صمت أميركي مريب بشأن المطالب الخليجية التعجيزية

24 يونيو 2017
صفقات ترامب تشجع التصعيد ضد قطر (تشيب صمودفيلا/ Getty)
+ الخط -

أجمعت الردود الصحافية الأميركية الأولية على لائحة المطالب الخليجية التي سلمها الوسيط الكويتي إلى قطر، بوضعها في خانة الإملاءات غير المعقولة ولا المقبولة، فهي أبعد ما تكون عن فتح طريق الحلحلة، إذ إنها تؤشر إلى "تصعيد في أعمق أزمة نشبت بين دول الخليج منذ سنوات" كما رأت "نيويورك تايمز". وقد فوجئ المراقبون بالمدى الذي بلغته الشروط "الباهظة جداً" بتعبير "واشنطن بوست" والتي تلامس حدود إلغاء القرار السيادي لقطر.


وما زاد من وقع الصدمة أن بنود القائمة التعجيزية الطويلة، جاءت على نقيض ما توقعه وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، قبل يومين حين تمنّى بأن تكون المطالب من قطر "معقولة وقابلة للتنفيذ". بدت ملاحظته وكأنها رسالة واضحة بشأن ما ترغبه واشنطن لتسريع الخروج من الأزمة بأقل الخسائر. وثمة من رأى بأنها كانت أقرب إلى التحذير، بعد أن "طفح الكيل" من المماطلة والاستمرار في التصعيد ضد قطر. وكان لافتاً أن وزارة الخارجية الأميركية لاذت بالصمت ولم تعقد لقاءها الصحافي الاعتيادي يوم الجمعة – وهي لم تعد تعقده سوى مرتين في الأسبوع فقط منذ مجيء الرئيس الحالي، دونالد ترامب– ولا صدر عنها أي رد أو بيان بشأن المطالب، التي بدت أقرب إلى التحدي للوزير. ورفض المسؤولون الإجابة عن الاستفسارات في هذا الخصوص.

وربما شعرت الخارجية بالخيبة من "لا معقولية" المطالب، لكن يبدو أنها رأت نفسها مكبلة بموقف البيت الأبيض المتعارض مع مقاربتها للأزمة. من البداية حرص الرئيس ترامب على مخالفة الوزير تيلرسون في التعامل مع الأزمة. كان واضحاً في احتضانه الموقف الخليجي وبما أدى إلى "تشجيع" التصعيد ضد قطر، وفق معظم القراءات الأميركية. وبقي هذا الموقف على حاله. ففي خطاب للرئيس أمس في ولاية أيوا، أشار إلى الأزمة من باب الإشادة بالمملكة "التي تواجه دولاً هناك تدعم الإرهاب". إشارة رأى فيها المراقبون غمزاً مبطّناً من دولة قطر. وفي هذا السياق أفصح عن أن زيارته للسعودية كانت مشروطة بموافقة المملكة مسبقاً على عقد صفقات بالمليارات لشراء منتجات أميركية.

الانقسام في الإدارة لم يشجع على إجراءات المقاطعة فقط، بل أيضاً على تعجيز المطالب وتجاوز الوزير تيلرسون. "تناقض الرئيس مع وزير خارجيته سهّل على السعودية" المضي في التشدد، كما قال الباحث في مؤسسة "كاتو" للدراسات والأبحاث بواشنطن، بنجامين فريدمان في تصريح لـ"العربي الجديد". وأضاف أنه "ليس هناك من دليل يشير إلى أن الإدارة مارست الضغط على السعودية للحيلولة دون وصول الأمور إلى النقطة التي بلغتها". الإشارات المتعارضة التي صدرت عنها ساهمت في التأجيج. قناعة تقاطعت عندها غالبية المتابعات لتطورات الأزمة الخليجية التي صارت الآن مرشحة للمزيد من التأزم إذا ما أصر الطرف الخليجي – المصري على شروطه "المصممة لإهانة قطر والتي من الصعب تصور قبول هذه الأخيرة بها" حسب فريدمان. وبذلك فهي مرشحة لتوسيع باب التدخلات الإقليمية والدولية فيها.

سقف المطالب العالي بصورة مبالغ فيها، ينذر بالمزيد من التأزم ما لم يتغير لون الضوء الأميركي من أخضر ضمناً إلى برتقالي على الأقل. من هنا كانت البداية؛ ومن هنا تكون بداية النهاية للأزمة. وحتى الآن مثل هذا الاحتمال ملتبس، فعزوف الخارجية الأميركية ناهيك عن البيت الأبيض عن الدخول على الخط بقوة لتطويق الأزمة وتعطيل لغة الإنذار الخليجي، يترك باب الأزمة مفتوحاً.