ورأى الصحافي العراقي، سامر العلي، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد" أن "اختطاف شوقي رسالة تهديد واضحة من المليشيات لباقي الصحافيين والكتاب في البلاد، لذلك يمكن القول إننا بتنا أمام خيارين، إما العمل بأسماء وهمية، وإما مغادرة البلاد إلى غير رجعة".
واعتبر أن "في العراق ظلما كثيرا في مختلف النواحي، ومثل هذه التهديدات تمثل محاولة لمنع إيقاف ما يجري في البلاد".
وبدأ عدد من الصحافيين يفكرون بالهجرة إلى خارج البلاد، لعدم قدرتهم على مواصلة العمل بحريّة أو كتابة مقال أو تقرير، خشية تعرضهم لما تعرضت له شوقي.
وقال الصحافي فاضل الطائي لـ"العربي الجديد" "بدأت أفكر فعلاً بالهجرة من البلاد، فنحن نتعرض لمخاطر كبيرة، ومسؤولونا بالصحف يقترحون علينا مواضيع وأفكارا، ويطالبوننا بالعمل عليها، ولا يراعون أننا قد نتعرض للموت بسببها، كونهم أصلاً خارج العراق، ولا يعرفون ما نعانيه".
وتساءل الطائي "ماذا يعني أن تختطف صحافية من منزلها وسط بغداد؟ أليست رسالة واضحة وتهديدا للجميع، من قبل العصابات والمليشيات المسلحة بهدف مصادرة الحريات وتكميم الأفواه؟"، معتبراً أن "البعض خضع لهم، ولا يكتب إلا ما يرغب به حملة السلاح بالعراق".
وفي سياق متصل، اضطر العديد من الصحافيين والكتاب إلى النشر بأسماء مستعارة في العامين الأخيرين، ما يدلّ على ارتفاع كبير في معدلات التهديد والتضييق عليهم في البلاد.
وأوضح الكاتب والصحافي، فلاح الدليمي، أن "العمل الصحافي أصبح أخطر مهنة في العراق، أخطر حتى من مهمة عناصر أجهزة الأمن المختلفة، فمجرد منشور على مواقع التواصل أو تقرير أو مقال في صحيفة قد يودي بحياة الصحافي أو ينتهي به الأمر في غياهب السجون وربما بعملية خطف مماثلة، لما حصل للصحافية أفراح شوقي".
وقال الدليمي "بدأنا مع العديد من الزملاء بالنشر بأسماء مستعارة، تحسباً من الملاحقة بهدف نشر ملفات الفساد التي تنخر مؤسسات الدولة وانتقاد الواقع السياسي والأمني المتدهور في عموم البلاد"، في حديث لـ"العربي الجديد".
يذكر أن قانون حماية الصحافيين أثار جدلاً واسعاً، ولسنوات طويلة في البلاد، لكنه انتهى بمجموعة من القرارات التي لم توفر حماية حقيقية للصحافيين، واستمرت عمليات الاعتقال والاعتداءات حتى من قبل أجهزة الأمن الحكومية ضدهم.
وذكر الصحافي والكاتب، عادل الكرخي، لـ"العربي الجديد" أنه حصل على لجوء سياسي في إحدى الدول الأوروبية ولن يعود الى العراق، مضيفاً أنه بات "أكثر حرية الآن في الكتابة والنقد".
وكان المسلحون قد أفرجوا عن شوقي، الثلاثاء، بعد تسعة أيام من اختطافها من منزلها وسط بغداد. وأعلنت، أمس الأربعاء، أنها اختطفت لاعتقاد الجماعة المسلحة أنها من كتبت التقرير حول "الاختلاط بين الرجال والنساء خلال الزيارة الأربعينية في مدينة كربلاء جنوب العراق" في صحيفة "الشرق الأوسط" قبل فترة، والذي أثار لغطاً واسعاً، بعدما تبين أنه مفبرك.
وقبل اختطافها، كتبت شوقي منشوراً على موقع "فيسبوك" انتقدت فيه انتشار المظاهر المسلحة، وتطرقت إلى حادثة تعرض مديرة مدرسة للضرب المبرح، على يد أحد ضباط وزارة الداخلية.
وأثارت عملية اختطاف شوقي ضجة واسعة في المجتمع العراقي، وتعرضت الحكومة العراقية لانتقادات شديدة لعجزها عن إطلاق الصحافية المختطفة أو حتى الكشف عن الجهة المسلحة المسؤولة.
ولم تتوقف عمليات استهداف الصحافيين العراقيين منذ 2003، إذ ذكر تقرير سابق صادر عن نقابة الصحافيين العراقيين أن حوالي 455 صحافياً عراقياً قتلوا منذ عام 2003، بينهم 20 صحافياً قتلوا خلال 2016.
ويعتبر العراق ثاني أخطر بلد في العالم على حياة الصحافيين بعد سورية، وفقاً لتقرير سابق نشرته "اللجنة الدولية لحماية الصحافيين".