انتشار خبر "وفاة مُستثمر في البورصة المصرية بعد خسارة أمواله الأسبوع الماضي"، حدث يلقي الضوء على معاناة صغار المستثمرين، جراء اهتزازات في أسواق المال، إلا أن هذه الواقعة تستند إلى خلفيات عميقة تكشف المأساة التي تُحاك ضد صغار المستثمرين المصريين.
المؤسسات الاستثمارية المحلية تقود سوق المال المحلية إلى الهاوية من حين لآخر. فحين تهوي الأسعار إلى مستويات مُتدنية للغاية عن قيمتها الحقيقية تحت أية ذريعة، تدفع المُتعاملين الصغار إلى البيع متكبدين خسائر فادحة. وبعد أيام أو أسابيع قليلة تُعيد المؤسسات شراء الأسهم مرةً أخرى وفي إثرها ترتفع مُجددًا.
و"المؤسسات الاستثمارية المحلية" عبارة عن صناديق الاستثمار أطلقتها المصارف الحكومية والخاصة في مصر، إضافة إلى أموال شركات التأمين المحلية، بخلاف أموال المصارف ذاتها التي تندرج ضمن بند الاستثمار في الأوراق المالية.
خسائر بالجملة
الأسبوع الماضي، استغلت المؤسسات حدث انخفاض سعر اليوان الصيني، حتى تُصيب المستثمرين الأفراد بحالة فزع عبر بيع حصة من أسهمها بأسعار مُتدنية. دفع ذلك صغار المُستثمرين إلى بيع أسهمهم، الأمر الذي يُفسر هبوط البورصة المصرية بأعلى مُعدل بين الأسواق العربية بنحو 18.7%. هذه الأجواء أدت إلى خسارة المستثمرين الأفراد أكثر من نصف محافظهم الاستثمارية خلال 10 أيام.
"البورصة المصرية تفتقر إلى الشفافية في التعامل مع الأحداث الاقتصادية العالمية، مثل انخفاض سعر اليوان، أو أزمة ديون اليونان، مما يترتب عليه إصابة صغار المستثمرين بحالة فزع جراء أية مبيعات مكثفة تشهدها السوق عند اندلاع الأزمات"، كما يُعبر مدير الاستثمار، محمد أبو الفتوح، عن استراتيجية إدارة الاستثمارات بالبورصة المصرية.
وتعمُّقًا في تحليل الفلسفة التي تنتهجها المؤسسات الاستثمارية من المصارف وشركات التأمين لتحقيق المكاسب على حساب صغار المُستثمرين، سنستعرض أداء المؤسسات منذ بداية الشهر الحالي استنادا إلى بيانات التداول.
ففي الأسبوع الأول من أغسطس/ آب، حدث تحول غريب في سوق المال، فبعد أن كان المستثمرون الأفراد يستحوذون على 70 % من التعاملات مقابل 30 % للمؤسسات على مدار الأعوام الماضية، تجد أن الأخيرة سجلت 63.5 % من التداولات مقابل 36.5 % للأفراد. وهو ما يعكس تكثيف المؤسسات تعاملاتها التي اتسمت بالشراء، بينما شهد الأسبوع الثاني تحولًا درامياً تزامنًا مع انخفاض اليوان الصيني، إذ توجهت للبيع بشدة، مقابل المؤسسات الأجنبية التي سجلت صافي شراء بقيمة 47.5 مليون جنيه.
وبعد أن انخفضت أسعار الأسهم بشدة، غيرت المؤسسات المحلية توجُّهها نحو الشراء، خاصة في ظل اتجاه المؤسسات الأجنبية للبيع في الأسبوع الثالث بتحقيق صافي بيع 227 مليون جنيه، مما يعني انخفاض أسعار الأسهم إلى مستويات من شأنها هذه المرة تكبيد محافظ المصارف وشركات التأمين المحلية خسائر فادحة.
تدني الأسعار
واستمرت المؤسسات المحلية خلال الأسبوع الرابع في عمليات الشراء مُستغلة تدني الأسعار، لتُسجل جميع المؤسسات بنهاية الأسبوع صافي شراء بقيمة 125 مليون جنيه، وهذا الرقم يعني أن المستثمرين الأفراد سجلوا صافي مبيعات بنفس القيمة، أي أنهم تخلوا عن أسهمهم بأسعار منخفضة نتيجة الفزع الذي أصابهم خلال الأسبوعين الثاني والثالث من أغسطس/آب.
وبحسب أبو الفتوح، فإن المؤسسات المحلية اعتادت أن تُكثف عمليات البيع في الأحداث الإيجابية، حتى تجني الأرباح الناتجة عن ارتفاع الأسهم خلال الأسابيع السابقة لتلك الأحداث. هذه الخطوة تدفع صغار المستثمرين لبيع أسهمهم بكثافة لتقوم المؤسسات بإعادة شرائها بعد جلسات قليلة. ويُضيف مدير الاستثمار أنه وقت الأزمات تدرك المؤسسات حالة الخوف التي تنتاب المستثمرين الأفراد، لذا تقوم بتكثيف البيع دفعة واحدة ليتخلى الأفراد عمّا في جعبتهم من أسهم بأسعار بخسة. وهنا تبدأ المؤسسات في إعادة الشراء مُجددًا.
من جهة أخرى، يبدو أن المؤسسات الأجنبية لديها نظرة مستقبلية إيجابية للسوق المصرية على الأجل الطويل، حيث سجلت منذ بداية العام صافي شراء 427 مليون جنيه رغم الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد.
ويُعلق أبو الفتوح على أداء المستثمرين الأجانب قائلاً: " لا يتوقع أحد أداءهم وقت الأزمات، فالآن يقومون بمضاربات عنيفة على الأسهم بسبب ضبابية تداعيات انخفاض عملة التنين الصيني. ومع ذلك هم ما زالوا يرون أن البورصة المصرية تحظى بفرص لتحقيق الأرباح". من جهته، يُلقي الخبير الاقتصادي، هشام رشاد، الضوء على أحد المخاطر التي تُساهم في فزع المُستثمرين الأفراد، وهي "التأخر في انتخاب مجلس للنواب. كما أنهم لا يتوقعون طبيعة التشريعات التي يمُكن أن تصدرها السلطة الحالية، في ما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي، إلى جانب غياب إمكانية مُحاسبة السلطة التنفيذية".
اقرأ أيضاً: هدوء استثماري خليجي في مصر
المؤسسات الاستثمارية المحلية تقود سوق المال المحلية إلى الهاوية من حين لآخر. فحين تهوي الأسعار إلى مستويات مُتدنية للغاية عن قيمتها الحقيقية تحت أية ذريعة، تدفع المُتعاملين الصغار إلى البيع متكبدين خسائر فادحة. وبعد أيام أو أسابيع قليلة تُعيد المؤسسات شراء الأسهم مرةً أخرى وفي إثرها ترتفع مُجددًا.
و"المؤسسات الاستثمارية المحلية" عبارة عن صناديق الاستثمار أطلقتها المصارف الحكومية والخاصة في مصر، إضافة إلى أموال شركات التأمين المحلية، بخلاف أموال المصارف ذاتها التي تندرج ضمن بند الاستثمار في الأوراق المالية.
خسائر بالجملة
الأسبوع الماضي، استغلت المؤسسات حدث انخفاض سعر اليوان الصيني، حتى تُصيب المستثمرين الأفراد بحالة فزع عبر بيع حصة من أسهمها بأسعار مُتدنية. دفع ذلك صغار المُستثمرين إلى بيع أسهمهم، الأمر الذي يُفسر هبوط البورصة المصرية بأعلى مُعدل بين الأسواق العربية بنحو 18.7%. هذه الأجواء أدت إلى خسارة المستثمرين الأفراد أكثر من نصف محافظهم الاستثمارية خلال 10 أيام.
"البورصة المصرية تفتقر إلى الشفافية في التعامل مع الأحداث الاقتصادية العالمية، مثل انخفاض سعر اليوان، أو أزمة ديون اليونان، مما يترتب عليه إصابة صغار المستثمرين بحالة فزع جراء أية مبيعات مكثفة تشهدها السوق عند اندلاع الأزمات"، كما يُعبر مدير الاستثمار، محمد أبو الفتوح، عن استراتيجية إدارة الاستثمارات بالبورصة المصرية.
وتعمُّقًا في تحليل الفلسفة التي تنتهجها المؤسسات الاستثمارية من المصارف وشركات التأمين لتحقيق المكاسب على حساب صغار المُستثمرين، سنستعرض أداء المؤسسات منذ بداية الشهر الحالي استنادا إلى بيانات التداول.
ففي الأسبوع الأول من أغسطس/ آب، حدث تحول غريب في سوق المال، فبعد أن كان المستثمرون الأفراد يستحوذون على 70 % من التعاملات مقابل 30 % للمؤسسات على مدار الأعوام الماضية، تجد أن الأخيرة سجلت 63.5 % من التداولات مقابل 36.5 % للأفراد. وهو ما يعكس تكثيف المؤسسات تعاملاتها التي اتسمت بالشراء، بينما شهد الأسبوع الثاني تحولًا درامياً تزامنًا مع انخفاض اليوان الصيني، إذ توجهت للبيع بشدة، مقابل المؤسسات الأجنبية التي سجلت صافي شراء بقيمة 47.5 مليون جنيه.
وبعد أن انخفضت أسعار الأسهم بشدة، غيرت المؤسسات المحلية توجُّهها نحو الشراء، خاصة في ظل اتجاه المؤسسات الأجنبية للبيع في الأسبوع الثالث بتحقيق صافي بيع 227 مليون جنيه، مما يعني انخفاض أسعار الأسهم إلى مستويات من شأنها هذه المرة تكبيد محافظ المصارف وشركات التأمين المحلية خسائر فادحة.
تدني الأسعار
واستمرت المؤسسات المحلية خلال الأسبوع الرابع في عمليات الشراء مُستغلة تدني الأسعار، لتُسجل جميع المؤسسات بنهاية الأسبوع صافي شراء بقيمة 125 مليون جنيه، وهذا الرقم يعني أن المستثمرين الأفراد سجلوا صافي مبيعات بنفس القيمة، أي أنهم تخلوا عن أسهمهم بأسعار منخفضة نتيجة الفزع الذي أصابهم خلال الأسبوعين الثاني والثالث من أغسطس/آب.
وبحسب أبو الفتوح، فإن المؤسسات المحلية اعتادت أن تُكثف عمليات البيع في الأحداث الإيجابية، حتى تجني الأرباح الناتجة عن ارتفاع الأسهم خلال الأسابيع السابقة لتلك الأحداث. هذه الخطوة تدفع صغار المستثمرين لبيع أسهمهم بكثافة لتقوم المؤسسات بإعادة شرائها بعد جلسات قليلة. ويُضيف مدير الاستثمار أنه وقت الأزمات تدرك المؤسسات حالة الخوف التي تنتاب المستثمرين الأفراد، لذا تقوم بتكثيف البيع دفعة واحدة ليتخلى الأفراد عمّا في جعبتهم من أسهم بأسعار بخسة. وهنا تبدأ المؤسسات في إعادة الشراء مُجددًا.
من جهة أخرى، يبدو أن المؤسسات الأجنبية لديها نظرة مستقبلية إيجابية للسوق المصرية على الأجل الطويل، حيث سجلت منذ بداية العام صافي شراء 427 مليون جنيه رغم الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد.
ويُعلق أبو الفتوح على أداء المستثمرين الأجانب قائلاً: " لا يتوقع أحد أداءهم وقت الأزمات، فالآن يقومون بمضاربات عنيفة على الأسهم بسبب ضبابية تداعيات انخفاض عملة التنين الصيني. ومع ذلك هم ما زالوا يرون أن البورصة المصرية تحظى بفرص لتحقيق الأرباح". من جهته، يُلقي الخبير الاقتصادي، هشام رشاد، الضوء على أحد المخاطر التي تُساهم في فزع المُستثمرين الأفراد، وهي "التأخر في انتخاب مجلس للنواب. كما أنهم لا يتوقعون طبيعة التشريعات التي يمُكن أن تصدرها السلطة الحالية، في ما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي، إلى جانب غياب إمكانية مُحاسبة السلطة التنفيذية".
اقرأ أيضاً: هدوء استثماري خليجي في مصر