يبدو أنه سيكون هناك صيف حارق هذا العام بالنسبة للأردنيين، حرقته ليست في أشعة الشمس التي اعتادت أن تكون حرارتها لطيفة على الجباه الأردنية السمراء، إنما الحرقة ستستهدف على وجه الخصوص الجيوب وليس الجباه الأردنية.
حتى الصيف سيكون ضحية الهم الاقتصادي الذي يعاني منه الأردنيون بسبب عدة عوامل لها مسبباتها الإقليمية والمحلية أيضا، فهذا الصيف وبالرغم من توافر أماكن سياحية جميلة في مختلف المناطق الأردنية، إلا أن ارتيادها سيكون صعبا بالنسبة للكثيرين، وذلك بسبب ارتفاع أسعار مرافقها، وبسبب عدم تناسبها مع دخول الأردنيين، وتناغمها في الوقت ذاته مع الـ"بوكيت موني" للسياح العرب والأجانب.
فمصائب قوم عند قوم فوائد، ذلك أن وضع الإقليم الملتهب جعل السياح يعزفون عن زيارة باب توما مثلا في سورية، أو جبال لبنان، أو أربيل العراق، أو حتى تركيا في بعض مناطقها، إذ أصبحت البوصلة السياحية تتجه صوب الأردن الفقير ببحاره والغني بآثاره السياحية، بوصلة ساهمت في رفع الأسعار، وسيدفع ثمنها الغلابى من الأردنيين.
ويلمس المراقب لمواقع التواصل الاجتماعي مدى رغبة الأردنيين في قضاء عطلهم الصيفية في أماكن في بلدهم، إذ تكثر نقرة اللايك على صفحات وادي رم جنوب الأردن، حيث الرمال الصحراوية، وأمسيات العزف على "الربابة" الأردنية، وفعاليات مراقبة شروق وغروب الشمس هناك، حيث التغطية الإرسالية الضعيفة التي تبعد الشخص عن عالمه الافتراضي وتقربه من الواقع الجميل والطبيعي أكثر.
وادي الموجب أيضا يلقى من اللايك نصيبا في صفحات الأردنيين، حيث الشلالات المزينة بأشعة الشمس، ورحلات التسلق.
ويبدو أيضا أن هذا الصيف توجد رحلات تسلق حجري في جرش شمال الأردن، حيث الآثار الرومانية، بالإضافة إلى رحلات ركوب الدراجات في البحر الميت.
أما أمسية "بترا باي نايت"، وهي المحببة للأردنيين بشكل عام، والمنحازين إلى الجنوب الأردني بشكل خاص، فهي حاضرة بقوة في صيف الأردن لهذا العام أيضا، وتقام ثلاث مرات في الأسبوع في المدينة الوردية.
الصيف في الأردن أيضا للعمانيين، ففي العاصمة عمّان الفقيرة بمرافقها السياحية والغنية بمناخها الصيفي اللطيف، توجد أيضا أماكن تطيب خاطر العمانيين، مثل شارع الرينبو الموجود في أقدم مناطق العاصمة جبل عمان، والمعروف بمزجه بين أصالة المدنية ومعاصرته للحداثة.
حتى أشكال العمانيين تختلف عن غيرهم في شارع الرينبو، فهناك تجد الشبان ذوي البناطيل "الساحلة" والشعر "المنكوش" والفتيات ذوات لون الشعر الأحمر أو الأسود المخضل باللون الكحلي واللون النهدي أحيانا.
جبل القلعة وسط العاصمة عمان مفترق طريق لا بد من زيارته، وحبذا لو كان أولى ساعات الصباح، فهناك وبلمح بصر بسيط، تصبح عمان مكشوفة وأكثر صدقا من أي وقت آخر.
أما السياح المتخصصون بقضاء عطل الصيف خارج بلادهم لغايات تناول الطعام والتعرف على مطابخ أخرى، فسيجدون في عمان مختلف المطابخ، فاللجوء إلى الأردن أسس مطابخ عربية غير أردنية، ففي عمان أصبحت هناك مطابخ سورية وعراقية، بالإضافة إلى مطابخ خليجية تتواجد للطلاب الخليجيين هناك.
جماليات الأماكن في شمال الأردن ووسطها وجنوبها، والتي قد تكون مرهقة بالنسبة للكثيرين من الأردنيين بسبب أسعارها هذا الصيف، لن تحرمهم في الوقت ذاته من الاستمتاع بصيفهم، حتى لو اكتفوا بافتراش رقعة أرض خضراء يندر توافرها، ليشربوا الشاي ويستمتعوا بمراقبة زوار بلدهم على طريق المطار!
(الأردن)