قال صندوق النقد الدولي إن ديون مصر الخارجية قد وصلت إلى 119.6 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2029-2020 التي انتهت في آخر يونيو/حزيران الماضي، لكنه توقع في الوقت ذاته قدرة مصر على سداد الديون.
ورفع الصندوق توقعاته للديون إلى 126.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري الذي ينتهي في أواخر يونيو/حزيران 2021، ثم إلى 127.3 مليار دولار في نهاية يونيو 2022 قبل أن يعاود الهبوط في العامين التاليين إلى نحو 119 مليار دولار.
وتظهر أحدث بيانات البنك المركزي ارتفاع الديون المحلية إلى نحو 4.18 تريليونات جنيه بنهاية سبتمبر/أيلول 2019، بينما كانت تبلغ حوالي 1.8 تريليون جنيه لدى وصول السيسي إلى الحكم، كما قفز الدين الخارجي إلى 112.67 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول، في حين لم يكن يتجاوز 46 مليار دولار قبل ست سنوات.
وأضاف الصندوق في تقريره الصادر أمس باللغة الإنكليزية عن وضع الاقتصاد المصري، بمناسبة الموافقة الأخيرة على إقراض مصر 5.2 مليارات دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، أن مصر قادرة بشكل كافٍ على سداد القروض المستحقة لصندوق النقد، إذ ستضمن التحسينات في الوضع المالي والخارجي للدولة "الوصول المستمر إلى الأسواق والقدرة الكافية على السداد"، فضلا عن "المشاركة المستمرة في تمديد آجال التزامات الودائع الرسمية المستحقة لدى البنك المركزي لفترات استحقاق أطول حتى بعد انتهاء البرنامج".
وأشار الصندوق إلى وجود بعض المخاطر، حيث من المتوقع أن يقفز حجم الائتمان إلى 49.5% من إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية في العام المالي 2021/2020، وإلى 8.3% من إجمالي صادرات السلع والخدمات في العام المالي 2025/2024.
وأضاف الصندوق أن التعافي المتأخر أو تفشي الوباء من جديد سيفاقم الضغط على المالية العامة، مما يؤدي إلى زيادة احتياجات التمويل وارتفاع الدين العام، وزيادة المخاطر بعدم القدرة على تحمل الديون وخسائر إضافية للإنتاج، مما يؤدي إلى معدلات بطالة أعلى، وتزايد الفقر، ومخاطر عدم الاستقرار المالي وتجدد الضغط على تدفقات رأس المال وتكاليف الاقتراض الحكومية.
وقال الصندوق إنه سيواصل متابعة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر من خلال إجراء "مراجعات نصف سنوية"، والتي ستكون أولاها في ديسمبر/كانون الأول 2020.
كما أنه "يجري وضع أهداف كمية بتواريخ اختبار حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2020 ونهاية مارس/آذار 2021". وسيتابع صندوق النقد الدولي أيضا مؤشرات الأداء، بما في ذلك صافي الاحتياطيات الدولية لمصر، وموازنتها الأولية، وعدم تراكم متأخرات سداد الديون الخارجية.
وهناك أيضا أهداف استرشادية مقترحة بشأن حجم عمليات السحب على المكشوف من جانب الحكومة من البنك المركزي، وعائدات الضرائب، والحد الأدنى للإنفاق الاجتماعي، ونسبة صافي الإصدارات الجديدة قصيرة الأجل من الأوراق المالية من إجمالي إصدارات سندات وأذون الخزانة المحلية.
وخفض الصندوق توقعاته للنمو الاقتصادي في مصر خلال العام المالي 2021/2020 إلى 2% بدلا من 2.8% في وقت سابق من تفشي الوباء، وقال "إنه من المتوقع أن يكون التعافي العالمي أكثر تدريجيا، وأن يظل النشاط المحلي عند مستوياته الضعيفة". وتوقع صندوق النقد أن ينكمش النشاط المحلي في الربع الحالي وأن يشهد تعافيا طفيفا في الربع المقبل، والذي من شأنه أن يؤدي إلى حدوث "انتعاش أقوى محتمل في عام 2021".
وتوقعت الحكومة أن يبلغ معدل النمو 3.5 في المائة في السنة المالية 2020-2021 التي بدأت في يوليو/تموز الجاري، غير أن وزيرة التخطيط هالة السعيد قالت في مايو/أيار إن النمو قد يتراجع إلى 2 في المائة إذا استمرت أزمة فيروس كورونا حتى نهاية العام.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يقفز معدل التضخم في مصر إلى 8% في المتوسط بحلول نهاية العام المالي، مقابل 5.8% في العام المالي 2020/2019، ليعكس "العديد من العوامل الأساسية بما في ذلك تأثيرات الأساس غير المواتية". وأشار أيضا إلى تواصل الضغوط على المالية العامة للدولة، إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 93% قبل أن تعاود الانخفاض في مسار هبوطي.
وقال الصندوق أيضا إن الأرصدة الخارجية ستواصل تراجعها وسط "التوقعات العالمية الأضعف بشكل ملحوظ وانخفاض التدفقات الأجنبية الداخلة". ويتوقع الصندوق، بالرغم من ذلك، أن يحافظ القطاع المصرفي على أدائه القوي.
وأشاد الصندوق بالإجراءات التي اتخذتها مصر لمواجهة أزمة "كوفيد-19"، والتي من بينها حزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة بقيمة 100 مليار جنيه، بما يمثل 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وأيضا قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة 300 نقطة أساس في اجتماع طارئ خلال شهر مارس/آذار الماضي، وتحسين القدرة على إجراء الفحوصات للكشف عن مصابي "كوفيد-19"، وتقديم الرعاية الصحية، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي للحد من انتشار الفيروس، وهي كلها أسباب شجعت فريق صندوق النقد على الموافقة على القرض.
وطلبت مصر المساعدة من صندوق النقد نظرا للقدر الكبير من عدم اليقين الذي أحدثته جائحة "كوفيد-19"، إذ إن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية قد تراجعت، كما تراجعت إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين وعائدات قناة السويس، وفقا للصندوق.
وطلب الصندوق من الحكومة تنفيذ عدد من المهام، منها: تحقيق فائض أولي في الموازنة قدره 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2021/2020، وتحقيق توازن بين الإنفاق والدين العام، واستخدام السياسة المالية لدعم الفئات الضعيفة؛ ومواصلة الالتزام بمرونة سعر الصرف والتراكم التدريجي للعملات الأجنبية؛ وعدم طرح أي برامج إقراض جديدة مدعومة من البنك المركزي وعدم تمديد البرامج الحالية بمجرد استهلاك الموارد المخصصة لها بالكامل، مع مواصلة إقراض البنك المركزي للبنوك فقط من أجل توفير السيولة على المدى القصير؛ ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.