وأكد التقرير أن السمة العامة الخاصة بجسامة الانتهاكات في الربعين الأول والثاني، اختلفت مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه، فتصدر "المنع من التغطية" قائمة الانتهاكات في الربعين الأول والثاني، في مقابل تصدر "إيقاف البرامج والقنوات" قائمة الانتهاكات في الربع الثالث.
وبشأن التصديق على قانون جديد لتنظيم الصحافة والإعلام، والجدل حول مشروع مسودة قانون نقابة الصحافيين، رأى المرصد المصري لحرية الصحافة والإعلام، أن القانون "خطوة تهدف إلى تأميم الصحف ووسائل الإعلام المعارضة، كما يستهدف مدّ حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة، تلك الحالة التي وصلت إلى الحسابات الشخصية البالغ عدد متابعيها خمسة آلاف شخص، ما يضع جميع الأشخاص تحت يد الدولة وسلطاتها، كما أعرب المرصد عن قلقه من السياق الزمني الذي خرج فيه القانون بعد إصدار قانون الجريمة الإلكترونية، وقبل انتخابات نقابة الصحافيين، في مارس/ آذار 2018، ما يوحي باتجاه ممنهج لفرض حالة من الهدوء والاستقرار السياسي المتعمد".
كما رأى أن "القانون يحمل الكثير من العوار الدستوري، فالمادة الرابعة والخامسة من الباب الثاني لقانون تنظيم الصحافة والإعلام تتناقضان مع مواد الدستور التي نظمت إنشاء الوكالات الصحافية والإعلامية عن طريق الإخطار، ليتحول الإخطار إلى ترخيص بموجبه يكون للدولة، ممثلة في المجلس الأعلى للإعلام قبول ورفض المؤسسة".
وتخوّف المرصد من استخدام التعبيرات الفضفاضة والواسعة التي شاع استخدامها في عدد من مواد القانون، كسيف موجه إلى المنصات الإعلامية المختلفة، لتضمن الدولة ولاء وصمت تلك المؤسسات، كما لاحظت المؤسسة المبالغة المالية الضخمة، لإنشاء وترخيص الوسائل الإعلامية والصحافية. لقد وضعت المادة 35 من القانون عائقًا ماليًا كبيرًا يصل إلى ستة ملايين جنيه، إذا كانت الصحيفة يومية، وفي حالة الصحف الإلكترونية يكون رأسمالها 100 ألف جنيه.
ووصف تأميم جريدة "المصريون" وتكليف لجنة إدارية من الأخبار لإداراتها، خطوة تهدد استقلالية العمل الصحافي، فقد أعرب المرصد عن تخوفه من التطورات المفاجئة والسريعة في مجال الصحافة والإعلام.
ورأى المرصد أن هناك اتجاهًا ممنهجًا تحت غطاء قانوني، يستهدف خنق حرية الرأي والتعبير انتهى بتأميم إحدى الصحف المستقلة، وضمّها لكنف الدولة، وترى المؤسسة أن قراري التوجه المفاجئ والتحفظ على الأموال على مستوى اتخاذ القرار وتنفيذه مخالفان للدستور المصري المواد (57، 71، 72) الصادر عام 2014.
وأكد أنه يخالف القرار المواد (71، 72) مخالفة صريحة، فتحظر المادة 71 فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها وإغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة، كما تُلزم المادة 71 الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحافية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام.
كما يخالف تنفيذ القرار المادة 57 من الدستور: للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون، حسب التقرير.
وبشأن قرار وقف قناة LTC لمدة أسبوعين، أشار التقرير إلى أن القرار جاء من المجلس الأعلى للإعلام بعد يومين من نشر قانون تنظيم الصحافة والإعلام المثير للجدل، ليصبح أول قرار للمجلس بعد إصدار القانون المشار إليه، إذ أعلن المجلس أن وقف القناة هو بسبب ارتكابها "مخالفات مهنية" بينها استضافة عدد من المثليين في برامجها، إذ عبّر المجلس في بيان له بأن "القناة خالفت قرار المجلس بمنع ظهور الشواذ أو ترويج شعاراتهم"، على حد تعبير المجلس.
ويرى المرصد أن الهجوم ضمن حملة واسعة تقوم بها عدد من القنوات الإعلامية، تهدف إلى خلق حالة مقصودة من الوعي الجمعي برفض المثليين بالتوازي مع الحملة الأمنية التي تقوم بها الدولة ضد المثليين جنسيًا، إلا أنه رغم تحفظنا على محتوى البرنامج وسياسة القناة التحريرية نرفض بالتوازي قرار المجلس الأعلى للإعلام.
وعن الضبابية التي تخيّم على تعديل قانون نقابة الصحافيين، قال المرصد إن السياق الزمني على المستوى التشريعي وعلى المستوى المهني المصاحب لإصدار القانون، يخلق حالة من التوتر والشكوك، فإصدار القانون يأتي بعد قانون "الجريمة الإلكترونية"، ويأتي مباشرة بعد قانون "تنظيم الصحافة والإعلام"، ما يخلق إطارًا تزداد فيه التخوفات من نية إصدار القانون الجديد خصوصًا ما قبل انتخابات نقابة الصحافيين المقررة في شهر مارس من عام 2019، خصوصًا بعد تصريحات عن نية اللجنة إلغاء التجديد النصفي وتصبح انتخابات كل المقاعد (الأعضاء والنقيب) كل أربع سنوات.
وتابع المرصد الجدل الدائر حول تعديل القانون، بأن هناك حاجة لسياسة أكثر انفتاحًا وأكثر إشراكًا لجموع الصحافيين في الحوار والنقاش حول مبادئ القانون ومواده المختلفة، وينبغي النظر إلى قانون نقابة الصحافيين باعتباره مؤتمرًا موسعًا ومستمرًا بين جميع الصحافيين، كما رصدت المؤسسة عدة إشكاليات صاحبت مسار تعديل القانون.
وكان عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحافيين، قد كشف بتاريخ 22 أغسطس/ آب 2018، في تصريحات لجريدة المصري اليوم، أنه انتهى من إعداد مشروع تعديل قانون نقابة الصحافيين، القانون رقم 76 لسنة 1970، ومن المقرر عرضه على مجلس النقابة، تمهيدًا لإرساله لمجلس النواب لإقراره قبل نهاية العام، وبتاريخ 27 أغسطس/ آب، مؤكدًا أن مسودة تعديلات قانون النقابة الجديد سيتم إعدادها خلال الفترة المقبلة، وأنه سيتم توزيع نسخ منها على أعضاء المجلس والصحافيين لمناقشتها خلال اجتماعات المجلس القادمة، وهو ما لم يحدث، ما تسبب في خلق حالة من الجدل بين النقيب وعدد من أعضاء المجلس، أعرب خمسة أعضاء منهم في بيان لهم، عن رفضهم مسودة القانون كمبدأ، وهم جمال عبدالرحيم ومحمد خراجة ومحمد سعد عبدالحفيظ ومحمود كامل وعمرو بدر.
وحتى كتابة هذه السطور لم يتم عرض مشروع القانون على أي من أعضاء مجلس النقابة أو الصحافيين.
وأضاف المرصد "انتهج عبد المحسن سلامة في إعداد مسودة القانون الجديد سياسية تتسم بالعشوائية والضبابية، أهم سماتها غياب المجتمع الصحافي والصحافيين عن مناقشته، ولم يتم إتاحة أي مصادر عن المسار المتخذ في تعديل القانون، فكتابة مسودة القانون الجديد كانت بمنأى عن الجمعية العمومية، صاحبة الحق التي سيؤثر القانون بالتبعية على مصالحها المباشرة، فمنذ تشكيل اللجنة المكلفة بتعديل قانون نقابة الصحافيين، لم يشرك أي من الصحافيين أو المؤسسات الصحافية أو منظمات المجتمع المدني في مناقشات تعديل مسودته، أو حتى في مناقشات حول المبادئ العامة التي تحكم القانون الجديد، فتلك النقاشات كانت ستضمن وجود رؤية متماسكة وأكثر تمثيلًا لتطلعات الصحافيين بشأن القانون، ليتم عرضها على الرأي العام ممثلة لمطالب وطموحات الصحافيين، ومن ثم عرضها على مجلس النواب لإقرارها".