صحافيون أجانب على حدود غزة: مشاهد نراها لأول مرة

11 مايو 2018
اهتمام إعلامي بغزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
على مقربة من الشُبان المحتشدين على الحدود الشرقية لمدينة غزة، كانت المصورة البلجيكية فيرجين هوانغ تلتقط بعدستها صوراً للمشهد الفلسطيني قرب السياج الفاصل، وفي لحظةٍ ما، عند سماعها دوي رصاصة واحدة أطلقها جنود الاحتلال صوب المتظاهرين، وخلّفت إصابتين، قالت لزميلتها: "إصابتان برصاصة واحدة!".

هوانغ جاءت إلى غزة قبل ثلاثة أيام، بهدف تغطية الأحداث الجارية على طول الحدود الشرقية من قطاع غزة، مثلما فعل صحافيون أجانب غيرها، في الوقت الذي وصل الفلسطينيون فيه إلى الجمعة السابعة من فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" والتي أُطلق عليها "جمعة النذير".

وبينما ينتظر الفلسطينيون نتائج فعالياتهم التي انطلقت منذ الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، والتي يُتوقع أن تكون ذروتها في منتصف الشهر الجاري تزامنًا مع ذكرى النكبة الفلسطينية 1948، لوحظ مجيء صحافيين أجانب إلى القطاع، قبل أيام لتغطية الأحداث، في ظل محاولة الاحتلال التصدي للمسيرة بشتى أشكال العنف.

وتقول هوانغ لـ"العربي الجديد": "إن أهمية تغطية الأحداث الجارية على حدود غزة، تكمن في إيصال صورة الفعاليات السلمية التي يقوم بها الفلسطينيون طيلة أيام الأسبوع، بخلاف يوم الجمعة، فالبعض في العالم يرى أن الأحداث تخص يوم الجمعة فقط، بينما لا ينتبهون إلى أن هذه الأنشطة الفلسطينية مستمرة".

وتوضح المصورة البلجيكية أنه من الضرورة إيصال صورة النشاطات السلمية التي يقوم بها الفلسطينيون على مقربة من الحدود. وتضيف: "نحن في بلجيكا نستغرب استعمال الرصاص الحي في مواجهة شبان عزل، على العالم والمؤسسات الدولية أن تفعل شيئاً تجاه هذا المشهد والطريقة التي تتصدى بها إسرائيل للمتظاهرين".

ووسط صخب المشهد على الحدود شرق مدينة غزة، وإطلاق قنابل الغاز والرصاص الحي تجاه المتظاهرين، كان سبنسر بلات والذي يعمل مصورًا في موقع Getty Images يلتقط صور الشُبان الذين يقومون بإشعال الإطارات أمام جنود الاحتلال، تعبيرًا منهم عن حالة الغضب ومطالباتهم بالعودة إلى أراضيهم المحتلة.

بلات جاء إلى غزة قبل يومين، ولم تكن المرة الأولى له، إذ جاء إلى القطاع بعد العدوان الأخير صيف العام 2014، ويقول لـ"العربي الجديد": "الصحافة الأجنبية هي صوت دولي يُحاول نقل الحالة والحياة العامة التي يعيشها شعب قطاع غزة".

ويصف المصور الأميركي المشهد على حدود غزة، قائلاً: "فلسطينيون في ريعان شبابهم يضحون بأنفسهم مقابل المطالبة بحق العودة ومحاولتهم اختراق هذا السياج الفاصل. جزء كبير من دافع الشباب للقيام بذلك هو حالة اليأس التي يعيشونها في غزة من أوضاع معيشية واقتصادية صعبة".

وعن حالة الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال للفلسطينيين، يرى بلات أنه لا مبرر لإسرائيل للقيام بذلك، ويقول: "ليس هناك عذر، يجب أن تُنقل هذه الجريمة إلى الأمم المتحدة، ما يحدث شيء مخجل من قبل إسرائيل".

ويضيف المصور الأميركي: "إن تغطية الأحداث في غزة تشكل حالة اهتمام لدى الصحافة الدولية منذ زمن بخاصة، وفي الأراضي الفلسطينية بعامة"، ويؤكد أن مسألة "استهداف الصحافيين مشهد لم يسبق أن رآه سوى في غزة" على خلفية استشهاد اثنين من الصحافة الفلسطينية خلال تغطية "مسيرة العودة الكبرى".



ووُجد الصحافي المصري شريف عبد القدوس على حدود شرق مدينة غزة، كي يُغطي الأحداث لعدد من الصحف الأميركية، ووصل أمس الخميس، وهي المرة الخامسة التي يصل فيها إلى القطاع، فجاء في عام 2011 وفي حرب 2012 وحرب 2014، وقبل الأخيرة كانت في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ويقول عبد القدوس لـ"العربي الجديد": "أنا آتي إلى غزة ما دمت قادرًا على القيام بتقارير موضوعية وصحيحة، وفي نفس الوقت أنا مؤمن بالقضية الفلسطينية"، بينما يصف حالة الاستهداف للصحافيين في غزة بـ"المخيفة".

ويصف مشاهد الاستهداف، قائلاً إن قناصاً إسرائيلياً يشاهد صحافياً يرتدي درع الصحافة ويطلق عليه النار"، وأضاف أنه غطى الكثير من الحروب لكنه لم يشهد استهدافاً مباشراً للصحافيين بشكل مباشر ومن مسافة قصيرة كهذا.

ويرى عبد القدوس أن عدم حل القضية الفلسطينية وهي موضع اهتمام العالم، لن يُري العالم "السلمية"، والغريب أن إسرائيل تقوم باستخدام كافة أنواع الأسلحة وتُجربها على أجساد الفلسطينيين، مضيفًا: "كصحافيين دوليين أول مرة نرى طائرة زنّانة (من دون طيار) تطلق قنابل غاز".

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قد لفت إلى أنه منذ بدء فعاليات مسيرة العودة الكبرة، ازدادت وتيرة دخول الصحافيين الأجانب إلى قطاع غزة، والذين جاؤوا لتغطية الأحداث التي يريد الفلسطينيون خلالها تحقيق أهدافهم بالعودة إلى أراضيهم المحتلة، الأمر الذي يُحاربه جنود الاحتلال بكافة أنواع العنف الممارس ضد المدنيين.