يثير توريد دفعات من اللحوم والدواجن الأميركية قلقا في تونس بسبب عدم ثقة المستهلكين في جودتها وعدم خضوعها لشروط السلامة الصحية وقواعد الذبح الإسلامية بالرغم من التطمينات الرسمية.
ويأتي ذلك في إطار خطة توريد للحوم أعلنت عنها وزارة التجارة لتوفير السلع في الأسواق وزيادة العرض بمناسبة شهر رمضان.
وتزايدت مخاوف التونسيين من اللحوم الأميركية الموردة بعد إعلان منظمة المزارعين رفضها هذه السلع، داعية إلى التعويل على المنتج المحلي ومراعاة شروط السلامة في عمليات التوريد التي تؤمنها الحكومة أو الشركات الخاصة.
وقال رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار، إنّ اللحوم الحمراء التي تعتزم تونس توريدها من الولايات المتحدة سبق وأن أثارت أزمة بين أميركا والاتحاد الأوروبي.
وأشار الزار إلى أنّ اللحوم الأميركية التي تحقن بالهرمونات تسبب خطرا على صحة المواطنين، داعيا إلى دعم المنتج المحلي والحفاظ على منظومات إنتاج الغذاء التونسية. وأضاف رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تونس قادرة على ضمان الاكتفاء الذاتي من اللحوم بدعم المربين والمحافظة على القطيع المحلي، مشددا على ضرورة حماية سلالات الإنتاج التونسية.
وحذّر الزار من تداعيات كلفة الإنتاج على مستقبل الأنظمة الزراعية، مشيرا إلى أن غذاء التونسيين مهدد قائلاً: "لوبيات التوريد هي أكبر المستفيدين". وتثير صفقة اللحوم الأميركية الموردة قلق منظمات الدفاع عن المستهلكين من فتح باب التوريد على مصراعيه للشركات الخاصة لتوريد الغذاء دون توفير الضمانات الصحية الكافية.
ويقول رئيس منظمة الدفاع عن المستهلكين سليم سعد الله إن السوق التونسية ظلت إلى وقت قريب محمية من صفقات الغذاء المشبوهة بحكم القوانين الصارمة وشروط السلامة المفروضة على التوريد، معتبرا أن تزايد نسق الواردات وانتشار الفساد في أجهزة الرقابة قد يتسببان في مزيد من تسرب الواردات الغذائية غير المراقبة.
وأكد سعد الله في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المنظمة عبرت عن خشيتها من زيادة المواد الغذائية الفاسدة التي تروج في الأسواق أو مجهولة المنشأ، داعيا إلى تعزيز أجهزة المراقبة الفنية والصحية عند التوريد في الموانئ والمعابر الحدودية التي تمر عبرها شحنات الغذاء المورد بمختلف أصنافه. وبحسب بيانات رسمية لوزارة الصحة، شهد هذا البلد، خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا في حالات بعض الأمراض ذات المنشأ الحيواني، والتي تصيب الإنسان نتيجة استهلاكه مواد غذائية ملوثة، على غرار مرض "السل اللمفاوي" الذي سجل 800 إصابة عام 2017، ومرض "الحمراء المالطية".
ورغم تأكيد وزارة الزراعة الأميركية توصلها إلى اتفاق مع الحكومة التونسية لتصدير لحوم الأبقار والدواجن والبيض إلى تونس، نفت شركة اللحوم الحكومية علمها بأي صفقة توريد للّحوم الأميركية. ونفى المدير العام لشركة اللحوم في وزارة التجارة التونسية عبد القادر التيمومي علمه باستيراد الوزارة لحوم الأبقار والدواجن والبيض من أميركا.
وأكّد التيمومي أنّ "اللحوم المستوردة، التي وزعتها الشركة، هي من إسبانيا وفرنسا"، مشيراً إلى أن "استيراد اللحم يخضع لشروط، من بينها الاستيراد من دول قريبة من تونس، حتى لا تطول فترة وصولها". وأضاف أن "استيراد اللحوم يخضع إلى طلب عروض ينصّ على الجودة والسعر، وإلى دفتر شروط الذي يحدد درجة التبريد وتاريخ الذبح وطريقته التي تشرف عليها جهات دينية تملك بطاقات مهنيّة لتتأكد من أن عملية الذبح تخضع للطريقة الإسلامية. كما يقوم أطباء بياطرة بمراقبة اللحوم والتأكّد من سلامتها وجودتها".