لم يكن مفاجئاً ظهور طارق محمد عبدالله صالح، القائد الأبرز للقوات الموالية للرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قبل مقتله، بعد تأكيد نجاته وإفلاته من مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لكن المفاجئ، كان التصريح الذي أطلقه من محافظة شبوة، تحت حِمى التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، مكرراً من خلاله خطاب عمه الدعوة إلى إيقاف الحرب ورفع الحصار. الأمر الذي أثار جدلاً، حول دوافع التصريح الصادر عن أبرز الناجين من فريق صالح، والذي بدا أنه بات رهاناً جديداً في معركته مع الحوثيين، وإن بدا تصريحه للوهلة الأولى مخالفاً لهذه التقديرات.
في هذا السياق، أكدت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد"، أن "طارق صالح الذي ظهر للمرة الأولى، يوم الخميس الماضي، في محافظة شبوة الجنوبية، توجه بحماية من قوات تدعمها الإمارات أو ما يُعرف بالنخبة الشبوانية. وحلّقت مروحية عسكرية تابعة للتحالف، أثناء تنقله، على ما يبدو لتأمين موكب". وأضافت أن "طارق الذي اشتهر بتعليقات غير لائقة بنظر البعض، في موقع تويتر، اختار الظهور الأول، بزيارة أسرة رجل عمه الوفي، الأمين العام لحزب المؤتمر العام، عارف الزوكا. وهو الرجل الثاني الذي قُتل إلى جانب صالح، وبات مضرب المثل، بالوفاء بالنسبة لحزبه، إذ تردد أنه رفض طلب صالح بمغادرة منزله، قبل اقتحامه من قبل الحوثيين".
وأكدت مصادر قريبة من المؤتمر لـ"العربي الجديد"، أن "طارق صالح يتواجد في مناطق الشرعية منذ أسابيع"، من دون تحديد المحافظة التي يقيم فيها، رغم أن بعض التقديرات أفادت بأنها مدينة عدن ومحيطها، الواقع تحت سيطرة القيادة الإماراتية في التحالف. وكانت أبوظبي قد عُرفت منذ سنوات بأنها الأقرب بالنسبة لأفراد عائلة صالح، ويقيم فيها نجله الأكبر، أحمد علي عبدالله صالح، تحت الإقامة الجبرية بناءً على العقوبات الدولية المفروضة عليه بقرار مجلس الأمن 2216، الصادر في إبريل/نيسان 2015.
وعلى الرغم من أن طارق صالح، موجود في مناطق التحالف، إلا أن تصريحه المطالب بـ"رفع الحصار"، على الأقل، بدا غريباً، وقد حمل العديد من التفسيرات، بحسب مراقبين، اعتبروا أن "من تلك التفسيرات ما له علاقة بالجهود العُمانية المبذولة للإفراج عن أفراد من عائلة صالح لدى الحوثيين".
وأفادت مصادر سياسية قريبة من الشرعية لـ"العربي الجديد"، أن "المرجح هو أن يكون لطارق صالح دور عسكري في المرحلة المقبلة، لكنه لن يؤثر على موازين القوى العسكرية الحالية وتحالفاتها مع التحالف، بقدر ما يمكن أن يؤدي دوراً في مناطق محددة. وكل ذلك يعتمد على ما تبقى لديه من قدرة على التواصل مع شخصيات قبلية وعسكرية في مناطق سيطرة الحوثيين". من جهتهم، قلّل العديد من الإعلاميين والناشطين في صفوف الشرعية، من "أي دور يمكن أن يؤديه طارق صالح، بل لو كان قادراً على فعل شيء، لفعل قبل مغادرته هارباً من الحوثيين".
واتُهم بتورطه في "مجزرة الكرامة" التي ارتكبها مسلحون موالون لنظام صالح، إبان الثورة عليه في 18 مارس/آذار 2011، التي قُتل فيها نحو 50 متظاهراً بدم بارد، ومثلت تحولاً مفصلياً في مسار الثورة ضد صالح. كما اعتُبر بأنه "أخفق كقائد للحرس الخاص، في الحادث التي تعرض له عمه مع كبار معاونيه، في مسجد دار الرئاسة في الثالث من يونيو/حزيران 2011، وأصيب على إثرها صالح إصابات بليغة.
ومع تسلم الرئيس عبدربه منصور هادي السلطة، أطاح بطارق صالح من منصبه كقائد لقوات الحرس الخاص (الحرس الرئاسي)، وعينه قائداً للواء عسكري في حضرموت، إلا أنه لم يتسلم قيادته. وعُين لاحقاً ملحقاً عسكرياً لسفارة اليمن في ألمانيا، وهو تعيين أبرز ما فيه إبعاده من اليمن. ومنذ عام 2014، عاد طارق صالح، كأبرز قائد إلى جانب عمه، وخلال الحرب مع الشرعية والتحالف، وفي الأشهر الأخيرة، وبالتزامن مع تصاعد الخلافات بين صالح والحوثيين، أسس طارق صالح، معسكراً تدريبياً جنوب صنعاء، عُرف بـ"معسكر الشهيد الملصي". وعلى الرغم من إعلانه أن "المدربين هم لتعزيز جبهات المواجهات مع التحالف"، إلا أن المعسكر أثار ريبة الحوثيين ودفعهم لتعزيز نفوذهم في صنعاء والاستعداد للمعركة، التي وصلت إلى الانفجار، مطلع ديسمبر/كانون الأول، الماضي، وحسمها الحوثيون بقتل صالح.