كثيرون ينتظرون فصل الصيف للاستمتاع بالبحر الذي يُحرمون منه طيلة فصل الشتاء. في تونس، ثمّة شواطئ تأسر الذين يرتادونها من أهل البلاد ومن السيّاح، فيصرّون على إعادة الكرّة.
بعيداً عن المدن وضوضائها وهمومها، تجذب شواطئ تونسية المصطافين والسيّاح، فيجتازون عشرات الكيلومترات للاستمتاع بالمناظر الخلابة والمساحات النظيفة. وتلك الشواطئ تتميّز بمواقعها الفريدة وطبيعتها إذ إنّها تقع بين جبال وتلال وغابات، فتحلو السباحة. حمّام الغزاز في الوطن القبلي، ودار الجنّة وسيدي علي المكي وعين مستير وكاب زبيب وشاطئ الصخور في بنزرت، والزقاق بين سليمان والهوارية، والديماس في المنستير وبركوش في طبرقة... بعض من شواطئ كثيرة نظيفة وجميلة في تونس ذاع صيتها فراح يقصدها الزائرون من كل حدب وصوب يتملّكهم حبّ الاستكشاف ورغبة في السباحة في مياه نظيفة.
يُعَدّ شاطئ حمّام الغزاز في الوطن القبلي، وتحديداً في مدينة قليبية بولايل نابل (شمال شرق)، من أجمل الشواطئ التونسية وأكثرها نظافة، وقد حلّ في الترتيب السابع عالمياً من بين 35 شاطئاً حول العالم، وصُنّفت مياهه الأنقى والأكثر صفاء في العالم. وتمتدّ رماله الذهبية بين الجبال ليحظى بسحر خاص قلّما يجده قاصدوه في شواطئ أخرى. فاطمة من هؤلاء المصطافين الذين قصدوا حمّام العزاز، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "جمال هذا الشاطئ أسرني مذ اكتشفته قبل نحو عامَين، فصار بالتالي شاطئي المفضّل ولم أعد أقصد غيره". تضيف فاطمة: "صرت أنتظر فصل الصيف حتى تُتاح لي فرصة قضاء ما بين أسبوع وأسبوعَين هنا مع ابني وأحفادي، بعيداً عن الحياة الصاخبة والنفايات التي تلوّث عدداً من الشواطئ الأخرى وتعكّر مزاجي وتحرمني من التمتّع بجمال البحر".
أمّا شاطئ دار الجنة في محافظة بنزرت (شمال)، فيقصده كثيرون على الرغم من صعوبة الوصول إلى المكان، فالمسافة التي تفصله عن العاصمة تونس تصل إلى 108 كيلومترات. لكنّ حبّ المغامرة والاستكشاف يدفع عائلات كثيرة إليه ولو مرّة واحدة في خلال فصل الصيف، لتستمتع بالجبال الرائعة والمياه الصافية والغابات الجميلة. إنصاف لا تفوّت مع عائلتها زيارة هذا الشاطئ الذي تؤكّد أنّه "اسم على مسمّى، إذ إنّ هذا المكان هو دار من ديار الجنّة وقد أبدع الخالق في تسويته، فكانت الأشجار والسماء الزرقاء والصخور البديعة وسط بحر مترامي الأطراف". تضيف إنصاف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من طول المسافة وتعب السفر، فإنّ روعة الشاطئ تنسي الزائرين مشقّات الرحلة فيستمتعون بالطبيعة الجميلة الهادئة".
على كورنيش مدينة بنزرت، ثمّة شاطئ فريد يُطلق عليه اسم شاطئ الصخور أو "ليه غروت"، وهو شاطئ تقلّ فيه الرمال لتحتضنه الصخور كأنّها تحاول حمايته من أعين الفضوليين. سحر المكان وموقعه جعله قبلة للزائرين والسيّاح الباحثين عن مكان مختلف وعن شاطئ مميّز لن يعثروا عليه في منطقة أخرى. ويقول نزار الذي يفضّله على سواه من الشواطئ، لـ"العربي الجديد": "أعشق هذا الشاطئ. للمكان سحره الاستثنائي، خصوصاً عند غروب الشمس". وهو لا يتردّد في اجتياز نحو 70 كيلومتراً انطلاقاً من العاصمة تونس من أجل السباحة هنا.
من جهته، يُعَدّ شاطئ عين مستير الواقع بين مدينتَي رفراف وبنزرت، على بعد نحو 60 كيلومتراً من العاصمة تونس، من أفضل الشواطئ، ويتميّز بالمناظر الطبيعية الجميلة والمياه الزرقاء الصافية. أمّا شاطئ سيدي علي المكي في مدينة غار الملح فهو بدوره وجهة مفضّلة لدى المصطافين بعدما ذاع صيته وصيت مناظره الطبيعية الخلابة. ويقع هذا الشاطئ على بعد نحو 50 كيلومتراً من العاصمة تونس ويجمع ما بين الرمال والغابات والجبال والمياه النقية، وهو يقع عند أعلى نقطة على الساحل الشمالي ويسمّى رأس الطرف أو رأس غار الملح.
وعلى الطريق الرابط بين مدينتَي سليمان والهوارية، على بعد 70 كيلومتراً من العاصمة تونس، يمتدّ شاطئ زقاق الذي يجذب الزائرين، وهؤلاء ينشرون صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من صعوبة الطريق المؤدّي إليه، فإنّه ملاذ الباحثين عن الراحة والهدوء بعيداً عن الشواطئ العادية. وغير بعيد عن محافظة المنستير وسط تونس، تمتدّ شواطئ صارت تلقى اهتماماً كبيراً من قبل التونسيين، لعّل أبرزها شاطئ الديماس الذي يمتاز بصفاء مياهه ويجذب من يرغب في الاستجمام والتمتّع كذلك بالتاريخ، فالمنطقة أثريّة.
أمّا شاطئ بركوش الذي يبعد عن مدينة طبرقة في ولاية جندوبة (شمال) نحو 15 كيلومتراً، فشاطئ استثنائي يجمع ما بين الرمال الذهبية والصخور الرملية ويستقطب تونسيين وسيّاحا، لا سيّما من الجزائريين إذ إنّه الأقرب إلى الحدود مع الجزائر. هؤلاء جميعاً يقصدونه للاستمتاع بروعة مياهه وبالراحة والسكينة بعيداً عن التجمّعات السكنية.
وفي جزيرة جربة، ما زال شاطئ سيدي ياتي من بين أروع شواطئ المنطقة للاستمتاع بالهواء العليل وروعة الموقع. وليس من المبالغة أن يُطلق عليه بعض الزائرين "لؤلؤة المتوسط"، نظراً إلى البريق الذي تخلّفه أشعّة الشمس المنعكسة على مياهه الصافية صفاء اللؤلؤ.