صراعات اللغة والجسد والعنف

06 يناير 2016
مشهد من "نصف السماء"، لعبد القادر لقطع (2015)
+ الخط -

حينما أطلّ عبدالله العروي على المغاربة من شاشتهم الصغيرة في أيار/ مايو 2015، وهي الحلقة الحوارية التي شهدت أرقاماً قياسية من حيث المتابعة الجماهيرية، كان يدافع عن اللغة العربية ضد ما اعتبر رغبة من "رجال المال" في تكريس هيمنة اللغة الدارجة ضمن مجالات التربية والتعليم.

بدا أن المفكر المغربي كان يصر على توجيه رسائله مباشرة إلى السلطات العليا وإلى الدولة، غير معني بالذين ظهروا على الساحة فجأة برغبة في خلخلة المنظومة اللغوية في المغرب. هذا الصراع الذي شغل المغاربة لأشهر عديدة، انتهى بالوقوف عند الإشكالية الأعمق، وهي اختلالات المنظومة التربوية في البلاد.

ولم تهدأ بعد الضجة التي أثيرت حول القضية اللغوية في المغرب، حتى طفت على السطح تجاذبات جديدة، من بينها فيلم نبيل عيوش الجديد "الزين اللي فيك"، والذي يتناول موضوع الدعارة في المغرب. حيث منع الفيلم باعتباره يمثل نموذجاً "للعبث والتخريب الممنهج للقيم"، فيما سارع العديد من المثقفين إلى استصدار بيان شجب لقرار المنع.

وكانت وزارة الاتصال المغربية اعتمدت في تقييمها على بعض مقاطع الفيلم السينمائي على "يوتيوب" وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبر خرقاً قانونياً، ما دامت اللجنة لم تجتمع ولم تشاهد الفيلم ولم يتقدّم صاحبه بطلب ترخيص توزيعه في المغرب. في حين، حصل المخرج وإدارة إنتاجه على ترخيص بالتصوير من "المركز السينمائي المغربي" وهو الطرف المباشر المعني بـ "المنع".

وأبعد من الجدال حول علاقة الحرية والفن ووظيفة العمل السينمائي وإشكالية اللغة وعلاقة الفني بالقيمي، ظل مركز النقاش يتضمّن أسئلة ترتبط بجوهر العمل السينمائي. وتحوّل الإعلام إلى صدى مباشر لخطابين بارزين: الأول حافظ على لغة التشكيك وطالب بعدم الارتكاس الى الوراء وطالب بقيم الحرية نمطاً وأفقاً للتفكير والممارسة، والخطاب الثاني تنوعت حدته بين النزعة التكفيرية وبين المطالبة بمنع الفيلم لأنه "يخالف قيم المغاربة" ولأنه "يسيء إلى المرأة المغربية وصورتها".

على صعيد آخر شُغلت الأوساط المغربية بقضية الاعتداء على الشاعر عبد اللطيف اللعبي وزوجته الكاتبة جوسلين اللعبي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في ما بدا محاولة للسرقة حيث اقتحم "لص" منزلهما واعتدى عليهما.

في حين لم يبد حاسماً الطابع الجنائي للقضية. كما نزل إلى الصالات في 2015 فيلم "نصف السماء" الذي أخرجه عبد القادر لقطع حول تجربة السجن السياسي التي تعرض لها اللعبي ومعاناة زوجته إبانها، وهو الفيلم الذي فاز بجائزة "مهرجان الإسكندرية السينمائي".


اقرأ أيضاً: زيارة الجلاد إلى بيت عبد اللطيف اللعبي

دلالات
المساهمون