بعد فشل دول محور الحصار في التسويق لمصداقية الحملة على قطر في الدول الغربية الرئيسية وبروز مواقف دولية حاسمة رافضة للحملة، عاد معسكر التصعيد إلى الضغط على عدد من الدول العربية لاتخاذ مواقف مناهضة ضد قطر. ولم يعد يقتصر الأمر على السودان، حيث وجد السفير السعودي لدى الخرطوم، علي بن حسن جعفر، مضطراً للتراجع عن ضغطه العلني على الحكومة السودانية بالقول إنه لم يطلب منها أن تتخذ موقفاً محدداً من الأزمة مع قطر، وإن ما صدر عنه مجرد تمنٍّ إذا قابلت الدوحة المطالب (قائمة الإملاءات) بالرفض، وذلك بعد الاستنكار الواسع الذي قوبلت به ضغوطه. وتجددت التحركات السعودية الإماراتية في العراق أيضاً، لكنها اصطدمت بموقف عراقي يصرّ على الالتزام بالحياد.
وقال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية العراقية في البرلمان، محمد العبد ربه، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن "العراق تعرض في الأيام الماضية إلى ضغوط من هذه الدول (دول الحصار) لقطع العلاقات مع قطر بشكل نهائي والاصطفاف مع الدول المحاصرة لكن الحكومة رفضت". وأضاف أنه "اليوم، وفي هذا الوقت تحديداً، لا نريد أن نقف بجانب دولة ضد أخرى. وأعتقد أن أحد الأخوة الصحافيين سألني بالأمس (يوم الخميس) عن التصريحات التي تخصّ السيد رئيس الجمهورية (فؤاد معصوم) الأخيرة حول قطر في ما يتعلق بأموال قطر المودعة في البنك المركزي، وأبلغته أن هناك ضغوطاً تمارس على مختلف مستويات الدولة العراقية، وتحاول هذه الدول كسب العراق ودول أخرى لتصبح ضد قطر"، وفق تعبيره.
بدوره، كشف وزير عراقي بارز في بغداد، تحدث مع "العربي الجديد"، عن أن "اتصالات جرت على مستوى وزراء السعودية والإمارات مع المسؤولين العراقيين، ركزت على طرح تهم جديدة ضد قطر تتعلق بالعراق، وتم طرح مسألة إصدار بغداد بيانا رسميا يدين الدوحة ويعلن عن موقف سلبي منها، إلا أن رئيس الوزراء رفض ذلك وأبلغهم أن موقف بغداد على الحياد من الأزمة ولن يتقاطع مع أي دولة". وأكد الوزير نفسه أن رئيس الوزراء قرر عدم الاصطفاف، كما أنه "يرفض أن يكون في دور التابع بالأزمة على غرار دول أخرى"، على حد وصفه. ولفت إلى أن "السعودية أطلقت سراح سجين عراقي قريب لأحد المسؤولين في التحالف الشيعي الحاكم كبادرة حسن نية، وأعربت الإمارات عن دعمها للمشاركة في إعمار المدن المحررة في العراق"، بحسب قوله. مع العلم أن السلطات السعودية أطلقت يوم الأحد الماضي معتقلاً عراقياً محكوماً بالسعودية بتهمة رفع شعارات طائفية بموسم الحج العام الماضي، وهو قريب للقيادي في "التحالف الوطني"، عضو حزب "الدعوة"، علي الأديب.
كذلك أوضح الوزير العراقي نفسه أن العبادي أهمل طلبات الجناح الإيراني داخل "التحالف الوطني" بزعامة نوري المالكي، بقطع العلاقات مع قطر. وتشن أحزاب ومليشيات عراقية، ضمن ما يعرف بـ"الحشد الشعبي"، هجوماً إعلامياً منذ أيام على قطر تماشياً مع الحملات الإعلامية لدول الحصار، رافقتها طلبات لحزب "الدعوة" الذي يتزعمه المالكي، لقطع العلاقات مع الدوحة كان أبرزها إعلان القيادي في الحزب، عضو البرلمان، منصور البعيجي، عزمه تقديم طلب للحكومة لقطع العلاقات مع الدوحة بشكل نهائي.
بدوره، أوضح عضو اللجنة المالية العراقية في البرلمان، عبد الجبار العبادي، أن المبالغ المالية القطرية لا يحق لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء البت بها والموضوع بيد لجنة مشتركة قضائية والأموال مودعة في البنك المركزي. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن في حديث سابق له، رفض بلاده الحصار المفروض على دولة قطر، مبيّناً أن العراقيين عانوا سابقاً من الحصار ويعلمون جيداً ما هو وقعه، كونه يستهدف الشعب، معرباً عن أمله بأن تنتهي الأزمة بسرعة.