ضرائب الأردن تعمّق الفقر وتطرد المستثمرين

12 مايو 2015
تظاهرة في الأردن احتجاجاً على الأوضاع المعيشية (getty)
+ الخط -
يعيش الأردنيون في دوامة الضرائب التي تعتبر من أعلى النسب في العالم، حيث تستنزف دخولهم التي تآكلت خلال السنوات الخمس الماضية في ظل ارتفاع الأسعار وإلغاء الدعم الحكومي عن السلع الأساسية، وثبات الأجور والرواتب للعاملين في القطاعين العام والخاص.
وتشكل الضرائب، بخاصة ضريبة المبيعات، على السلع والخدمات المفروضة بنسبة 16%، أداة ضاغطة على معيشة الأردنيين، فقد عمقت معدلات الفقر التي يتوقع أن ترتفع كثيراً، حسب محللين.
وتبلغ نسبة الفقر في الأردن 13.3%، ويقل متوسط دخل الفرد البالغ 5200 دولار سنوياً في عام 2013، عن المتوسط العربي البالغ 8200 دولار، حسب بيانات رسمية.
وقالت دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، إن معدل التضخم بلغ العام الماضي 2.8%، ويتوقع صندوق النقد أن تتراجع نسبة التضخم في الأردن العام الحالي إلى نحو 2.6 %مقارنة مع العام السابق.
وتتخذ الضرائب في الأردن أشكالاً مختلفة كالمبيعات والدخل والرسوم الجمركية وعلى العقارات وغيرها.
وبموجب قانون الضريبة الذي دخل حيز التطبيق بداية العام الحالي فقد زادت ضريبة الدخل على مختلف القطاعات والأفراد بنسبة مختلفة حيث بلغت لبعضها اكثر من 40%، إضافة الى وجود ضرائب خاصة تصل الى 80% على السيارات وبعض الكماليات.

هروب المستثمرين

وكانت الضرائب المرتفعة سبباً في هروب استثمارات خاصة السورية إلى تركيا والإمارات وغيرها، حسب خبراء.
وفي هذا الإطار قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب النائب يوسف القرنة، لـ "العربي الجديد"، إن الضرائب في الأردن تعتبر من أعلى النسب في العالم وهي لا تناسب وضع البلاد والتي لا يمكن مقارنتها بدول أوضاعها الاقتصادية مزدهرة مثل الولايات المتحدة.
وأضاف أن قانون الضريبة الجديد غير إصلاحي وينطوي على كثير من الاختلالات والتشوهات التي تؤثر على الوضع الاقتصادي من حيث عزوف المستثمرين وارتفاع الأعباء على المواطنين.
وأكد القرنة أن القطاعات الاقتصادية تخضع لنسبة مرتفعة من ضريبة الدخل وهي تختلف من قطاع لآخر وقد تلقينا وعدا من الحكومة مؤخرا لإعادة النظر بالقانون بشكل يعالج التشوهات ويجعله قادرا على تحفيز الاقتصاد وتحفيف الأعباء عن المواطنين.

وقال البنك المركزي الأردني في تقرير رسمي له مؤخرا إن إيرادات الأردن من الضرائب بلغت العام الماضي 5.69 مليار دولار مشكلة ما نسبته 66.9% من الإيرادات المحلية المتحققة بحجم 8.5 مليار دولار.
وأشار "المركزي" إلى أن حصيلة ضريبة المبيعات بلغت 3.09 مليارات دولار مشكلة ما نسبته 69.6% من الإيرادات الضريبية للعام الماضي، كما بلغت ضريبة الدخل 1.08 مليار دولار و461 مليون دولار ضرائب على التجارة و186.2 مليون دولار ضرائب على العقارات.

إرباك وتهرب

رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع قال لـ "العربي الجديد" إن كثرة تغيير قانون ضريبة الدخل أربكت بيئة الأعمال في الأردن حيث لم يعد المستثمرون قادرين على تحديد موقفهم وبعضهم اختار وجهات أخرى.
وأضاف أن القانون السابق أفضل من الحالي ويفترض أن تعمل الحكومة كما وعدت على إعادة النظر به، بحيث يحقق العدالة بين مختلف القطاعات الاقتصادية من حيث توحيد نسبة ضريبة الدخل.

اقرأ أيضا: الأردن: 10 مليارات دولار خسائر إغلاق الحدود مع سورية

وأوضح الطباع أن دولاً في المنطقة قريبة من ظروف الأردن الاقتصادية مثل لبنان تفرض ضريبة دخل موحدة بنسبة 10% فقط على كافة القطاعات وهي تحقق إيرادات ضريبية أعلى بكثير مما هو في الأردن، حيث تكثر لدينا حالات التهرب الضريبي وكذلك وجود اختلالات كبيرة في القانون.
وتقدر قيمة التهرب الضريبي بحوالي 3 مليارات دولار ولم تستطع الحكومة معالجة المشكلة والحد منها رغم العقوبات التي أدرجت في القانون الجديد.
وفيما يتعلق بضريبة المبيعات قال الطباع إنها من أعلى النسب في العالم إن لم تكن الأعلى ما أدت إلى ارتفاع معدل التضخم وكذلك تآكل الدخول التي هي في تراجع مستمر.
وأشار إلى أن المستهلك في الأردن يتحمل حجم الوعاء الضريبي بخاصة ضريبة المبيعات بغض النظر عن مستويات المعيشة فالضريبة يدفعها القير والغني على حد سواء.

وقال الطباع " يفترض ان تتحقق العدالة بين المشاريع الاستثمارية من حيث الحوافز والاعفاءات الضريبية التي تعطي لفترة معينة بحيث يعتبر الأردن كمنطقة واحدة وعدم التفريق بين مدينة وأخرى مع إعطاء خصوصية للمحافظات الفقيرة".
وحسب الطباع فإن من حق بعض القطاعات مثل البنوك والتعليم والمستشفيات تخفيض نسبة الضريبة كونها تشغل أردنيين بشكل عام ولا توظف العمالة وافدة.

احتجاجات واسعة

وقد اثار قانون الضريبة الجديد احتجاجات واسعة من قبل القطاعات الاقتصادية التي رأت فيه خطوة للوراء كونه جاء بزيادة نسبة الضريبة المفروضة عليها في الوقت الذي تعاني فيه من تحديات كبيرة بسبب اضطرابات المنطقة وانحسار الصادرات إلى بعض الأسواق.
وأعلن رئيس غرفة صناعة عمان زياد الحمصي أن 1500 مصنع توقفت عن العمل خلال العامين الماضيين لأسباب عديدة من ضمنها ارتفاع الضرائب.
وقال رئيس غرفة صناعة الأردن أيمن حتاحت، لـ "العربي الجديد" أن بيئة الاستثمار على النحو الموجود حاليا ورغم إصدار قانون جديد للاستثمار غير جاذبة كما يجب من حيث ارتفاع الضرائب التي تبلغ 20% على القطاع الصناعي الذي يعتبر الأساس في الاقتصاد الأردني ومعظم الاستثمارات موجهة للصناعة.
وأضاف ان القطاع الخاص حذر مراراً من الآثار السلبية لزيادة نسبة ضريبة الدخل على مختلف القطاعات الاقتصادية بخاصة الصناعي إلا أن الحكومة أصرت على رفع الضرائب ما شكل تحديا صعبا أمام المستثمرين.
وقال حتاحت، "كان يجب تركيز الجهود في كيفية استقطاب المستثمرين العرب الهاربين من الأوضاع الصعبة في بلادهم وتحفيزهم على إقامة مشاريعهم في الأردن ولكن الضرائب المرتفعة وعوامل أخرى أدت إلى تغيير وجهاتهم لبلدان أخرى".
وأكد أهمية الإسراع في تغيير قانون الضريبة وتخفيضها لتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين الذين تراجعت مستويات معيشتهم خلال السنوات الأخيرة بسبب الغلاء وقلة فرص العمل بعد نزوح أكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري للأردن.
وأشار حتاحت إلى الظروف الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني بسبب الاضطرابات في المنطقة الأمر الذي يستدعي من الحكومة إجراءات عاجلة لمساعدة القطاع الخاص ومنها تخفيض الضرائب.

اقرأ أيضا: الأردن يتجه إلى رفع الدعم عن الخبز
المساهمون