صدقت يا جنرال.. محاربة الإرهاب لا تتجزأ

03 أكتوبر 2014
+ الخط -

قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، موجهًا كلماته للغرب إن "محاربة الإرهاب لا يجب أن تتجزأ، ولا يجب أن تقتصر على فصيل إرهابي واحد، في مكان محدد"، وهو، هنا، يريد، في مقابل تعاونه في الحلف ضد داعش، أن يساعده الغرب في حربه ضد من يسميهم هو الإرهابيين، وليس الذين يقتلون الجيش والشرطة في سيناء والصحراء الغربية وغيرها، ولكن خصومه السياسيين من حركة الإخوان المسلمين وغيرهم، وهو يعرض هنا مقايضة شبه صريحة.

لكن، بغض النظر عن محاولات السيسي الاستفادة من الظروف الحالية، في كسر عزلته في ظروف احتياج الدولة المصرية في الحلف ضد داعش، وهو ما مكنه من مقايضة ذلك بطائرات الأباتشي وفك الحصار السياسي.

المقولة عن عدم تجزئة الحرب على الإرهاب سليمة تمامًا، وسديدة من الناحية الأخلاقية والعملية معًا، فمن الناحية الأخلاقية، ليس من المنطقي إدعاء محاربة الإرهاب، ثم قصره على فصيل واحد، وفي مكان محدد، وماذا عن أوجه الإرهاب الأخرى التي تعج بها المنطقة؟ وماذا عن جرائم الإرهاب الأبشع التي ترتكب في نواحيها، وأما من الناحية العملية فإن قصر محاربة الإرهاب على فصيل واحد، وترك نيرانه مشتعلة في غيرها من الأنحاء، لا يغني شيئا، وستظهر ألف داعش بدلًا من داعش، ما دام الظلم والطغيان والإرهاب موجودًا، فإن الإرهاب المضاد، ببثوره وأشكاله المختلفة، سيظهر من جديد، وكلما سُحق داعش ظهرت عشرة دواعش، وما دامت الدواعي موجودة فستظل الدواعش مولودة.

لكن، كيف يمكن أن نتحدث عن (الحرب على الإرهاب) في منطقة الشرق الأوسط، ثم نغض الطرف عن إسرائيل وجرائمها المتكررة ضد كل جيرانها، ضد غزة عدة مرات، وضد لبنان وجدران العزل وجرائم المستوطنين في الضفة، فعن أي حرب عن الإرهاب نتحدث؟ وكيف نصفها بالحرب على الإرهاب، بينما الولايات المتحدة الداعية لها هي المساند الأكبر لإسرائيل، سياسيًا وماديًا وعسكريًا، لا يمكن أن ننتظر أن يتوقف الإرهاب في المنطقة، ما دامت إسرائيل مستمرة في ممارساتها.

فأي حرب على الإرهاب تلك التي يدعو إليها، ويشارك فيها المتهمون بالإرهاب؟ أي حرب على الإرهاب تلك التي يشارك فيها من كانت أيديهم تفيض بدماء شعوبهم؟ أي حرب على الإرهاب تلك التي تضم أطرافًا ارتكبت في حق شعوبها أضعاف ما ارتكبه داعش؟ أي حرب على الإرهاب تلك التي تشارك فيها النظامان، السوري والمصري، وكذلك الإيراني الذي يعدم العلماء في عربستان على الهوية الدينية؟

أي حديث عن حرب من هذا النوع وبهذا الشكل، ما هو إلا ترجمة لقول الشاعر:

المستجير بعمرو عند كربته   ***    كالمستجير من الرمضاء بالنار

avata
avata
يحيى حسن عمر (مصر)
يحيى حسن عمر (مصر)