وأثار روحاني جدلاً كبيراً بجملته "ما إن نعبّر عن رغبتنا في التفاوض حتى نجدهم يقولون، إننا نرتعد خوفاً. إلى الجحيم. ابحثوا عن مكان آخر دافئ لكم، فالله خلقكم جبناء مرتعشين"، مما زاد من حدّة الانتقادات ضده.
وبدأت كلمات النواب الافتتاحية، في الجلسة الاعتيادية التي عقدها البرلمان الإيراني، والذي يسيطر المحافظون على أغلب مقاعده، اليوم الثلاثاء، بانتقاد تصريحات روحاني، ثم عقد النواب
جلسة مغلقة لمناقشة التصريحات، والبحث عن طريقة لمحاسبة الرئيس، غداة توقيع 200 نائب من أصل 290، على عريضة تطالب بمناقشة كلمة روحاني، بشكل رسمي في البرلمان، حسبما ذكرت وكالة أنباء "إيسنا".
ونقلت "إيسنا"، عن عضو الهيئة الرئاسية في البرلمان، أبو ترابي فرد، قوله، إن "على روحاني، استخدام كلمات وتعابير أنسب، عندما يخاطب أشخاصاً من ذوي المناصب، ويُعدّون من صنّاع القرار في البلاد".
واتفقت معظم تصريحات النواب المحافظين، والتي نشرت في وكالات الأنباء الرسمية، على أن الرئيس قد تمادى في توصيفه للمتشددين في التيار المحافظ، ومن هؤلاء النواب، أحمد توكلي، أبو الفضل أبو ترابي، وقاسم جعفري، وغيرهم.
من جهتها، نقلت وكالة أنباء "مهر" عن رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، قوله في الجلسة المغلقة، إنه "لا يمكن الدفاع عن روحاني أو تبرير ما قاله"، ولكنه طالب النواب بالاهتمام أكثر بالمشكلات الأخرى، والتركيز على إيجاد حلول لها، ومنها المشكلات المعيشية والاقتصادية، وملفات المنطقة، التي تؤثر على إيران أيضاً.
وفي السياق نفسه، انتقدت صحيفة "كيهان"، التي تمثل الخط المتشدد في إيران، على صفحتها الأولى، تصريحات الرئيس، وكتبت تحت عنوان "هذا هو نموذج الاعتدال الذي تحدث عنه روحاني": إن "الرئيس يصف منتقديه بالجبناء، ويتعامل بلطف مع الولايات المتحدة، على الرغم من عدم القدرة على التوصّل إلى اتفاق نهائي في شأن الملف النووي".
وأضافت "كيهان" أن "الجميع يدركون صعوبة المهام، التي تقع على عاتق الحكومة، ولكن هذا لا يبرر استخدام تعابير مهينة وغير منصفة". وطالبت روحاني، بتقديم "اعتذار للمحافظين وإلا ستشهد البلاد صراعاً بينهم وبين حكومة الاعتدال التي يترأسها".
وجاءت تصريحات روحاني المنتقدة للمحافظين لتذكر بتصريحات شبيهة أطلقها سلفه، محمود أحمدي نجاد، في السنوات الأخيرة لحكمه، إذ انتقد نجاد، آنذاك مؤسسة الحرس الثوري، التي ينتمي معظم أعضائها إلى المتشددين، مما أدى حينها إلى نشوب صراع بين الطرفين، حمّل فيه المتشددون نجاد مسؤولية اتباع سياسات اقتصادية داخلية، وإقرار خطط أدت إلى تدهور وضع البلاد.
وأكد الكاتب، فضل الله ياري، في افتتاحية صحيفة "ابتكار"، اليوم الثلاثاء، أن "روحاني، يتّسم بالاتزان ويتمتع بكاريزما جعلت كثيرين يستمعون إليه وينتخبونه. ورفعت شخصيته من أرصدته بين السياسيين المنتمين إلى التيارات المحافظة والاصلاحية، على حد سواء، كونه معتدلاً وينتمي إلى خط الوسط".
وأضاف: "لكن عليه أن يحذر من اتباع أسلوب أحمدي نجاد، الجدلي، والذي كان يردّ على الانتقادات الموجهة له ولسياساته بهذه الطريقة، ويوجّه اتهامات لكل الأطراف، وهو الأمر الذي جعله شخصية جدلية، ولكن في الوقت نفسه جعله يخسر كثيرين من حوله".
في المقابل، ردّ مستشار الرئيس للشؤون الثقافية، حسام الدين اشنا، على الانتقادات الموجهة ضد روحاني، وقال إن "الرئيس كان يعبر عن موقفه بصراحة، ولم يكن منفعلاً أكثر من اللازم، كما ادّعى البعض، وكل ما قاله هو موقف صريح وشفاف من الانتقادات التي تقف في وجه سياساته".
من جهته، أكد المستشار الإعلامي للرئيس، محمد رضا صادق، أن "خطاب روحاني تطرق إلى العديد من النقاط، وطالب بوحدة الداخل".
وأشار إلى أن "الحكومة تريد اتباع الديبلوماسية التي تحظى بدعم شعبي وبدعم المرشد الأعلى، علي خامنئي، وكل هذا لحل أزمات البلاد". واعتبر أنه "لا يجب تضخيم الأمور والإسهاب في تحليل جملة واحدة، من دون التركيز على باقي جوانب الخطاب".
بدوره، قال النائب الإصلاحي في البرلمان الإيراني، محمد رضا تابش، في لقاء مع وكالة "إيسنا"، إن "وسائل الإعلام لعبت دوراً في تضخيم الأمر، فروحاني، لم يكن يقصد توجيه إهانة بقدر ما كان يريد أن يوصل إلى المحافظين، أن التفاوض مع الغرب لا يعني أنه جبان، وسيقدم تنازلات مصيرية".
من ناحيته، شدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، صادق زيبا كلام، وهو من المحسوبين على الإصلاحيين، على "حق الرئيس في الرد على الانتقادات الحادة الموجهة إلى سياساته الخارجية، ولكنه اختار طريقة أشعلت نار الخلاف من جديد بين الحكومة والبرلمان، الذي يستطيع محاسبته ومحاسبة حكومته".