان، إن "الدول الإسلامية لم تقف معنا في هذه الأزمة".

مع ذلك تواصل السلطات الباكستانية من خلال القنوات المختلفة محاولة إقناع العالم وتحديداً الإسلامي بالوقوف معها في هذه الأزمة. كما قررت عقد مؤتمر في إسلام أباد قريباً ودعوة كبار الدبلوماسيين من العالم لمناقشة قضية كشمير.
داخلياً، يواجه خان انتقادات شديدة من بعض السياسيين بسبب سياساته إزاء قضية كشمير، وذهب البعض إلى القول إن ما يحصل في كشمير يأتي بموافقة الحكومة الباكستانية وتحديداً رئيسها خان. وقال زعيم الجمعية الإسلامية، أكبر الأحزاب الدينية في باكستان، المولوي فضل الرحمن، إن خان باع قضية كشمير خلال زيارته واشنطن، معتبراً أن حكومة خان معضلة أمام الشعب الأفغاني. كذلك اعتبر بلاول بوتو، القيادي في حزب "الشعب" ونجل الرئيس السابق آصف علي زرداري، أن ما حصل في كشمير يأتي ضمن خطة كبيرة وأن خان وافق على ذلك.

ولكن على الرغم من هذه الانتقادات، استطاعت الحكومة إحداث حراك كبير في الداخل لصالحها، إذ شهدت البلاد تظاهرات ومسيرات واحتجاجات منددة بقرار الهند ومتضامنة مع الشعب الكشميري، الذي يعيش منذ الخامس من الشهر الماضي تحت حظر تجول من قبل السلطات الهندية. وبالنظر إلى الواقع والمؤشرات الموجودة على الأرض، يبدو الخيار العسكري أمراً مستبعداً، ويبقى الحراك الدبلوماسي الأبرز، وسط خيارات مفتوحة أمام باكستان في هذا الصدد.