احتشد آلاف من أبناء محافظتي الأقصر وقنا، والمناطق المجاورة لهما، في جنوب مصر، لأداء صلاة الجمعة في مسجد وساحة "الشيخ الطيب" بمدينة القرنة، مسقط رأس شيخ الأزهر، أحمد الطيب، لإعلان دعمهم للأزهر وشيخه، في مواجهة الهجمة الإعلامية الشرسة التي يتعرّضان لها مؤخراً.
وحسب مصادر مطلعة، فإن شيخ الطريقة الخلوتية الصوفية، الشقيق الأكبر لشيخ الأزهر، الشيخ محمد الطيب، رفض دعوات للخروج في تظاهرة داعمة للأزهر في أعقاب الصلاة، اليوم، على ضوء الزجّ باسم مؤسسة الرئاسة في هجوم وسائل الإعلام على شيخ الأزهر، والتي يعتقد أن من يديرها هو رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل.
وقال الناشط الأقصري، إمام الحباشي سلامة، إن "ائتلاف قبائل الصعيد، والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وبيت العائلة المصرية في الأقصر، طالبت بتدخل السيسي لوقف الهجمة الممنهجة التي يتعرض لها الأزهر الشريف، وتستهدف في المقام الأول السنة النبوية الشريفة"، محذرين من مخاطر ما سماه "اللعب بالنار" من قبل منظمي الحملات الإعلامية ضد الأزهر وشيخه.
بدوره، قال الناشط في ائتلاف دعم الأزهر، ضياء الهمامي، إن "السنة والأزهر خط أحمر لا يجوز المساس بهما، أو الاقتراب منهما"، مشدداً على أن حملات الهجوم من قبل بعض وسائل الإعلام "تُنذر بعواقب وخيمة في حال استمرارها"، رافضاً مزاعم من يسمون بـ"القرآنيين" على الأزهر، وعلى السنة النبوية.
وأكد نائبا البرلمان محمد يس، وأحمد إدريس، أن البرلمان وأعضاءه لن يقبلوا أي هجوم على مؤسسة الأزهر ورموزها، وأن البرلمان سيتحرّك لوقف تلك الحملة التي بدأتها بعض وسائل الإعلام التي اعتادت التهجّم على الأزهر.
ودعت اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية، وحزب الشعب الجمهوري، واللجنة العامة لحزب الوفد بمحافظة الأقصر، إلى عقد اجتماع مشترك لمختلف القوى الشعبية والوطنية، لبحث تداعيات الهجوم الذي تتعرّض له مؤسسة الأزهر، والإمام أحمد الطيب، وسبل الرد على تلك الحملة، في إطار ما يتيحه الدستور والقانون من حرية الرأي والتعبير.
وقال الطيب في كلمة الاحتفال بالمولد النبوي أمام السيسي، قبل أيام، إن "بعض المتربصين بالسنة النبوية، والمنكرين لثبوتها على اختلاف مشاربهم، يجمع بينهم الشك والريبة في رواة الأحاديث"، مبيناً أن "علماء الأمة أفنوا أعماراً كاملة من أجل تمييز الصحيح من غير الصحيح من مرويات السنة، وذلك من خلال بحث دقيق متفرّد في تاريخ الرواة، وسيرهم العلمية، حتى نشأ بين أيديهم علم مستقل من العلوم يُعرف عند العلماء بعلم الإسناد".
واعتبر الطيب أن "سلخ القرآن عن السنة يفتح على المسلمين أبواب العبث بآياته وأحكامه وتشريعاته، لأن السنة النبوية هي المصدر الثاني في التشريع بعد القرآن في الإسلام"، منتقداً الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية، وثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين، والمطالبة باستبعاد السنة من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم وحده.
ومنذ توليه الحكم قبل نحو أربعة أعوام ونصف العام، يسعى السيسي لإطاحة الطيب من منصبه المحصن بموجب الدستور، على خلفية إعلان إدانته مذبحة فض اعتصام "رابعة العدوية" لأنصار الرئيس السابق محمد مرسي، ورفضه دعوة الرئيس الحالي إلى وقف الاعتراف بالطلاق الشفهي، علاوة على عدم استجابته لما يسمّى بـ"تجديد الخطاب الديني".
وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن "السيسي لم يغلق ملف إطاحة الطيب من منصبه، ولكن أوقفه بشكل مؤقت لحين اختيار التوقيت المناسب"، موضحة أن "تحركات الطيب خارجياً، وزياراته دولاً عدة، وخطابه القوي بشأن بعض القضايا، كانت سبباً في إحساس السيسي وجهات في الدولة بتعاظم نفوذه".
وكان الطيب قد وضع السيسي في موقف محرج، بعد إعلانه رفض لقاء نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، خلال زيارته إلى مصر في نهاية العام الماضي، على وقع قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها، مؤكداً أنه "لا يمكن أن يجلس مع من يزيّفون التاريخ، ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم".