انضم كمال زيدان ابن (18 عاماً) إلى قافلة رافضي التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال الإسرائيلي المفروض على الشبان الفلسطينيين الدروز في الداخل الفلسطيني. كمال ابن قرية بيت جن يقبع حالياً في سجن عتليت العسكري لرفضه للمرة الثانية للتجنيد الاجباري.
وقال كمال للمحكمة العسكرية بتل أبيب يوم 15 أبريل/نيسان الجاري عند اعتقاله للمرة الأولى:" أنا العربي الفلسطيني لن أخدم جيشكم وأطلب إسقاط أمر التجنيد عني. كيف أخدم وأنتم من قتل وذبح وهجّر شعبي، كيف أخدم وأنتم من سلبتم وصادرتم أرضي، كيف أخدم وقد بنيتم كيانكم على أنقاض حلمي، لن أخدم وإن كان لا بدّ من السجن فليكن لي منه حِصّة أسوة بمئات آلاف الأحرار من أبناء شعبي. الخوف فكرة".
وفرضت السلطات الإسرائيلية عام 1956، الخدمة العسكرية الإلزامية على الشبان الذكور منهم، بالاتفاق مع القيادة الروحية حينها وباستثناء الشبان المتدينين. ومنذ ذلك الوقت واجه هذا القانون معارضة من أبناء الطائفة الدرزية وزج جزء منهم في السجون العسكرية لرفضهم التجنيد الاجباري. وجزء آخر كان يختار الرفض عن طريق المسار الطبي للتهرب من التجنيد.
وفي السياق، يوضح خالد فراج ناشط بالحراك "أرفض شعبك يحيمك"، لـ "العربي الجديد": أن كمال زيدان اختار منصة "أرفض شعبك يحميك" لإعلان رفضه للتجنيد الاجباري، لنفس المبادئ بسبب الهوية العربية الفلسطينية.
ويتابع " أنا رفضت الخدمة سنة 1999 من قرية الرامة واعتقلت شهرين. هناك ضغوطات يتعرض لها شباب الدروز بشأن التجنيد الاجباري، منها المحيط والعائلة المصغرة والموسعة والبلدة. ليس كل رافض للتجنيد يخرج من بيت داعم مثل ما حصل معي أو مع كمال.. هناك رافضين يجدون صعوبات إذا لم يدعمهم المحيط، فالسجن ليس سهلا لشاب رافض يكون قد أنهى مدرسته الثانوية وبسبب رفضه يواجه مؤسسة سجنية تخيفه بشكل مستمر".
ويضيف فراج:" السجن العسكري يشبه معسكر الجيش، وكمال يواجه ضغوطات لأنه يرفض أوامر يأخذها من السجن أيضا فيضعونه في الانعزالي.. في السابق كان الرافضون للتجنيد يعتقلون سنتين أوثلاثة، اليوم تقتصر فترة الاعتقال على خمسة إلى ستة أشهر، وأول ما يقوم به الجيش هو أن يغير نظرة الرافض عن التجنيد، وإخماد ظاهرة الرفض العلني كي لا تشجع شبابا آخرين".
ويوضح المتحدث" هناك عدة مسارات لرفض التجنيد، أكثرها شيوعا الرفض الطبي النفسي عن طريق استخراج شهادة طبية أو نفسية تعفي من الجيش، مشيرا إلى أن 90 بالمائة من الحالات لشبان الدروز تأخذ رفضا طبيا".
ويضيف فراج، "حدثنا كمال زيدان عن وجود 15 شابا درزيا معه في السجن يرفضون التجنيد ولكن بشكل غير علني. فهناك من يرفضون دون التعرض للضغوطات، يفعلون ذلك دون الإعلان. وفي مؤتمر هرتسليا سنة 2008 تم الاعتراف بأنه هاك تراجع في عدد المجندين الدروز وتصل النسبة الى 48 بالمائة".
حلا مرشود ناشطة في حراك "أرفض شعبك يحميك" تقول:" نحن حملة فلسطينية شبابية تهدف إلى إسقاط التجنيد الإجباري. ونشدد على أنها قضية فلسطينية وليست شأنا درزيا داخليا".
وتضيف "تأسس الحراك سنة 2014 ليكون صوت الرافضين، نعمل على ثلاثة أصعدة في الحراك، أولا دعم الرافضين للخدمة الاجبارية، ثانيا في المجال التوعوي وسياق الهوية بالأساس نقوم بتنظيم ندوات درزية للشباب، وثالثا نعمل مع المجتمع الفلسطيني كله بالأساس لكسر الصورة النمطية عن الدروز، وتوضيح السياق التاريخي وعملية غسيل الدماغ التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية".
وتوضح مرشود:" بعد مرور قانون القومية في الصيف الأخير بالكنيست هناك ارتفاع ملحوظ بعدد التوجهات من قبل الشباب الدرزي لخط الدعم الرافض (...) قانون القومية لم يجدد شيئا فهو جزء من المؤسسة الإسرائيلية".
وتشير إلى وجود تغيير داخلي في المجتمع الدرزي الفلسطيني وزيادة عدد الرافضين للخدمة الإجبارية "وهذا مبارك".
من جهته يقول المحامي يامن زيدان والد كمال زيدان والمرافع عنه في المحاكم المدنية:" المرة الأولى اعتقل يوم 14 أبريل/نيسان 2019 لمدة خمسة أيام والمرة الثانية اعتقل يوم 28 من الشهر نفسه لمدة سبعة أيام لرفضه التجنيد والانصياع للأوامر والتعليمات العسكرية، عملية رفض خدمة التجنيد للجيش وفق القانون العسكري تعتبر من المخالفات المستمرة، وهي غير قانونية وفق القوانين الدولية العادلة".
ويتابع "قدمت التماساً تمهيدياً يوم أمس للنيابة العسكرية والنيابة العامة ضد قرار رفض طلبه بإعفائه من الخدمة لأسباب قومية ووطنية. علمًا أن ضابط التجنيد قام برفض طلب الإعفاء مبررًا ذلك بحجتين: الأولى أن كمال أعرب عن نيته بدء الدراسة الجامعية إما في جامعة حيفا أو في جامعة القدس، الثانية أن كمال عمل في مقهى "أروما" لمدة 5 أيام".
"وعلى هذه الحجج أسند ضابط التجنيد قراره بإسقاط أي صلة أو علاقة لكمال بالقومية العربية معللًا ذلك بأن المذكور في الحجج أعلاه يشير إلى أن لكمال نية الاشتراك في الحياة الاجتماعية في دولة إسرائيل وعليه فإن هذه النية في الاندماج أو الاشتراك في سوق العمل والدراسة الأكاديمية تسقط عنه انتماءه العربي".
ويضيف:" بصفتي والده أرى أن كل هذه الإجراءات هي ظالمة من دولة تدعي الديمقراطية وتحاول أن تفرض على مواطنين بهذه الدولة التجنيد الإجباري، الدروز في المشرق العربي هويتهم عربية ثابتة لا تتغير ولا تتزحزح مع وجود احتلال أو استعمار، وبالتالي فهذا شيء هزيل وخرق أساسي لأبسط حقوق الإنسان".