واعتبرت الصحيفة الفرنسية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، على لسان مراسلها، بيير باربارنسي، أن "الجميع يعرف أن الاحتلال هو الشكل الأعلى لاستعباد البشر، ولكن هذا لا يمنعنا من الإحساس بالذهول من الممارسات الإسرائيلية في هذا المجال، التي وصلت إلى درجة ارتكاب فظاعات أدانتها المنظمة الإسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان".
ويشير المقال إلى أنه مع انطلاق الانتفاضة الثانية، سنة 2000، "كرست إسرائيل لقطاع غزة مصيرا خاصا، فإضافة إلى السياج، قررت إنشاء منطقة عازلة، لكن في الجانب الفلسطيني، فكانت نتيجته تقييد وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم، والويل لمن تجرأ على تحدي القرار الإسرائيلي، فالرشاشات وأحيانا المدفعية جاهزة للإطلاق".
وأوضحت الصحيفة أنه "مع توالي الزمن وسّعت إسرائيل من هذه المنطقة العازلة، من 100 متر في البداية إلى 500 متر حاليا، ومثلما هو شأن الصيادين الفلسطينيين، الذين يعرفون تقييدا في أماكن الصيد، تفرضه المدفعيّة الإسرائيلية، فإن المزارعين يتعرفون على الأمر من خلال إطلاق النار، لأن المحتلّ لا يكلف نفسه حتى الإعلان عن التغييرات التي يحدثها في المنطقة، وهو ما ينتج عنه مقتل العديد من الفلسطينيين".
ويتابع الكاتب أنه "أثناء كل حرب تقوم بها إسرائيل ضد قطاع غزة، يقوم الجيش بتدمير مزارع الحمضيات وحقول الفراولة، دائما، باسم المنطقة العازلة، ولكن، أيضا، لأن الأمر يتيح له إغراق غزة بالفواكه الإسرائيلية".
وتضيف الصحيفة أنه "منذ نهاية عملية الجرف الصامد، في صيف 2014، تم الحفاظ على المنطقة العازلة، القاحلة، من جديد، التي قُلصّت إلى 100 متر، عبر رشّها، مرتين في السنة (ديسمبر/كانون الأول - يناير/كانون الثاني ثم إبريل/نيسان) بالمبيدات الزراعية، ولا أحد يشك في أن هذه المواد الكيماوية التي يتم رشها لا تتوقف عند حدود المائة متر".
وفي بادرة أولى، أخطر الإسرائيليون الجانب الفلسطيني بهذه العملية، وهو ما دفع المزارعين الفلسطينيين لجني محاصيلهم بشكل مبكر.
ولكن إسرائيل عادت، كما يكتب الصحافي الفرنسي، إلى استخدام الرش يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني الماضي دون إخطار الفلسطينيين بالأمر، فكانت النتيجة، كما تفضح منظمة بتسليم، أن "رياحا قوية نقلت المواد الكيماوية بعيدا، فألحقت ضررا بأراض تبعد مسافة 600 إلى 1200 متر داخل قطاع غزة"، والأشد خطرا هو أن "الجيش الإسرائيلي استخدم، هذه المرة، مواد كيماوية شديدة المفعول، لأن الفلسطينيين اكتشفوا آثارها في اليوم التالي وليس بعد يومين أو ثلاثة أيام كما كان عليه الحال في الماضي".
والنتيجة كانت تعرُّض 400 هكتار من الأراضي الزراعية على طول الحدود مع إسرائيل للضرر، وبالتالي ارتفعت خسائر المزارعين الفلسطينيين في هذه المناطق إلى 75 يورو في الهكتار الواحد.
وينقل الصحافي الفرنسي ظروفا مأساوية يعيشها بعض المزارعين الفلسطينيين الذين خسروا كل محاصيلهم الزراعية بسبب هذه المواد الكيماوية الخطيرة.