ضعف الأسد والتجاوب الروسي يزيدان من شهية إسرائيل

30 مايو 2018
يخشى الأردن اللجوء السوري (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -



يشير البيان الذي أصدره ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، منذ يومين، بشأن رفض إسرائيل لأي وجود عسكري إيراني في أي بقعة من سورية، إلى تكريس ضعف نظام بشار الأسد وتعلّقه المطلق بالإرادة الروسية المتمثلة في الأيام الأخيرة بالتأكيد على موقف روسيا بعدم جواز بقاء أي قوة عسكرية على امتداد الحدود بين سورية وبين فلسطين المحتلة، سوى قوات النظام السوري.

وجاء التطور في رفع سقف المطالب الإسرائيلية بشأن رفض أي وجود عسكري لإيران أو مليشياتها، في ظل التجاوب الذي أبدته روسيا إزاء المطالب الإسرائيلية التي كانت سابقاً حتى إعلان الاتفاق الثلاثي الأردني الروسي الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بشأن مناطق خفض التوتر في جنوب سورية، وهو نفس الاتفاق الذي ذكرت تقارير إسرائيلية العام الماضي، أن "إسرائيل شاركت في المباحثات التي سبقت إعلانه".

إلى ذلك تؤشر الزيارة التي يبدأها اليوم الأربعاء في موسكو وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، ولقاؤه المرتقب غداً الخميس مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، إلى مدى التقدم الذي أحرزته التفاهمات الروسية الإسرائيلية، في سياق ترسيم توزع قوات النظام السوري مقابل الحدود مع فلسطين المحتلة، ووضع التفاصيل للخطوط العريضة المذكورة والتي ستنصّ مبدئياً على "عدم بقاء قوات إيرانية أو موالية لإيران على الحدود الجنوبية لسورية".

ولم تبدُ روسيا بعيدة عن كل ذلك، بإعلان ممثل الرئيس الروسي في الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس أن "الاتصالات مع الأردن والولايات المتحدة بشأن المنطقة الجنوبية لخفض التوتر في سورية مستمرة، وهناك اتفاق على فكرة عقد اجتماع لممثلي الدول الثلاث".

وترى الحكومة الإسرائيلية في التجاوب الروسي مؤشراً على "مرونة في روسيا بفعل مصالحها بالتوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة، بما في ذلك حول الموقف الأميركي من أزمة أوكرانيا، وفي ظلّ رغبة روسيا في عدم تعريض مصالحها في سورية للخطر، لا سيما في إطار تغيير إسرائيل موقفها الحالي بشأن عدم التدخل فعلياً في القضية السورية والسعي إذا اقتضت الضرورة إلى إسقاط النظام السوري كلياً بما يهدد بنسف كل الإنجازات الروسية في سورية".

ويبدو أن هذا التجاوب وهذه المصالح الروسية، إلى جانب إذكاء التوتر بين روسيا وإيران، عوامل زادت من شهية إسرائيل وبدلاً من الشروط التي كانت تضعها وتعلنها حتى قبل أسبوعين بشأن إبعاد القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها إلى مسافة 60 كيلومتراً عن نقاط الحدود، كرر نتنياهو خلال اليومين الماضيين مطلب رفض أي وجود عسكري لإيران على كامل الأراضي السورية، بالاعتماد على التأييد المطلق الذي تحظى به إسرائيل من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.



إلى ذلك يشكل التوتر الحاصل في العلاقات بين روسيا وإيران مصدر حبور لإسرائيل، إذ أعلن المدير العام لوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية يوسي كوبرفاسر، في لقاء مع الصحافيين الأجانب، أن "إسرائيل متفائلة من نجاحها في دق إسفين بين روسيا وإيران في الشأن السوري". ووفقاً لأقواله فإنهم "في إسرائيل سيشعرون أن روسيا محبطة من الوجود الإيراني في سورية وأنها تخشى أن يضرب النزاع بين إسرائيل وإيران في سورية المصالح الروسية". وسبق للصحافة الإسرائيلية أن أشارت منذ مطلع الأسبوع إلى تقديرات إسرائيلية بميل روسيا إلى القبول بالموقف الإسرائيلي بشأن الوجود العسكري الإيراني.

من جهته، سعى مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، عاموس أيلون، إلى "التخفيف من تعليق الآمال على التفاهمات الروسية الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "إيران ليست طرفاً في هذه التفاهمات، وأن النظام السوري لم يعلن لغاية الآن موقفاً معارضاً للوجود الإيراني على الأراضي السورية".

في المقابل، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر دبلوماسي قوله للصحيفة الأسبوع الماضي، إن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مارس ضغوطاً على الأسد لتخفيف حدة النشاط العسكري لإيران في سورية، لتفادي مواجهة عسكرية واسعة بين قوات النظام وبين إسرائيل". وأقرّ المصدر نفسه للصحيفة هذا الأسبوع بأن "نظام الأسد نقل لإسرائيل عبر روسيا رسالة عن انسحاب القوات الإيرانية من الجولان".

لكن التصريحات الروسية بشأن عدم بقاء أي قوات أجنبية عند الحدود الجنوبية لسورية موجهة أيضاً بحسب الصحيفة للأردن. وقد أجرى الأردن وروسيا والولايات المتحدة مباحثات أخيراً وقبيل توجه قوات النظام لمحاولة استعادة السيطرة على جنوب سورية. وطالب الأردن خلال هذه المحادثات بضمانات أميركية وروسية بشأن عدم تقدم أو اقتراب قوات إيرانية من حدود الأردن مع سورية، وألا يتدفق لاجئون سوريون على الأردن بفعل العمليات الحربية التي يعتزم جيش الأسد القيام بها لتأمين سيطرته على جنوب سورية.

ويستدل من التطورات الأخيرة وتكرار إعلان روسيا مطلب خروج القوات الإيرانية والموالية لها من سورية، مع زيارة ليبرمان اليوم لروسيا من جهة، وتوجه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شباط الأسبوع المقبل إلى واشنطن لتنسيق المواقف مع الولايات المتحدة، إلى أن تقدما في هذه المباحثات، قد تم بالأساس بفعل ضعف النظام السوري لدرجة قد تدفعه في نهاية المطاف وتحت الضغوط الروسية إلى القبول والتسليم بالشروط الإسرائيلية والأردنية بشأن خروج القوات الإيرانية كلها من كامل الأراضي السورية، أو على الأقل إبعاد هذه القوات والمليشيات عن الحدود الجنوبية لسورية لمسافة 60 كيلومتراً وفقاً للمطلب الإسرائيلي الأصلي.