والدين الخارجي يتصاعد وبقوة، وبات يمثل عبئاً شديداً على موارد دول المنطقة من النقد الأجنبي، وهناك تراجع في إيرادات الحكومات خاصة من الموارد السيادية، كالضرائب والجمارك، في ظل الركود الاقتصادي وانخفاض معدلات النمو، وهو ما يسبب عجزاً مزمناً للموازنات العامة.
حتى اقتصادات دول الخليج الثرية باتت تنزف مع تهاوي أسعار النفط وفقدان نحو 60% من قيمتها ووجود توقعات باستمرار هذا التراجع.
حتى موارد النقد الأجنبي، التي كانت تمثل الداعم الأكبر للاقتصادات العربية مثل الصادرات والسياحة والتحويلات الخارجية والاستثمارات الأجنبية في قطاعات النفط والغاز والصناعة، باتت مهددة بسبب الحروب المشتعلة في المنطقة وزيادة معدلات الإرهاب.
وبنظرة للاقتصادات العربية، نجد أن من أبرز ملامحها في الوقت الحالي تفاقم الديون المحلية وزيادتها بمعدلات غير مسبوقة، فالحكومات باتت تستدين وبقوة لتغطية عجز الموازنات وتراجع الإيرادات، وباتت الحكومات أيضاً تزاحم القطاع الخاص في الاقتراض المصرفي، وهو ما يؤثر سلباً على حجم السيولة المتاحة داخل المجتمع خاصة المخصصة للاستثمار وتمويل المشروعات.
ومن بين ملامح أزمات الاقتصادات العربية أيضاً الارتفاعات غير المسبوقة في الأسعار داخل دول المنطقة على عكس ما يحدث في معظم دول العالم التي استفادت من تهاوي أسعار النفط والغذاء في الأسواق الدولية.
وهناك تكلفة إضافية باتت تتحملها اقتصاديات دول المنطقة، وهي تكلفة الحروب والقلاقل وزيادة المخاطر بكل أنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولن أتحدث هنا عن تكلفة الفساد والعمولات والاستيلاء على المال العام والأنشطة غير المشروعة والبيروقراطية وترهل الجهاز الإداري.
والنتيجة النهائية لهذا الوضع الاقتصادي المتردي والمتأزم أن المنطقة بالكامل باتت طاردة للاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية، وهو ما يفسر لنا دعوات الحكام العرب المستمرة لرجال أعمال بلدانهم بالاستثمار في داخل بلدانهم بدلاً من تهريبها للخارج أو حتى استثمارها.
والملفت للنظر هنا هو أن الحكومات العربية باتت تقف عاجزة عن حل المشاكل الاقتصادية القائمة، وأن المبادرات التي أطلقتها لتنشيط الاقتصاد وجذب استثمارات خارجية وتشجيع الاستثمارات المحلية فشلت معظمها، والسبب أن حل هذه المشكلات لم يعد بيد الحكومات وحدها، ولا يحتاج الحل فقط إلى تطبيق نظريات اقتصادية بحتة وترشيد في الإنفاق وفرض ضرائب جديدة، بل الحل يكمن في استقرار سياسي وأمني حقيقي لا مفتعل بدول المنطقة، وهو حل بات بعيداً في ظل الظروف الراهنة.
ولذا باتت الحلول الاقتصادية التي تطبقها وزارات المالية والاقتصاد والاستثمار عاجزة أمام طلقات الرصاص والحروب وتهاوي أسعار النفط، ومع هذا الفشل تزداد الأوضاع سوءاً، ويقف الجميع عاجزين عن حل هذه الأزمات.
وحتى يأتي هذا الاستقرار المنشود والبعيد علينا أن نطبق الحل القادم من زامبيا حيث خصصت يوماً وطنياً للصلاة تضرّع فيه مواطنوها إلى الله لحل المصاعب والأزمات الاقتصادية التي تواجهها البلاد إثر انهيار أسعار النحاس في الأسواق العالمية.
وحتى هذا الحل يجب أن يأتي من الحكومات، حيث أقامت جميع الكنائس في أرجاء زامبيا صلوات بهذه النية يوم الأحد الماضي استجابة لطلب الرئيس ادجار لونجو.
اقرأ أيضاً: 2015 من أسوأ أعوام المستثمرين في أسواق العالم