صفحات من دفتر أحوال المسرح المصري (3/6)

19 اغسطس 2020
+ الخط -

في منتصف سبتمبر/أيلول عام 1962 عاد جلال الشرقاوي من بعثته في باريس ليجد الحركة المسرحية في القاهرة تشتعل حيوية بعد إنشاء مسرح التلفزيون في 12 فبراير 1962، وكان عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومي ـ قبل أن يتم تغيير اسم الوزارة إلى وزارة الإعلام ـ قد قام بتكليف السيد بدير الذي كان بمثابة مجمّع متنقل للفنون بإنشاء فرق مختلفة في مسرح التلفزيون، وأمام قلة عدد النصوص المسرحية الجاهزة اهتدى السيد بدير إلى فكرة إعداد روايات كبار الأدباء في نصوص مسرحية، لتشكل تلك الفكرة حلاً أتاح لحوالي عشرة فرق مسرحية أن تعمل في وقت واحد، في تجربة أنجبت أهم الأسماء التي ظلت تتصدر الساحة الفنية في مصر لعدة عقود.

استقبل السيد بدير جلال الشرقاوي بحفاوة وعهد إليه بإخراج مسرحية عن رواية (الحصاد) للأديب عبد الحميد جودة السحار، قرأ جلال الرواية فلم تعجبه وقرر أن يعتذر للسيد بدير الذي استغرب الاعتذار، ورد على جلال بلهجة حادة: "طب يا سيدي لما نلاقي العمل اللي يرضيك حانبقى نبعتلك.. سيب عنوانك وتليفونك بره"، وبعد مضي أسبوعين يئس جلال من تلقي أي اتصال، لكن فنانا موهوباً مثل سيد بدير لم يأخذ موقف جلال بشكل شخصي، بل احترم ذلك الموقف، ليتصل مكتبه بجلال ويستدعيه ليكلفه بإخراج مسرحية (الأحياء المجاورة) التي كتبها أنيس منصور، ففرح جلال وزف الخبر إلى أصدقائه في الشلة الفنية والأدبية التي كانت تحمل اسم (شلة النايت آند واي) والتي كانت تسهر كل ليلة في مقهى بفندق سميراميس يحمل ذلك الاسم، وكان على رأس تلك الشلة الفنان محمود مرسي أحد نجوم ذلك العصر في مجالات شتى.

سخر أصدقاء جلال منه وقالوا له إن السيد بدير قصد تدبيسه في تلك المسرحية، وأنه سبق وأن عرضها على كل مخرجي تلك الفترة فرفضوها لطولها وطبيعتها الغريبة، فهي مكونة من ثلاثة فصول عبارة عن حوار طويل بين زوج وزوجته حول جريمة قتل، لكن جلال أعجب بها حين قرأها، وطلب اللقاء بأنيس منصور، واستقر هو والسيد بدير على اختيار سناء جميل وحمدي غيث بطلين للمسرحية، واستبشر بهما خيراً لأن أداء الممثلين كان من أهم عناصر إنجاح عمل صعب كذلك، وحين بدأت البروفات واجه جلال مشكلة ضخمة مع زميليه "العزيزين"، حيث اكتشف أن سناء جميل "تفهم ببطء" على حد تعبيره، ولذلك اضطر إلى كثير من الصبر واللباقة من خلال الحوار المستمر معها وإعادة المناقشة ليساعدها على الاستيعاب "كي تنطلق كالمارد الجبار"، أما حمدي غيث الذي اشتهر بالأداء الكلاسيكي، فقد اكتشف جلال أن من الصعب للغاية وضعه على أرضية الأداء الواقعي، لكنه لم ييأس من المحاولة.

بعد شفاء جلال من مرضه، بدأ في إخراج مسرحية (الحصار) للكاتب المسرحي ميخائيل رومان، والتي كانت الرقابة قد اعترضت عليها ثم صرحت بها. كانت المسرحية تحكي عن أزمة المثقف المصري بعد ثورة يوليو 1952

بعد بروفات مكثفة عرضت المسرحية ونجحت، وبعدها واصل جلال الشرقاوي نجاحه في مسرحية قصيرة من تأليف توفيق الحكيم، ثم عهد إليه سيد بدير بإخراج مسرحية عن رواية (الرجل الذي فقد ظله) للكاتب الصحفي فتحي غانم، وقام جلال بمجهودات كبيرة للمزج بين تقنيات السينما وتقنيات المسرح في إخراجه للرواية التي نجحت نجاحاً كبيراً، وامتد عرضها إلى ثلاثة أسابيع، في مخالفة لقواعد مسرح التلفزيون التي كانت تقضي أن تستمر الرواية أسبوعا واحدا ثم يتم تصويرها بعدها. وفي هذه الفترة التي بدأ فيها عرض مسرحية (الرجل الذي فقد ظله) عرض على جلال إخراج مسرحية بعنوان (خطيئة حواء) تم إعدادها عن رواية للصحفي الشهير محمد التابعي عنوانها (ختام القصة)، ورغم عدم إعجابه المسرحية إلا أنه وافق على عملها، لكي يقترب إنسانياً من محمد التابعي ويراه عن قرب ويزوره بمنزله بالزمالك ويتابع تفاصيل حياته بشغف، مقرراً أن ينقل كل هذه التفاصيل إلى سعد أردش الذي مثل شخصية الصحفي المخضرم محمد ناجي، والتي كان الجميع يتهامسون أنها مأخوذة من شخصية محمد التابعي، لكن جلال لم يقل في مذكراته من أين استقى معلومة أن فتحي غانم اعتمد على شخصية التابعي في صياغته لشخصية محمد ناجي، خصوصا أن فتحي غانم نفى ذلك التشابه مراراً وتكراراً، وإن كان البعض وأنا منهم يرى أن ذلك النفي كان حتمياً للإفلات من أي تبعات قانونية.

بصيغة ماكرة في الكتابة يؤكد جلال الشرقاوي أن لطفي الخولي الكاتب الصحفي والمسرحي كان السبب المباشر وراء إنشاء وزارة الثقافة لفرقة (مسرح الحكيم)، لأن لجنة القراءة التابعة للمسرح القومي رفضت له مسرحيته (الأرانب)، فاستغل صداقته بتوفيق الحكيم ليدعم فكرة إنشاء ذلك المسرح المتخصص في النصوص المختلفة والخاصة، وأصبح الخولي عضواً في لجنته التنفيذية، وساعده في تحقيق ذلك الاقتراح الدكتور رشاد رشدي الناقد والاكاديمي وأحد أكثر الأسماء إثارة للجدل في الثقافة المصرية في فترتي الستينات والسبعينات. كان توفيق الحكيم وقتها لا يزال كاتب الرئيس عبد الناصر المفضل طبقاً لما نشر، ولذلك سرعان ما تحول اقتراح الخولي إلى حقيقة تضم فرقة مسرحية ونادياً للمسرح ومركزاً للتدريب المسرحي ومجلة (المسرح) المتخصصة.

افتتح مسرح الحكيم أول عروضه في 9 يناير 1964 بمسرحية (بيجماليون) من تأليف الحكيم وإخراج نبيل الألفي، وكانت المسرحية التالية هي (الأرانب) من تأليف لطفي الخولي وإخراج جلال الشرقاوي، وبعد عرضها قرر جلال أن يختار مسرحية (الزلزال) للدكتور مصطفى محمود، لتكون خطوته التالية، وهو ما يقول إنه سبّب حيرة للذين حسبوه على اليسار، عندما أخرج مسرحية للطفي الخولي اليساري الذي يقول إنه كان فخورا بصداقته، ثم بعدها أخرج مسرحية للكاتب المحسوب على اليمين مصطفى محمود، ودون أن يحدد جلال أسماء من وصفهم بالمحتارين فيه، يلقي خطبة عصماء عن كونه لم ينتمِ في أي يوم من الأيام إلا إلى مصر وحدها، ثم يروي كيف نجحت مسرحية (الأرانب) فنيا وجماهيريا، لكنها لم تسلم من هجمة شرسة من بعض النقاد وعلى رأسهم د. لويس عوض الذي ينقل جلال مقاطع من نقده اللاذع توقفت فيها عند هذه العبارات: ".. ولن يجد الكاتب صعوبة في أن يجعل من مسرح الحكيم نقطة تتجمع فيها السابلة من عماد الدين وضواحيه ممن يطلبون البهجة للبهجة والحياة للحياة".

لم يقتصر نشاط جلال الشرقاوي على المسرح في تلك الفترة، فقد عمل مخرجا إذاعيا وممثلا إذاعيا، ثم مخرجا للتمثيليات التلفزيونية ثم ممثلا تلفزيونيا وممثلا مسرحيا، ثم مخرجا سينمائيا لفيلم (أرملة وثلاث بنات) عام 1964 بدعم من صلاح أبو سيف الذي كان قد عين رئيسا للشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي، في نفس الوقت الذي كان صلاح أبو سيف يضع فيه العراقيل في وجه المخرج الكبير توفيق صالح، ويبدو أن هذا النشاط الإبداعي المحموم أثر صحيا على جلال أو على "فارسنا" كما يسمي نفسه بكل تواضع في المذكرات، فأصيب بآلام حادة في ظهره ألزمته الفراش لفترة غير قصيرة، كما تعرض فيلمه لأزمة عندما طلب المهندس صلاح عامر مدير مؤسسة السينما منع عرضه وقام بسحبه من دار سينما مترو التي كان قد بدأ عرضه فيها قائلا إنه فيلم شديد القسوة وقاتم ويسحق شخصياته بدون رحمة، ليرد الشرقاوي على ذلك الهجوم قائلاً في مذكرة رسمية: "الفيلم لا توجد فيه أغان ولا استعراضات راقصة ولا سيقان عارية وفي النهاية لا يتزوج البطل البطلة، ولذا اتهموه بالقسوة ونسوا أن تشريح للطبقة البرجوازية"، وفي تعليق له على فشل الفيلم جماهيريا قبل سحب عرضه، اتهم جلال جمهور السينما وقتها بالجهل والتخلف والأمية مؤمنا بأنه قدم فيلما سابقا لعصره، لكن الفيلم عندما أعيد عرضه في القنوات الفضائية لم يلق النجاح الذي لقيته أفلام فشلت وقت عرضها مثل بداية ونهاية وبين السماء والأرض وباب الحديد، لكن على أية حال، يحسب لجلال الشرقاوي أنه أقر بفشل الفيلم، وبدأ يفكر في الاستفادة من دروسها، فتوصل إلى أهم درس من وجهة نظره وهو أن محاولة التجديد الفجائي تؤدي إلى تأثير ضار ونتيجة عكسية.

حصار ميخائيل رومان

بعد شفاء جلال من مرضه، بدأ في إخراج مسرحية (الحصار) للكاتب المسرحي ميخائيل رومان، والتي كانت الرقابة قد اعترضت عليها ثم صرحت بها. كانت المسرحية تحكي عن أزمة المثقف المصري بعد ثورة يوليو 1952، حين تحول من شعلة كفاح ضد الاستعمار والإقطاع إلى عاطل بلا عمل يراقب ما تجري به الأحداث، وقبل ليلة الافتتاح حضر عبد الرحيم سرور مدير الرقابة البروفة الرئيسية للمسرحية، وأبدى كثيرا من الملاحظات وطلب حذف كثير من جمل الحوار، وحين ناقشة جلال واعترض على ملاحظاته هدده سرور بلهجة استفزازية بمنع العرض من الظهور، وهو ما يعلق عليه جلال قائلاً: "لم ينس الأستاذ سرور أنه كان ضابط بوليس فيما سبق وأن ذلك الزمن الردئ الذي صنع منه مديرا للرقابة، ذلك المنصب الذي لا بد لمن يشغله أن يكون رمزا من رموز الفن والأدب"، ثم يواصل الشرقاوي تعجبه من أن عبد الرحيم سرور بعد خروجه من الرقابة عاد ليشغل في الثمانينات منصب رئيس التلفزيون، مع أن جلال يعرف جيدا أن شغل مناصب مهمة مثل هذه لا علاقة له بالمهارات الفنية والثقافية بل للتزكيات الأمنية التي تصدرها الجهات السيادية.

المهم، تصاعدت الخناقة بين جلال وعبد الرحيم في تلك الليلة، وبعد كلمة من هنا وكلمة من هناك، خرج عبد الرحيم سرور عن شعوره وتلفظ بشتيمة بعيدة عن اللياقة والأدب ـ طبقا لوصف جلال ـ فتكتل حوله جلال ورفاقه "وكلنا له الصاع صاعين وهجمنا عليه نريد أن نبطش به، وإذا به يجري إلى الشارع في ذعر شديد ويقفز إلى سيارته وينطلق بها بأقصى سرعة، ركبت سيارتي أنا أيضا وانطلقت بها خلفه وكذلك فعل أعضاء مسرح الحكيم في سيارتين حشروا فيهما أنفسهم حشرا وبدأت المطاردة"، وقد اشترك في تلك المطاردة كل من الدكتور رشاد رشدي وتلميذاه محمد عناني وسمير سرحان ولطفي الخولي وآخرين بينهم من اشتركوا في المطاردة لمحاولة إيقافها وليس للمشاركة فيها، وانتهت المطاردة بقفز عبد الرحيم سرور جريا أمام سلالم بيته، وفي حين يروي جلال أن رشاد رشدي وتلاميذه كانوا محايدين طيلة الخلاف وتدخلوا لوقف المطاردة، فإن تغطية مجلة (صباح الخير) للواقعة تقول إن رشاد رشدي وتلاميذه تضامنوا مع عبد الرحيم سرور وقاموا بمقاطعة المسرحية، ربما لأن ميخائيل رومان كان يحسب في ذلك الوقت على اليسار، في حين كان رشاد رشدي وتلاميذه يشكلون ما يمكن وصفه بالاتجاه اليميني، وهي تسميات لا يمكن نزعها عن السياق البائس لتلك الفترة التي لم يكن يعلو فيها صوت فوق صوت الاتحاد الاشتراكي والحكم العسكري والأمني المتخفي وراء "بِدَل وكرافتات" مدنية.

بعد أن فشلت مسرحية (الحصار) فشلا ذريعا أقر به جلال، كانت خطوته التالية مسرحية (ولا العفاريت الزرق) مع المؤلف علي سالم، وأبطال "فارسيرات" مشهورين بالأداء الكوميدي الهزلي مثل محمد عوض ومحمد رضا وماجدة الخطيب ونجوى فؤاد وسمير صبري وسيد راضي وجمال إسماعيل وزوزو شكيب، وبالطبع نجحت المسرحية نجاحا "ذريعا"، وبعدها قام جلال بإخراج مسرحية عن رواية (عودة الروح) أعدها الكاتبان الشابان وقتها خيري شلبي وبكر رشوان، ويبدو أن جلال لم يكن على وفاق معهما منذ أول لحظة، فهو يقول إنه أدرك أنهما يجهلان تماما فن الكتابة الدرامية للمسرح، وأنه حاول إعادة كتابة المسرحية معهما، وخاصة مع خيري شلبي أكثر من مرة، لكنه لم ينجح بسبب ضيق الوقت، ولذلك فشل في إيجاد صيغة مسرحية لأحد المشاهد المكتوبة، فقام بإلغاء دور كان قد تم التعاقد عليه مع الفنانة زوزو ماضي، وعند عرض المسرحية قامت الدنيا ولم تقعد وكأنه ـ حسب وصفه ـ "ارتكب كفرا وإلحادا يستحق عليه الرجم بالكلمات"، ويصف الهجوم بأنه كان للمطالبة برأسه من نقاد مثل الأساتذة أحمد بهجت ومحمد بركات والمخرج كمال عيد، ويتهم جلال الكاتبين بكر رشوان وخيري شلبي بأنهما كانا وراء الحملة التي هاجمته للدفاع عن إعدادهما الذي قام بتغييره، "لا سيما أنهما كانا يؤهلان نفسيهما للولوج إلى المجد من أوسع أبوابه"، لكنه في الوقت نفسه يعود للقول إن النقاد الذين هاجموا المسرحية لم يكونوا في جزء كبير مما كتبوه أهل هوى، بل كانوا أصحاب وجهة نظر.

تأثر جلال بما كتبه النقاد عن عمليه الأخيرين، فتوقف عن الإخراج لمدة سنتين، وبالتحديد منذ أغسطس 1965 وحتى يونيو 1967، ومن بين ذكرياته عن تلك الفترة يروي أنه ذهب في يوم من أيام شهر إبريل عام 1966 لمشاهدة عرض مسرحي ذاع صيته بين الناس هو عرض (الشبعانين) من تأليف أحمد سعيد مدير إذاعة صوت العرب الذي رمى إسرائيل في البحر أكثر من مرة، وكانت المسرحية من بطولة أمين الهنيدي، وكانت تنتقد الفكر الشيوعي في صورة يصفها جلال بأنها "غير موضوعية"، وبعد انتهاء العرض خرج جلال ليجد أمين الهنيدي واقفا في بهو المسرح وهو يتسول التشجيع من المتفرجين الخارجين ـ طبقا لوصفه ـ وأخذ يتبادل مع المتفرجين نكاتا بذيئة، ويدخل معهم في نوع من القافية، لتتردد كلمة (اشمعنى) في بهو المسرح، "وتصدم أذني شتائم الأب والأم وهتفت لا شعوريا: معقول كل ده يحصل في مسرح الحكيم. هذا هو كل ما قلت ولكن كانت الطامة الكبرى".

يضيف جلال إنه بعد أن قال ما قاله فوجئ بأن أحمد سعيد الذي كان يحضر العرض وقد حف به البودي جاردات، يقفز إلى درجة سلم عالية ويقف خطيبا في الناس: "هذا هو أحد الشيوعيين، والله لنتعقبهم والله لنقضين عليه، والله لن تقوم لهم قائمة في هذا البلد المؤمن"، فغادر الشرقاوي المسرح صامتا، وفي اليوم التالي اتصل بجلال المخرج الإذاعي كمال سرحان والذي وصفه جلال بأنه أحد رجال حراسة أحمد سعيد طالبا التوسط لحل الخلاف، وعندما جلس جلال الشرقاوي مع أحمد سعيد في مكتبه بإذاعة صوت العرب، وبالطبع لك أن تسأل لماذا ذهب أصلا؟، قال جلال لأحمد سعيد "أن أكون شيوعيا هذا شرف لا أدعيه، ولكن يؤسفني أن أقول لك لقد خدعتك أجهزتك"، ثم يقول إن أحمد سعيد اعتذر له، وهو ما لم ينفه أحمد سعيد الذي صدرت المذكرات في حياته، كما ظهر العرض الذي قمت به للمذكرات في حياته، وقد كان كما سبق أن قلت في مناسبة أخرى يقرأ كل ما يكتب عنه ويحرص على الرد عليه.

في هذا الموضع من المذكرات يستشهد جلال الشرقاوي بفقرات من كتاب الناقد المسرحي الكبير الدكتور علي الراعي (هموم المسرح وهمومي) الذي كان رئيسا لمؤسسة المسرح، يؤكد فيها أنه منع عرض تلك المسرحية الهزيلة التي كتبها أحمد سعيد، ورفع مذكرة إلى مكتب الرئيس جمال عبد الناصر ليبلغه أنه لن يسمح باستخدام أموال الشعب في الهجوم على مصالح الأمة العليا، ويؤكد أن الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة والمنتمي إلى الضباط الأحرار أيده في موقفه، لكن وزارة الداخلية أبلغت وزارة الثقافة ومؤسسة المسرح بضرورة استمرار عرض المسرحية ما دامت الوزارة والمؤسسة قد أجازت عرض مسرحية (الفتى مهران) لكاتب يساري هو عبد الرحمن الشرقاوي، وذلك من باب التوازن، وهو ما يعطيك فكرة عن مدى بؤس الحياة السياسية والثقافية في فترة كهذه لم يكن غريباً أن تفضي إلى حدوث هزيمة يونيو 1967.

...

نكمل غدا بإذن الله..

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.