في عهد الزعيم السوفييتي الراحل جوزيف ستالين، دعمت إدارات السجون السوفييتية تقسيم المساجين بعضهم بعضاً إلى طبقات مختلفة، وذلك تسهيلاً للسيطرة على الأوضاع في السجون في ظلّ نقص الحرّاس. هذا ما يشرحه الخبير القانوني بافيل ماروشاك لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى أنّ "السجناء، حتى قبل ثورة البلاشفة في عام 1917، كانوا ينقسمون إلى مجرمين محترفين وآخرين تورّطوا بالصدفة. لكنّ نظام الهرم المتكامل لنفوذهم وطبقاتهم لم يتكوّن إلا في الحقبة الستالينية، وهو ما زال قائماً في السجون السوداء حتى اليوم".
و"السجون السوداء" اسم يطلق منذ الحقبة السوفييتية على تلك التي يتحكّم بها "شيوخ اللصوص" في إطار هيكل تقسيم السجناء إلى طبقات. أمّا "السجون الحمراء"، وهي تسمية مستوحاة من لون علم الاتحاد السوفييتي، فتخضع إلى سيطرة إداراتها الرسمية. ومن بين الطبقات الرئيسية للسجناء بحسب ترتيب النفوذ، يَذكر ماروشاك "شيوخ اللصوص" الذين يؤدّون دور الحكم ويحدّدون القواعد العامة، و"النظّار" الذين يراقبون التزام السجناء بها على مستوى السجن أو مركز الحبس الاحتياطي، و"المجرمون المحترفون" الذين يعيشون بحسب المفاهيم ويشكّلون احتياطي الموظفين لأداء دور "شيوخ اللصوص" عندما يقتضي الأمر، و"الرجال"، وهم السجناء العاديون الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من السجناء.
اقــرأ أيضاً
ويشير ماروشاك إلى طبقتَين لا يحبّذهما السجناء عموماً، وهما "المعيز" المتعاونون مع إدارة السجن، و"الديوك" الذين يشكّلون الفئة الأدنى على الإطلاق في الهرم الاجتماعي للسجناء، وهم إمّا من المثليين جنسياً وإمّا من المدانين في قضايا العنف الجنسي بموجب مواد مثل المادة 131 من القانون الجنائي الروسي (اغتصاب). وحول المعاملة التي يتلقاها "الديوك" في السجون الروسية، يقول ماروشاك: "هم يستقرون في زنازين خاصة بهم، ولا يتواصل السجناء الآخرون معهم ولا يستخدمون الأدوات نفسها لتناول الطعام. كذلك يتعيّن على "الديك" منذ البداية تعريف السجناء الآخرين بصفته، وإلا سوف يتعرّض للضرب المبرح".
ويتحدّث ماروشاك الذي كان قد سُجن لأكثر من ثلاثة أعوام، في قضية ذات خلفيّة سياسية، عن "تراجع تدريجي لنظام هرم السجناء"، معيداً ذلك إلى "عاملَين رئيسيَّين، أوّلهما عمل الدولة على استئصال هذا النظام. أمّا ثانيهما فهو تزايد نسبة السجناء من سكان شمال القوقاز الروسي والجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، لا سيّما في المراكز السجنية في موسكو. فهؤلاء يفضّلون التجمعات والتقسيمات بحسب القومية". يُذكر أنّ أرقام الهيئة الفدرالية الروسية لتنفيذ العقوبات، لمنتصف عام 2018، تفيد بأنّ عدد السجناء الأجانب في روسيا بلغ نحو 28 ألفاً، معظمهم من مواطني طاجيكستان وأوزبكستان وأذربيجان وقرغيزستان. ونحو 40 في المائة منهم ينفّذون عقوبات في قضايا مخدّرات.
وعلى الرغم من قسوة عالم الجريمة والسجون، فإنّه "عادل إلى حدّ ما"، بحسب وصف ماروشاك. يضيف: "تعاملت مع أشخاص سُجنوا للمرّة الثانية، لكنّهم كانوا عقلاء. صحيح أنّ لديهم تقبّلاً داخلياً للسرقة وهم أحرار في خارج السجون، غير أنّ السرقة أمر مرفوض تماماً في داخلها. ولا يجوز ضرب سجين من دون أيّ سبب". ويتوقّع ماروشاك "استمراراً لانحسار نظام تقسيم السجناء إلى طبقات من دون أن يُستأصل بشكل كامل. فهو ضروري لوضع قواعد تنظّم العلاقات بين عدد كبير من الرجال يقضون معاً سنوات طويلة في مكان معزول عن العالم".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تؤكّد الناشطة الحقوقية والعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية، يفا ميركاتشيفا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهرم الطبقي السوفييتي ما زال قائماً في السجون الروسية حتى يومنا"، موضحة أنّ "إدارة السجون لا تقسّم السجناء إلى طبقات، وقد تمّ القضاء على هذه الظاهرة في بعض السجون الحمراء، إذ لم يعد مقبولاً سؤال السجين حتى عن المادة التي أدين بموجبها. لكنّ هذا النظام ما زال قائماً في السجون السوداء، وهو أمر عفوي إلى حدّ كبير". وعن أوضاع "الديوك" في السجون الروسية، تضيف ميركاتشيفا: "بالمقارنة مع الحقبة السوفييتية، فإنّ الانتهاكات في حقّهم صارت من الماضي. لكن في إحدى المرّات كاد السجناء، لولا تدخّل الإدارة، يقتلون سجيناً مثلياً جنسياً لعدم إفصاحه مسبقاً عن صفته في الأيام الأولى من حبسه". وتتابع أنّ "نظام طبقات المساجين يظلّ قائماً طالما هم أنفسهم يدعمون هذه الثقافة الفرعية".
تجدر الإشارة إلى أنّ هيئة تنفيذ العقوبات كانت قد أفادت في نهاية العام الماضي بأنّ عدد السجناء في عموم روسيا يبلغ 434 ألفاً، وهو ما يُعَدّ أدنى مستوى تاريخياً، وهذا أمر تعيده الهيئة إلى تخفيف السياسات الجنائية - التنفيذية للدولة.
و"السجون السوداء" اسم يطلق منذ الحقبة السوفييتية على تلك التي يتحكّم بها "شيوخ اللصوص" في إطار هيكل تقسيم السجناء إلى طبقات. أمّا "السجون الحمراء"، وهي تسمية مستوحاة من لون علم الاتحاد السوفييتي، فتخضع إلى سيطرة إداراتها الرسمية. ومن بين الطبقات الرئيسية للسجناء بحسب ترتيب النفوذ، يَذكر ماروشاك "شيوخ اللصوص" الذين يؤدّون دور الحكم ويحدّدون القواعد العامة، و"النظّار" الذين يراقبون التزام السجناء بها على مستوى السجن أو مركز الحبس الاحتياطي، و"المجرمون المحترفون" الذين يعيشون بحسب المفاهيم ويشكّلون احتياطي الموظفين لأداء دور "شيوخ اللصوص" عندما يقتضي الأمر، و"الرجال"، وهم السجناء العاديون الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من السجناء.
ويشير ماروشاك إلى طبقتَين لا يحبّذهما السجناء عموماً، وهما "المعيز" المتعاونون مع إدارة السجن، و"الديوك" الذين يشكّلون الفئة الأدنى على الإطلاق في الهرم الاجتماعي للسجناء، وهم إمّا من المثليين جنسياً وإمّا من المدانين في قضايا العنف الجنسي بموجب مواد مثل المادة 131 من القانون الجنائي الروسي (اغتصاب). وحول المعاملة التي يتلقاها "الديوك" في السجون الروسية، يقول ماروشاك: "هم يستقرون في زنازين خاصة بهم، ولا يتواصل السجناء الآخرون معهم ولا يستخدمون الأدوات نفسها لتناول الطعام. كذلك يتعيّن على "الديك" منذ البداية تعريف السجناء الآخرين بصفته، وإلا سوف يتعرّض للضرب المبرح".
ويتحدّث ماروشاك الذي كان قد سُجن لأكثر من ثلاثة أعوام، في قضية ذات خلفيّة سياسية، عن "تراجع تدريجي لنظام هرم السجناء"، معيداً ذلك إلى "عاملَين رئيسيَّين، أوّلهما عمل الدولة على استئصال هذا النظام. أمّا ثانيهما فهو تزايد نسبة السجناء من سكان شمال القوقاز الروسي والجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، لا سيّما في المراكز السجنية في موسكو. فهؤلاء يفضّلون التجمعات والتقسيمات بحسب القومية". يُذكر أنّ أرقام الهيئة الفدرالية الروسية لتنفيذ العقوبات، لمنتصف عام 2018، تفيد بأنّ عدد السجناء الأجانب في روسيا بلغ نحو 28 ألفاً، معظمهم من مواطني طاجيكستان وأوزبكستان وأذربيجان وقرغيزستان. ونحو 40 في المائة منهم ينفّذون عقوبات في قضايا مخدّرات.
وعلى الرغم من قسوة عالم الجريمة والسجون، فإنّه "عادل إلى حدّ ما"، بحسب وصف ماروشاك. يضيف: "تعاملت مع أشخاص سُجنوا للمرّة الثانية، لكنّهم كانوا عقلاء. صحيح أنّ لديهم تقبّلاً داخلياً للسرقة وهم أحرار في خارج السجون، غير أنّ السرقة أمر مرفوض تماماً في داخلها. ولا يجوز ضرب سجين من دون أيّ سبب". ويتوقّع ماروشاك "استمراراً لانحسار نظام تقسيم السجناء إلى طبقات من دون أن يُستأصل بشكل كامل. فهو ضروري لوضع قواعد تنظّم العلاقات بين عدد كبير من الرجال يقضون معاً سنوات طويلة في مكان معزول عن العالم".
من جهتها، تؤكّد الناشطة الحقوقية والعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية، يفا ميركاتشيفا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهرم الطبقي السوفييتي ما زال قائماً في السجون الروسية حتى يومنا"، موضحة أنّ "إدارة السجون لا تقسّم السجناء إلى طبقات، وقد تمّ القضاء على هذه الظاهرة في بعض السجون الحمراء، إذ لم يعد مقبولاً سؤال السجين حتى عن المادة التي أدين بموجبها. لكنّ هذا النظام ما زال قائماً في السجون السوداء، وهو أمر عفوي إلى حدّ كبير". وعن أوضاع "الديوك" في السجون الروسية، تضيف ميركاتشيفا: "بالمقارنة مع الحقبة السوفييتية، فإنّ الانتهاكات في حقّهم صارت من الماضي. لكن في إحدى المرّات كاد السجناء، لولا تدخّل الإدارة، يقتلون سجيناً مثلياً جنسياً لعدم إفصاحه مسبقاً عن صفته في الأيام الأولى من حبسه". وتتابع أنّ "نظام طبقات المساجين يظلّ قائماً طالما هم أنفسهم يدعمون هذه الثقافة الفرعية".
تجدر الإشارة إلى أنّ هيئة تنفيذ العقوبات كانت قد أفادت في نهاية العام الماضي بأنّ عدد السجناء في عموم روسيا يبلغ 434 ألفاً، وهو ما يُعَدّ أدنى مستوى تاريخياً، وهذا أمر تعيده الهيئة إلى تخفيف السياسات الجنائية - التنفيذية للدولة.