صعّد تحالف اللوبيات الإسرائيلية والسعودية والإماراتية في واشنطن الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أجل تجميد المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، وتوسيع العقوبات الأميركية ضد "حزب الله"، كي تشمل أيضاً المؤسسات الحكومية اللبنانية، بما فيها الجيش والمصرف المركزي في لبنان. لكن مسؤولاً في البيت الأبيض أكد استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني، نافياً أن يكون "حزب الله"، المدرج على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية، قد استفاد من المساعدات الأميركية المخصصة للجيش اللبناني.
ونشر موقع " واشنطن فري بايكون" تقريراً للكاتب الأميركي الإسرائيلي، آدم كريدو، انتقد فيه سياسات إدارة ترامب تجاه إيران و"حزب الله". واستغرب التقرير استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني، على الرغم من استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، التي أكدت سيطرة "حزب الله" على مفاصل الحكم في لبنان. وأشار إلى انتقادات وجهها مسؤولون أميركيون لإدارة ترامب، لأنها ما زالت تعتمد السياسات الأميركية السابقة، التي شجعت التمدد الإيراني في سورية والعراق. كما أبلغت إسرائيل إدارة ترامب أنها قلقة بشأن الوضع في لبنان. ونقلت "واشنطن فري بايكون" عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قوله إن "وزارتي الخارجية والدفاع تتبنيان وجهة نظر خاطئة تعتبر أن حزب الله والدولة اللبنانية هما كيانان منفصلان، بينما تؤكد المعطيات والمعلومات المتوفرة لدى أصحاب القرار أن حزب الله يسيطر على مختلف مفاصل الدولة اللبنانية". وأضاف المسؤول الأميركي "حلفاؤنا في الخليج وإسرائيل هم أكثر دراية بدور حزب الله المفصلي في لبنان، بينما نحن مصرون على إنكار هذا الواقع المؤسف رغم البراهين الواضحة على ذلك".
وتتزامن الاتهامات الموجهة لإدارة ترامب بمساعدة "حزب الله" مع تحرك في الكونغرس، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ قدمت عريضة طالبت إدارة ترامب بإبلاغ الكونغرس عن خطتها لمواجهة النفوذ الإيراني في سورية. وحسب بعض الخبراء فإن سياسات الولايات المتحدة ما تزال تتفق مع المصالح الإيرانية أكثر من اتفاقها مع مصالح اسرائيل والسعودية الساعيتين إلى محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة. ورأى السيناتور الجمهوري، تيد كروز، المعروف بولائه للمصالح الإسرائيلية، أن استقالة الحريري دليل على تزايد النفوذ الإيراني في لبنان من خلال "حزب الله". واعتبر أن "الوقت قد حان لتعيد الولايات المتحدة النظر في مسألة المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني وتراجع استراتيجيتها في لبنان"، فيما طالب النائب الجمهوري، برينان ماست، بتحرك سريع للكونغرس للتعامل مع المستجدات والبت في مسألة المساعدات العسكرية.
ونقل الموقع عن مسؤول في مجلس الأمن القومي الاميركي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إنه "آن الأوان كي توقف الولايات المتحدة مساعدة الوهم المسمى لبنان، على اعتبار أنه دولة مستقلة"، فيما قال مصدر رفيع المستوى في الكونغرس إن على إدارة ترامب القيام فوراً بفرض عقوبات على "حزب الله" ووقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني المتهم بتمرير الأسلحة الأميركية إلى الحزب. واعتبر المصدر أن على الولايات المتحدة مواجهة إحكام طهران السيطرة على لبنان من خلال مليشيا "حزب الله"، وذلك بفرض عقوبات جديدة وتجفيف قدرة الحزب المالية على تمويل عمليات إرهابية.
وحسب تقرير " فري بايكون" فإن ما يفاقم الأمور أن الاتهامات الجديدة لإدارة ترامب بتسليح "حزب الله" بطريقة غير مباشرة، جاءت بعد اتهامات من أعضاء في الكونغرس للقوات الأميركية في العراق بتدريب وتسليح مليشيات تابعة لإيران. ورأى دبلوماسي أميركي سابق أن إدارة ترامب لا تزال تعتمد على استشارة مسؤولين كانوا في إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما. وقال "الرئيس ترامب أعلن على الملأ دعمه الكامل للسعودية وإسرائيل، اللتين تؤكدان أن حزب الله مسيطر سياسياً وأمنيا على لبنان. لكن هناك أطرافا في إدارة ترامب ما زالت تعيش في الوهم الذي أوجدته إدارة أوباما بأن تقديم الدعم للجيش اللبناني يحرر لبنان من السيطرة الإيرانية".
وفي حين شددت وزارة الخزانة الأميركية من العقوبات المالية على "حزب الله" من أجل تجفيف مصادر تمويله، فإن ثمة اتجاهاً متشدداً ضد الحزب يطالب بإجراءات أكثر صرامة، ويدعو إلى تضييق الخناق على أنصار "حزب الله" في الولايات المتحدة، خصوصاً في ولاية ميشيغن حيث تقيم جالية لبنانية كبيرة في مدينة ديربورن. وتتخوف الأجهزة الأمنية الأميركية من خلايا نائمة للحزب في الولايات المتحدة، قد تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي من خلال القيام بأعمال إرهابية. وتذهب بعض الجهات الأميركية المتأثرة باللوبي الإسرائيلي إلى التلويح بعمليات ترحيل فوري لكل من يثبت تقديمه أي دعم مالي أو لوجستي إلى "حزب الله".