صناعيون مغاربة يطالبون بتحرير الدقيق

13 أكتوبر 2017
المغرب يدعم غاز الطهو والسكر والدقيق (فرانس برس)
+ الخط -
"لم يعد الدقيق الوطني مقدساً"... هذا ما يؤكده لحسن آيت عدي، الذي يشرف على مخبزه بوسط مدينة الدار البيضاء، إذ يعتقد أن تحرير أسعار السولار والبنزين، عزز مخاوف كثير من عواقب تقليص الدعم.
ورغم ضعف الدعم الذي يخصص "للدقيق الوطني" الذي يوفر من القمح اللين، من أجل إتاحة الخبز بسعر محدد سلفاً، إلا أن محاولة إعادة النظر في ذلك الدعم، تحتاج إلى إقناع الناس بجدواه حفاظا على السلم الاجتماعي، حسب آيت عدي.

يتذكر هذا السيتيني سنوات خلت، نسج خلالها المغاربة، خاصة الفقراء منهم، علاقة خاصة مع الخبز المدعم، إلى درجة الاحتجاج في كل مرة كان يروج فيها مسؤول لفكرة إعادة النظر في الدعم، خاصة في ظل برنامج التقويم الهيكلي في تسعينيات القرن الماضي.
يصل الدعم الذي تخصصه الدولة للدقيق المدعم إلى حوالي 150 مليون دولار، وهو قليل مقارنة مع الدعم الذي يوجه لغاز الطهو، الذي يمثل في بعض المرات عشرات أضعاف المبلغ المخصص للدقيق.

ويستمر المغرب في دعم غاز الطهو والسكر والدقيق، بعدما عمدت حكومة عبد الإله بنكيران إلى تحرير أسعار السولار والبنزين قبل حوالي عامين.
وكان رئيس الحكومة الحالي، سعد الدين العثماني، عبر عن نية نحو مواصلة تفكيك الدعم، غير أن الحكومة لم تتوصل إلى طريقة تفعيل ذلك، فيما يبدو.
وتشير وزارة الشؤون العامة والحكامة، إلى أن الحصة المدعمة من الدقيق الوطني المشتق من القمح اللين، حددت في العام الحالي في 6.5 ملايين قنطار، بعدما كانت قبل سنوات في حدود عشرة ملايين قنطار.

وتتولى لجنة مكونة من ممثلين لوزارات معنية بتوزيع تلك الحصة على الأقاليم والولايات، وتجري بعد ذلك مراقبة مدى توجيهها لتوفير الخبر المدعم من الدولة.
وتناقش تلك اللجنة عند اجتماعها الشكاوى التي توضع لدى الوزارة حول عدم احترام شروط الجودة عند توفير الدقيق المدعم من قبل المطاحن.
ويسعى أصحاب وحدات المطاحن إلى التحرر من الثقل الذي يمثله تحديد أسعار الدقيق المدعم، والذي يساهم في عدم توسيع هوامش أرباحهم، وهم يؤكدون أن العشرات من المطاحن أقفلت جراء ذلك.

وتشير الفيدرالية الوطنية لأصحاب المطاحن، إلى أن الدقيق الوطني المدعم لا يمثل سوى 15% من القمح اللين المطحون، الذي يخضع 85% من الدقيق المستخرج منه لقانون العرض والطلب.
وتدافع الفيدرالية عن تحرير شامل للقمح اللين الذي يوفر منه الدقيق الوطني، حيث بُذلت من أجل ذلك مساع لدى وزارة الفلاحة ووزارة الشؤون العامة والحكامة.
وتستغرب الفيدرالية عدم لجوء السلطات العمومية إلى تحرير أسعار الدقيق الوطني، وهو قرار تعتبر أنه كان يتوجب اتخاذه منذ سنوات.

أما عن سعر الخبز الذي يحدد بفعل الدعم في 1.20 درهم لرغيف الخبز الواحد، فتعتبر الفيدرالية الوطنية لأصحاب المطاحن أن المنافسة، بعد التحرير، ستساهم في إتاحة دقيق اقتصادي، يسمح بتوفير الخبز بأسعار في مستوى القدرة الشرائية للفئات المستهدفة بالدعم.
ولا يدعو المهنيون إلى التحرير الشامل لأسعار الدقيق الوطني الذي يصنع منه الخبز، بل يرون أنه لا بد من التدرج في ذلك، كما يقول عضو في الفيدرالية الوطنية لمنتجي القمح، يؤكد أن التحرير يمكن أن يمتد على مدى ثلاثة أعوام.
وتشير المندوبية السامية للتخطيط إلى أن 30% من نفقات الدعم موجهة للمنتجات الغذائية وغاز الطهو، تستفيد منها 20% من الأسر الغنية.

ويعتقد بوعزة الخراطي، رئيس الفيدرالية لحقوق المستهلك، أن رفع الدعم عن الدقيق، سيكون قراراً صائباً، إذا ما اتخذ على اعتبار أن الدعم لا يذهب لمستحقيه.
ويشاطر خالد بنسليمان، المزارع الذي يستثمر في قطاع الحبوب هذا الرأي، حيث يرى أن الدعم الذي تخص به الدولة أسعار القمح اللين، لا يستفيد منه المزارع الذي يبيع محصوله بأسعار دون تلك التي تحددها الدولة.
ويشدد الخراطي، على أن الفوضى التي نجمت عن دعم الخبز المحضر من الدقيق اللين، أفضت إلى ممارسات غير شفافة ومخابز عشوائية وفي البيوت، حيث يتجاوز استعمال ذلك الدقيق الإطار الذي من أجله حظي بالدعم.

ويشير لحسن آيت عدي، إلى أنه يتوجب إذا ما اختارت الحكومة تحرير أسعار الدقيق الوطني، أن تسلك سبيل التدرج والتواصل حول ذلك، مع مراقبة السوق عند البدء في التحرير.
وأكدت حكومة سعد الدين العثماني، على برنامج متدرج في رفع الدعم عن السلع الأساسية، الذي يتمثل في السكر وغاز الطهو والدقيق. وقالت وزارة الشؤون العامة والحكامة، في بيان سابق، إن حكومة المغرب غير جاهزة حالياً لرفع الدعم عن غاز الطهو.


المساهمون