تكرّ سبحة الاستقالات من البيت الأبيض، وآخرها تنحي مديرة الاتصالات في البيت الأبيض، هوب هيكس، بعد ساعات من الكشف عن تجريد مستشار الرئيس الأميركي، صهره جاريد كوشنر، من امتياز الاطلاع على الوثائق المصنفة في غاية السرية، ليزداد الخناق أكثر على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصاً مع انتقال المحقق الخاص في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، روبرت مولر، إلى مرحلة جديدة من التحقيقات في الاختراق الروسي لحملة ترامب الانتخابية، وبدء فريقه الاستقصاء عن العلاقات المالية لشركات الرئيس واستثماراته في روسيا قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وتُجمع الآراء في واشنطن على أنه بات من المستحيل أن يستمر كوشنر في القيام بالمهمات الحساسة نفسها التي يقوم بها في البيت الأبيض كأحد أكبر مساعدي الرئيس، وكمبعوث للسلام في الشرق الأوسط، بعد حرمانه من الامتيازات الأمنية التي كانت تخوّله الاطلاع على التقارير الاستخباراتية والوثائق المصنفة في غاية السرية.
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى مخاوف الجنرالات في البيت الأبيض، مدير الموظفين الجنرال جون كيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي الجنرال اتش ار ماكمستر، إضافة إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس، من اجتماعات عقدها كوشنر مع مسؤولين أجانب من دون علم الجهات الرسمية المعنية في البيت الأبيض.
على أن هذه التطورات ستكون لها تداعيات على "صفقة القرن" التي أوكل ترامب أمر عقدها لصهره كوشنر، بهدف إيجاد تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع إشارة مصادر في البيت الأبيض إلى استحالة استمرار كوشنر في القيام بدوره كمبعوث أميركي خاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، على اعتبار أن هذه الوظيفة تتطلب دراية واطلاعاً على معلومات في غاية السرية عما تشهده بلدان الشرق الأوسط.
ومن المرجح أن يطبّق الجنرال كيلي على كوشنر ما جاء في المذكرة التي أصدرها بشأن تشديد الالتزام بالقواعد التي تحددها الامتيازات الأمنية الممنوحة لموظفي البيت الأبيض، وذلك على خلفية استقالة روب بورتر، سكرتير الرئيس الخاص، بعد الكشف في وسائل الإعلام عن اتهامات بالعنف الأسري كانت قد وجهتها له زوجتاه السابقتان، وكان البيت الأبيض على علم بها ولم يسارع إلى إقالة سكرتير الرئيس الذي يطلع على وثائق مهمة جداً ويحضر اجتماعات إلى جانب الرئيس قد تتناول قضايا ومعلومات في غاية السرية. وعند سؤاله عن مستقبل كوشنر في الإدارة، دافع ترامب عن صهره، لكنه قال إن مصيره سيكون بيد مدير الموظفين في البيت الأبيض المعروف بتباين مواقفه مع كوشنر وزوجته ايفانكا.
وتزامن كل ذلك مع توسّع تحقيقات "روسيا غيت"، وهو الاسم الذي أطلقه بعض المعلّقين على التحقيقات حول التدخل الروسي، إلى مرحلة تشكّل خطورة مباشرة على الرئيس، بعد بدء مولر التركيز على الشق المالي في علاقات ترامب مع موسكو. ذلك أن ما يبحث عنه مولر هو إيجاد تفسير لتزامن قرار ترامب عام 2015 الترشح للانتخابات الرئاسية مع تطور أعماله واستثماراته المالية في روسيا. وفي السياق، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مولر يحقق حول فترة من الوقت، في الصيف الماضي، بدا خلالها أن ترامب عازم على دفع وزير العدل، جيف سيشنز، إلى الاستقالة. وقالت الصحيفة إن مولر ينظر فيما إذا كانت مساعي ترامب لإزاحة سيشنز من منصبه هي جزء من نهج لمحاولة عرقلة العدالة. وأضافت أن مولر يسعى إلى تحديد ما إذا كان هدف الرئيس الأميركي هو الإطاحة بسيشنز من أجل أن يختار بديلاً يتحكم في التحقيق بالتدخل الروسي.