صحافيو تونس يكافحون من أجل حق المعلومة

06 يونيو 2018
منع المستشفى دخول الصحافيين (فرانس برس)
+ الخط -
العمل الصحافي ليس نزهة في إحدى المناطق السياحية طلباً للاستجمام والراحة، بل عملٌ يستدعي تركيزاً وحضوراً ذهنياً كي يتمكن الصحافي من أدائه على أحسن حال. لكن الصحافيين لا يجدون الأرض مفروشة أمامهم دائماً بالورود، ويعانون الأمرّين من أجل الحصول على المعلومة وإيصالها للمواطن الذي من حقه، وفقاً للعهد الدولي لحقوق الإنسان، الاطلاع على الأخبار.

الوصول إلى المعلومة وإيصالها إلى المواطن تلك هي معضلة العمل الصحافي اليوم في تونس في ظل تزايد حدة رفض الموظفين الرسميين مدّ الصحافي بالمعلومة الدقيقة كي يتمكن من أداء عمله، ويصل الأمر في أحيان عدة إلى المنع من العمل، كما حصل يوم الأحد الماضي (3 يونيو/حزيران)، في محافظة صفاقس، جنوب تونس. إذ بعد غرق مركب يقل 180 مهاجراً غير شرعي، قبالة جزيرة قرقنة التونسية، توجه الصحافيون إلى مكان الحدث لتغطيته، لكنهم واجهوا عراقيل عدة للوصول إلى مبتغاهم.

ومُنع صحافيو التلفزيون الرسمي التونسي من دخول "مستشفى الحبيب بورقيبة" في صفاقس، من قبل مديره. وقد صرح الصحافي قيس الهماني الذي كان ضمن الفريق المكلف بالتغطية، لـ "وحدة الرصد" في "مركز السلامة المهنية" التابع للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، بأن "مدير مستشفى الحبيب بورقيبة في صفاقس أعطى أوامر لأعوان الحراسة بمنع الصحافيين من الدخول والتصوير في المستشفى، وقد تواصلنا مع المكلف بالاتصال في وزارة الصحة شكري النفطي الذي أكد في مرحلة أولى أنه سيسمح لنا بالتصوير وأنه سيتواصل مع المدير في الصدد، ثم وعاد ليؤكد لنا في مرحلة ثانية أن سبب المنع هو أن الأمور أصبحت في يد النيابة العمومية".

وأثناء تغطية الواقعة نفسها عملت عناصر من الجيش التونسي على منع المصور الصحافي المستقل، حسام الزواري، من العمل. وواجه اعتداءً لفظياً من عنصر في الجيش التونسي، واقتيد إلى سيارة أمنية، حيث حاول العنصر نفسه إجباره على إتلاف مادته المصورة. وتدخل الصحافيون المتواجدون في المحيط، لفائدة زميلهم. لكن الزواري اضطر إلى فسخ المادة المصورة بحضور أمني.



وشرح الصحافي الزواري "كنت أعمل على تصوير مشهد عام للمستشفى حين توجه نحوي عنصر من الجيش الوطني وطلب مني ترخيصاً بالتصوير، فأعلمته بهويتي الصحافية، وأكدت له أني أعمل على تصوير مشهد عام للمكان". وأضاف الزواري: "بعد فترة قصيرة توجه نحوي أحد عناصر الجيش، وحاول فك آلة تصويري، وطالبني بفسخ المادة المصورة، موجهاً لي كلاماً نابياً، ولم أتمكن من المغادرة إلا بعد فسخها بحضور الأمن".

عمليات منع الصحافيين من أداء عملهم وتعرضهم في الكثير من الأحيان إلى العنف اللفظي والمادي جعل من تغطيتهم لبعض الأحداث بمثابة المغامرة غير مضمونة العواقب، يضاف إلى ذلك عدم توفر ضمانات قانونية تمكن الصحافي التونسي من حق النفاذ إلى المعلومة يصعب من مهمة أداء عمله. وعلى الرغم من إصدار رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، منشوراً حكومياً يسمح للموظفين الرسميين بتمكين الصحافيين من حقهم في النفاذ إلى المعلومة مثل غيرهم من المواطنين، إلا أن بعضهم لا يزال يرفض بشكل غير رسمي مدّ الصحافيين بالمعلومات، بحجج واهية كادعاء فقدان الوثيقة المطلوبة وعدم جاهزيتها، الأمر الذي يقوّض عمل الصحافيين، ويجعل الأمر مستحيلاً عند العمل على قضايا تخص الفساد.

ورغم الضغوط التي مارستها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وبعض الهيئات الأخرى مثل "هيئة النفاذ إلى المعلومة" التي تنظر في كل الشكاوى التي ترفع إليها بعد المنع من الوصول إلى المعلومة، لكن عمل هذه الهيئة ومجهودات النقابة الوطنية للصحافيين تصطدم بجدار من الرفض والخوف من قبل الموظفين الرسميين للتعاطي مع الإعلاميين وتمكينهم من المعلومة التي تعدّ شريان عملهم.