طارق الهاشمي لـ"العربي الجديد": العراق قُسِّم بالفعل

27 اغسطس 2014
"لا حل بالعراق إلا باجتماع المكونات السياسية"(عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -
يعاني سكان مدينة إسطنبول أزمة المرور اليومية الخانقة، بعكس زوار نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي. ينتقل هؤلاء في سيارات دبلوماسية من أماكن إقامتهم إلى مكتب الهامشي المشرف على المدينة. تطلق السيارة صفارات الإنذار، وتنطلق على خط الطوارئ السريع لتختصر زحمة مدتها ثلاثة ساعات، بنصف ساعة فقط. يقع مكتب الهاشمي في مبنى خاص وتحيطه إجراءات أمنية مشددة. يدخل الزوار بموجب تصاريح، وتقل الحركة في الداخل إلى الحد الأدنى. في مكتبه، يحضر العراق بتفاصيله اليومية، ولكن يغيب العلم العراقي الذي أراد الهاشمي أن يظلل به خلفية الصورة حيث يجلس.

 من هناك، يتابع الهاشمي مع عدد قليل من مساعديه، "مجزرة ديالى" (مسجد مصعب بن عمير) التي ذهب ضحيتها عشرات المصلّين. يختصر الوضع في العراق بالقول إن "الصراع في العراق وجودي، ولا حل إلا باجتماع المكونات العراقية لتحديد مستقبل البلد".
يفرد الهاشمي خريطة للعراق، ويشير بإصبعه إلى الطاولة ليحدد أماكن الاشتباك في العراق: "المناطق الكردية في غليان، وكذلك حزام بغداد، والمحافظات السنية، أما المناطق الشيعية فهي في حالة هدوء تام".

يحذر الهاشمي من كون خطر التقسيم قد وقع بالفعل، فـ"التقسيم قد تم فعلاً وكل مكون يحاول الحفاظ على الأمن في مناطق نفوذه، لا يحتاج الأمر سوى إلى إعلان رسمي بالتقسيم". يعزو الهاشمي الهدوء في المناطق الشيعية إلى "وعي الحراك السني الذي يرفض استهداف الشيعة، وحده تنظيم الدولة (داعش) من يهاجم الشيعة".

يرى الهاشمي في خطر "داعش" جزءأً من أزمة العراق الأكبر: "لا أقبل المنطق الغربي لناحية النظرة إلى الأحداث في العراق، فالوضع في العراق معقد منذ ما قبل داعش، والسنة ثاروا لمدة ثمانية شهور بعد سنوات من التهميش والملاحقة باسم القانون، ولم يصدر أي موقف دولي يسأل الحكومة العراقية الطائفية عما تفعله".

يقول الهاشمي إن الحراك السني المسلّح "مؤقت، وأهلي سيعودون عن حمل السلاح بعد رفع المظلمة، فلا يعقل أن يوصم كل السنّة في العراق بالإرهاب ويجلسون من دون الدفاع عن أنفسهم". يبرر الهاشمي حمل السنة في العراق للسلاح بـ"الإقصاء الذي طالهم لسنوات، فالسنة شاركوا في العملية السياسية بعد أن قاوموا المحتل، فأتى مَن في السلطة لمعاقبتهم على قرار المقاومة، وأقصى رموزهم".

يتحدث الهاشمي عن الإقصاء بحدة، فهو غادر بغداد إلى إقليم كردستان في أبريل/نيسان 2012 بعد حكم بالإعدام صدر بحقه في قضايا تتعلق بالإرهاب، قبل أن يستقر في إسطنبول. يرفض الهاشمي الحديث عن الإقامة بشكل نهائي في تركيا، أو الحصول على جنسيتها، إذ "كل ما أطلبه هو محاكمة عادلة حتى أعود إلى وطني وأتابع مشاكل أهلي عن قرب".

ينظر الهاشمي بإيجابية إلى التطورات السياسية الأخيرة في العراق، "فرحيل نوري المالكي عن السلطة وانتخاب برلمان جديد أمران جيدان، لكنهما لا يكفيان لمقاربة مشاكل العراق". تحتاج الأزمة العراقية، بحسب الهاشمي، إلى "اجتماع وطني يعيد اللحمة الوطنية، ويجدد رفض الفكر التكفيري الذي جاء إلى العراق من الخارج وهو ليس أصيلاً فيه".

يتحدث الهامشي عن خطر "الفكر التكفيري" الذي يحمله تنظيم "داعش": "انتشر هؤلاء في سورية والعراق، وأضرّوا بالثورة في كلا البلدين". ولدى سؤاله عن المستفيد من أعمال هؤلاء، يجيب الهاشمي باختصار: "إنها إيران، الدولة صاحبة النفوذ الأول والأقوى في العراق".

المساهمون