صاحب الكرش المهيوب

22 نوفمبر 2015
قد تقوده وجبة طعام واحدة إلى عدة مطاعم (Getty)
+ الخط -
أعرف صديقاً يتبع الحمية الغذائية منذ أن عرفته. أكثر من عشرة أعوام لم تُكسبه سوى كيلوغرامات إضافية، يحاول دوماً التخلص منها. يُبدي إلماماً واسعاً بأنواع الحميات الغذائية الرائجة، وأبرز المأكولات المسؤولة عن كرشه المهيوب في الجلسات. عبثاً يُحاول إقناع نفسه أن القميص الذي اشتراه العام الماضي سيُلائمه هذا العام. يعترف بالفشل السريع أمام بنطلون "الجينز" الذي لم يعد يصل إلى ركبتيه عند محاولة لبسه. فيتفنّن في اختيار الملابس الفضفاضة بعض الشيء مع مراعاة الموضة. ترافقه الجاكيت في كل الفصول لستر ما يمكن ستره من دهون.

لكن مجال خبرته الفعلي هو في المطاعم. وبسبب مزاجه العالي في الأكل قد تقوده وجبة طعام واحدة إلى عدة مطاعم يختار في كل منها طبقاً واحداً على الأكثر. قد تنطلق الجولة من أحد مطاعم الفول والفتة في منطقة الحمراء، ولا تخلو الوجبة هناك من صحن سودة دجاج مقلية أو الكواج (لحم العجل المقلي مع الحر والبصل والبندورة). تليها عدة شرائح من اللحم بعجين الطرابلسية التي تصلك غارقة بدبس الرمان في أحد مطاعم منطقة الروشة. أما مسك الختام فقد تطول الطريق إليه حتى ضاحية بيروت الجنوبية، لتناول كأسٍ من القمح الممزوج بالعسل وجوز الهند المبروش. وفي طريق العودة إلى المنزل يتأبط صاحبنا ربطة الخبز الأسمر "لزوم الدايت".

تتهم بعض الحميات "الغلوتين" بإعاقة عملية الهضم، بينما تُلقي أخرى باللائمة على النشويات التي تزيد الوزن وتحبس المياه في الجسم. تنصحك إحداها بتخليص الجسم من السموم عبر تناول خلطات عصائر الفواكه أو المُتممات الغذائية لأسابيع عدة. يُعلن صديقي فشلها جميعاً على طاولة العشاء في وقت مُتأخر، ويستغرب الأمر. يؤكد أنه سيدعم "الدايت" بالتسجيل في أحد النوادي الرياضية، ويشتري لأجل ذلك أجمل الحقائب الرياضية وأغلاها، ليختصر حوض "الجاكوزي" الحار علاقته بالنادي بعد أيام قليلة فقط، يهجر خلالها كل الآلات الرياضية الموزعة ويحتل المساحة الأعمق من "الجاكوزي" للتخطيط للوجبة التالية من التمارين الرياضية المزعومة، والتي يجب أن تكون مدعومة لملاءمة نظامه "الرياضي".

لا يخلو الحديث أثناء تناول الوجبة الدسمة بعد منتصف الليل من تجديد نية العودة إلى أحد أنظمة الحمية "مطلع الأسبوع المُقبل". يُعدد بعدها عدداً من أسماء المطاعم الجديدة التي ستفتح أبوابها خلال الأيام المُقبلة، على أمل زيارتها جميعاً قبل بداية الأسبوع.

حتى ذلك الحين يبقى انتظار سندويش الشاورما "المسقسق" أكثر متعةً من انتظار نتيجة فحص الدم. ويبقى التهام لوح الشوكولاتة الكبير أسهل من قراءة عدد السعرات الحرارية بالخط الصغير خلف الغلاف.

إقرأ أيضاً: سطوح بيروت
المساهمون