صاحب اللقالق

30 يوليو 2015
"حلم"، صفوان دحّول/ سورية
+ الخط -

حين التقيتُ بالشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف (1923-2003) قبل ربع قرن تقريباً خلال زيارته الوحيدة للكويت، تعلمتُ منه شيئاً بسيطاً نسف ركاماً من المبالغات والتصورات عن الشعر والشعراء. وحتى هذه اللحظة لا أستطيع نسيان الكيفية التي أضاء فيها بسهولة حماقات "شعرائنا الكبار" التي نقرأها ونقرأ عنها.

كان شاعراً قروياً لم يتجول أبعد من مسقط رأسه، ومع ذلك كان يرى أبعد مما يراه الجوالون الراكضون إلى "العالمية". والمفاجأة كانت حين كشف عن اعتزازه بأهم قصائده؛ قصيدة "اللقالق"! هذا الطائر الجميل الذي لا نشك في عمق العاطفة التي يكنّها له فلاح شاهد أسرابه في طفولته وصباه، وها هو يتابعها في شيخوخته.

وحين سألني عن الشعراء العرب، لم أجد بداً من تذكر شعرائنا المشغولين بتمثيل أدوار الجنرالات، وتسلق جدران القلاع. شعراء لا يجرؤ الواحد منهم على تذكر عصافير طفولته، وبدلاً من ذلك يذهب إلى استعارة عصافير وطفولة شعراء اللغات الأجنبية، بل ويركض تحت ثلوج عواصمهم.

شكرتُ لحمزاتوف كلماته التي أعادت إليّ الصفاء مجدداً، وذكرتني بالشعر والشعراء، بعد أن كدتُ أنساهما في زحمة حروب شعراء تلك الأيام للحصول على الرتب العسكرية ومناصب القضاة والأضواء. شكرته لأنه علمني أن الإبداع الشعري تتساوى فيه أهمية الموضوعات، سواء كانت خفقة ريح بين أوراق يابسة، أو طيران لقلق، أو صرخة منتفضين على الظلم.

المساهمون