شوكان ينتصر على "الدبلوماسية" المصرية

24 ابريل 2018
شوكان معتقل بدون سند قانوني (العربي الجديد)
+ الخط -
اختارت لجنة تحكيم عالمية مستقلة مؤلفة من عدد من الإعلاميين، المصور الصحافي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، أمس الإثنين، للحصول على جائزة "يونيسكو غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة" لعام 2018. 
وأُلقي القبض على المصور الصحافي المصري أثناء قيامه بتغطية المجزرة التي رافقت فض اعتصام ميدان رابعة العدوية في القاهرة وأودع في السجن منذ 14 آب/ أغسطس 2013. وفي بداية العام 2017، طالب المدعي العام المسؤول عن ملفه بتنفيذ عقوبة الإعدام ضده.
وصرحت ماري ريسا، رئيسة لجنة التحكيم، بأن "اختيار محمود أبو زيد يشيد بشجاعته، نضاله والتزامه بحرية التعبير". وسيجري تسليم الجائزة يوم 2 أيار/ مايو المقبل بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي تستضيف غانا فعالياته لهذا العام ويحمل شعار "توازن القوى: الإعلام والعدالة وسيادة القانون".
وتكرم جائزة "يونيسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة" الأشخاص والمنظمات والمؤسسات التي تسهم مساهمة بارزة في الدفاع عن حرية الصحافة وتحفيزها في كلّ مكان في العالم، لا سيّما هؤلاء الذين يتحدّون المخاطر لتحقيق هذه الغاية. وتحمل الجائزة هذا الاسم تكريماً لغييرمو كانو إيسازا، وهو صحافي كولومبي اغتيل أمام مقر صحيفته الإسبيكتادور في بوغوتا يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 1986.


وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، سرّب شوكان رسالة جديدة من محبسه، انتقد فيها المرشحة المصرية مشيرة خطاب، لمنصب رئاسة منظمة يونيسكو. وقال "تدعم منظمة يونيسكو اﻹعلام المستقل، وحرية الصحافة، والحفاظ على حقوق اﻹنسان، إلى جانب أهداف أخرى تتعلق بالتعليم والمعرفة. لكن مصر لديها سجل سيئ في هذه المسائل. لهذا، تعجّبتُ كثيرًا حين سمعت للمرة اﻷولى أن السفيرة مشيرة خطاب مرشحتها لمنصب رئاسة المنظمة. كيف يمكن لبلدي أن تتخذ هذه الخطوة بينما ينتهك النظام المصري ثقافة حرية التعبير والصحافة؟".



وكانت وزارة الخارجية المصرية قد هاجمت، الأحد، "يونيسكو"، بسبب ترشيح شوكان للجائزة، وقالت في بيان رسمي: "نأسف لاعتزام منظمة يونيسكو منْح المدعو محمود أبو زيد الشهير بشوكان جائزة دولية لحرية الصحافة". وأعرب المتحدث باسم الوزارة عن "الأسف الشديد لتورُّط منظمة بمكانة ووضعية يونيسكو في تكريم شخص متهم بارتكاب أعمال إرهابية وجرائم جنائية، منها جرائم القتل العمد والشروع في القتل والتعدي على رجال الشرطة والمواطنين وإحراق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة".

بينما ردت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان على بيان الخارجية، بصفتها الموكلة للدفاع عن شوكان، على التصريحات التي وصفتها بأنها "غير مسؤولة" الصادرة عن المتحدث باسم الخارجية، وقالت "بوصفنا نتولى الدفاع عن المصور الصحافي محمود شوكان أمام القضاء، فإننا نخشى من أن تكون تلك التصريحات معبّرة عن نية مبيّتة ومسبقة للسلطات المصرية تتجه إلى إدانة المصور الصحافي قبل حتى أن نقدم دفاعنا عنه".

مواقع التواصل متضامنة
بالتزامن مع الإعلان عن فوز شوكان بالجائزة، غيّر عشرات المصورين والصحافيين المصريين والعرب والأجانب صورهم الشخصية على موقع "فيسبوك"، بصورة يقلّدون فيها صورة شوكان الشهيرة خلف القضبان وهو يرفع كلتا يديه أمام عينه اليمنى وكأنه يحمل الكاميرا ويلتقط صورًا، والتي كانت ضمن حملةٍ أطلقتها منظمة "مراسلون بلا حدود" هذا الشهر.
وتقود كبسة زر على وسم #mypicforshawkan، إلى عالم مليء بالصور ورسائل الحب والتضامن من كل أنحاء العالم. ودعا صحافيون مصريون للاحتفال بفوز شوكان بجائزة يونيسكو، تماماً كما احتفل المصريون بفوز لاعب المنتخب المصري المحترف في نادي "ليفربول" الإنكليزي محمد صلاح، مساء الأحد، بجائزة أفضل لاعب في بريطانيا لعام 2018.
وتضامن أصدقاء شوكان وزملاؤه معه منذ الأحد، بالاعتراض على بيان وزارة الخارجية المصرية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة تضامن موحدة تنص على "أنا صحافي وأدعم اختيار الزميل المصور الصحافي محمود أبو زيد (شوكان) في الحصول على جائزة يونيسكو لحرية الصحافة"، باللغتين العربية والإنكليزية.


كما تداولوا بكثافة رد المصور الصحافي عمرو نبيل، رئيس شعبة المصورين الصحافيين بنقابة الصحافيين المصرية، على وزارة الخارجية المصرية، والذي كتب "أدلة براءة شوكان ناصعة الوضوح: خريج أكاديمية أخبار اليوم للصحافة. مصور وله أعماله ومعارض قبل فَض رابعة العدوية. شهود نفي مصور فرنسي وأميركي كانا معه وأكدا في شهادة مكتوبة وموثقة في السفارة المصرية أنه لم يحمل معه سوى كاميرا التصوير الخاصة به. جهة عمله التي شهدت شهادة موثقة بأنها كلفته وكانوا ينتظرون صوره. نقابة الصحافيين التي طالبت بالإفراج عنه. كل هذا لم يشفع وظل رهن الحبس الاحتياطي أكثر من 4 سنوات بلا قرينة واحدة".
وأمس الإثنين، أصدرت شعبة المصورين الصحافيين بنقابة الصحافيين المصرية، بيانًا أكدت فيه استمرار دعمها الكامل وثقتها ببراءة شوكان المحبوس أكثر من 4 سنوات تحت المحاكمة واعتباره مجرد رقم بين 700 متهم بمقاومة السلطات أثناء فَض رابعة".
وأعادت الشعبة التأكيد على أدلة براءة شوكان التي فنّدها عمرو نبيل، وانتهى البيان بـ"سنظل مدافعين عنه، وكلنا ثقة أن القضاء سينصفه مهما طال الأمر".
وسبق أن كرمت شعبة المصورين الصحافيين المصريين شوكان في أكثر من مناسبة، وخصصت جائزة باسمه. كما سبق أن كرمت لجنة حماية الصحافيين الدولية شوكان ضمن أربعة صحافيين من مصر والهند وتركيا والسلفادور، بمنحهم جائزتها الدولية لحرية الصحافة لعام 2016.




نظام سلطوي
ولا تزال القبضة الأمنية تبطش بالصحافيين مع الولاية الثانية للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وهو ما أكدته لجنة حماية الصحافيين الدولية، عندما اتهمت النظام المصري "السلطوي" بفرض مزيد من القيود على الصحافة والصحافيين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي أجريت في مارس/ آذار الماضي، وفاز فيها السيسي بولاية ثانية.
وأضافت اللجنة "منذ أن أعلن السيسي في يناير/ كانون الثاني الماضي عن عزمه على الترشح للانتخابات مرة ثانية، وثّقت لجنة حماية الصحافيين أربع حالات اعتقال لصحافيين بسبب حوارات أجروها مع مرشحين معارضين أو بعد انتقادهم للسيسي أو لوجود صلات مزعومة تربطهم بالمعارضة أو بجماعات ناشطة". وهؤلاء هم: معتز ودنان، مراسل صحيفة هاف بوست العربية التي تتخذ من إسطنبول مقراً لها، وقد جرى اعتقاله في 16 شباط/ فبراير بعد إجرائه حوراً مع هشام جنينة، وكان عضواً في فريق حملة مرشح معارض وهو الآخر رهن الاعتقال الآن، بحسب تقارير محلية، وأحمد طارق إبراهيم زيادة، محرر فيلم تسجيلي، تقول السلطات إنه ينتمي لحركة شباب 6 إبريل المعارضة للحكومة، اعتُقل زيادة في 28 شباط/ فبراير بتهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة، ومي الصباغ وأحمد مصطفى، من الموقع الإخباري "رصيف 22"، حيث اعتُقلا في الإسكندرية يوم 28 شباط/ فبراير واتُّهما بحيازة "وسائل فوتوغرافية" بقصد إذاعة أخبار كاذبة، إلى جانب تهم أمن دولة أخرى بما فيها أنهما عضوان في حركة شباب 6 إبريل المحظورة.
وسبق هؤلاء الأربعة، خلال الأشهر القليلة الماضية فقط، اعتقال حوالي 35 صحافيًا خلال عام 2017، الذي اعتبره المرصد العربي لحرية الإعلام "اكشف"، "احتل المرتبة الثانية في الاعتقالات التي تجري للصحافيين والإعلاميين المصريين بعد تلك الاعتقالات التي جرت بعد أحداث يوليو/ تموز 2013".
وبينما تشير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إلى وجود 54 صحافيًا مقيدًا في كشوف النقابة معتقلًا في مصر، يرتفع العدد كثيرًا في إحصاء المرصد العربي لحرية الإعلام، لنحو 106 محتجزين (صحافيين ومراسلين ومصورين ميدانيين ومتدربين) ما بين حبس حكمي أو حبس احتياطي.
يشار إلى أنه للسنة الثانية على التوالي كانت تركيا والصين ومصر تضم أكثر من نصف الصحافيين السجناء حول العالم بسبب عملهم.​





من هو شوكان؟
اعتقلت قوات الشرطة المصرية محمود أبو زيد (شوكان)، في 14 أغسطس/ آب 2013، أثناء تصويره أحداث فض اعتصام "رابعة العدوية" لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي راح ضحيته قرابة ألف وخمسمائة من المعتصمين السلميين برصاص الأمن، بحسب بعض التقديرات، وتم احتجازه طوال تلك الفترة من دون سند قانوني، رغم أن القانون المصري قصر مدة الحبس الاحتياطي على عامين كحد أقصى.

وشوكان هو مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وأُلقي القبض عليه في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".
تخرّج شوكان من أكاديمية "أخبار اليوم"، وأعلن احترافه التصوير الصحافي منذ التحاقه بها. وما يزيد الوضع القانوني لشوكان صعوبة هو طبيعة عمله الصحافي الحر، وعدم تقييده بنقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية.
ويعد شوكان أحد أبرز الصحافيين المحبوسين على خلفية أداء مهامهم خلال تغطية وقائع فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013، ويعاني من التهاب الكبد، وحالته تزداد سوءاً بشكل مضطرد بسبب ظروف الاعتقال المريعة، وعدم الحصول على رعاية طبية وإساءة المعاملة التي يتعرّض لها.
وفي بداية العام 2017، طالب المدعي العام المسؤول عن ملفه بتنفيذ عقوبة الإعدام ضده. هذا وقد صنف فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي اعتقاله واحتجازه بأنه مناهض للحقوق والحريات، التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.



المساهمون