28 يناير 2024
شهيد فارٌّ من وجه العدالة
من منا "الأعرج" يا باسل: الرّامحُ في حقل الحرية أم العارجُ في نفق العبودية؟
ربما كانت الإجابة يسيرة عليك، لكنها عصيّة علينا، لأننا نسينا أبجدية الثورة، ولم نعد نشتبك إلا مع ظلالنا الهاربة منا.
هل أحصي لك كم "أعرج" لدينا، وأنت تصعد في معراجك إلى الفردوس الفلسطيني؟ أراهن، أولًا، أن جنتك الآن فلسطينية الشجر والبحر، وستكتشف ربما أن الشهادة لم تفصل بين جنة وجنة، باستثناء "العبيد" الذين تركتهم في الجنة الأولى، وإن توشّحوا بثياب السادة.
عمومًا، ثمة "عرجان" الآن يزعمون أنك تعجلت الشهادة، وكان حريًّا بك أن تنتظر نتائج "مفاوضات السلام" التي يقودها "الأعرج الأكبر" بين أحلام وراغب علامة، باعتباره "خبير سلام" على استعداد لأن يضحي بوطنه كله من أجل تحقيق السلام.
هو مفهومٌ جديدٌ للسلام، يا باسل، لن تجد مثيلاً له إلا عند المفاوض الفلسطيني "الأعرج" فقط، الذي ارتضى أن يكون "رجل المهمات القذرة" للمحتل، فأراحه من عبء إطلاق الرصاص على الشعب المحتل، وكفاه عناء بناء السجون وحراستها، وفوّض له مهام قمع المظاهرات والاحتجاجات، ووضع الثائر الفلسطيني في خانة المتمرد على سلطته "العرجاء"، لا على المحتل، فأصبح من يقاتل العدو "خائنًا"، وصار عليه أن يواجه شرطيّ بلاده، قبل أن يصل إلى الجندي المحتل.
ربما كان يتعّين عليك، أيضًا، يا باسل، قبل الشهادة، أن تبرئ ذمتك أمام قضاء بلدك "الأعرج"، على اعتبار أنك مطلوبٌ للمثول أمامه بتهم شتى، أقلّها "حمل سلاح من دون ترخيص"، وليس أكثرها "الأنشطة غير المشروعة" التي تعني ضمنًا مقاومة الاحتلال. كان موعد جلسة المحاكمة قبل الشهادة بأيام، فهل سيعتبرونك "شهيدًا فارًّا من وجه العدالة"، أم "مجرمًا فارًّا من وجه العدالة"؟.. سيّان، يا صديقي، لأن الشهيد أصبح مجرمًا في عرفهم. وعليه، فأنت مزدوج الجرم الآن، وسيحاكمونك بالتهمتين معًا.
أترى حجم المفارقة التي صنعتها شهادتك أمام عدالة "عرجاء" يا باسل؟ ما نوع الترخيص الذي كانوا يريدونه لبندقيتك؟ ترخيص بعدم قتل العدوّ مثلاً، أم ترخيصٌ لقتل أبناء جلدتك؟ ربما فاتك، وأنت تجدّد أحلامًا قديمة، أنه لم يعد لفلسطين "طريقٌ واحدٌ يمرّ من فوهة بندقية"، كما كانت تصدح أم كلثوم، بل أصبحت هناك آلاف الطرق التي ابتكرها المفرّطون، للوصول إلى فلسطين أخرى، غير التي نعرفها، لا يختلف الحكم فيها عن "روابط القرى"، وهي الصيغة التي اخترعها المحتل قديمًا، لإخضاع الشعب الفلسطيني، بيد أبناء جلدته من العملاء ذوي القابلية للتفريط، فكان أن توسّع الشكل، وبقي المحتوى ذاته، سلطة برئيس ووزراء وشرطة، بدلاً من "مخاتير"، أما النتيجة فواحدة، قمع الأخ الأخ، وقتل الشقيق بيد الشقيق.
من أي عدوّ كنت تختبئ يا باسل، في سقيفة رام الله، من رصاص السلطة "العرجاء" أم من رصاص العدوّ الواضح؟ ربما تأخر السؤال بعض الشيء، خصوصًا بعد رحيلك الحزين، غير أني أراهن أنك لست من النوع الذي يختبئ من عدوه الواضح، بدليل وضوحك الساطع على خطوط التماس والنار مع العدوّ.. كنت الأول والقائد دائمًا، ترفض اللثام، وتواجه من دون تردد أو انكفاء، غير أنك سرعان ما تنكفئ، وتعيد اللثام، حين تنتهي المواجهة الصريحة، لتختفي هذه المرة من أدوات السلطة "العرجاء" التي كنت تربأ بنفسك عن المواجهة معها، مراهنًا على فلول "وطنية" قد تتحرّك يومًا في دمائها. وهكذا يتضح أن تخفّيك في تلك السقيفة لم يكن إلا من شرطيّ بلادك، ومخبرها، وعميلها، فهلّا تأكدت جيدًا من قاتلك، قبل صعود روحك إلى فردوسها الفلسطينيّ؟
لن أطيلَ عليك، يا باسل، لأنني أدرك أن كل الإجابات في حوزتك الآن، غير أنني أكرّر السؤال: من منا كان الأعرج؟
ربما كانت الإجابة يسيرة عليك، لكنها عصيّة علينا، لأننا نسينا أبجدية الثورة، ولم نعد نشتبك إلا مع ظلالنا الهاربة منا.
هل أحصي لك كم "أعرج" لدينا، وأنت تصعد في معراجك إلى الفردوس الفلسطيني؟ أراهن، أولًا، أن جنتك الآن فلسطينية الشجر والبحر، وستكتشف ربما أن الشهادة لم تفصل بين جنة وجنة، باستثناء "العبيد" الذين تركتهم في الجنة الأولى، وإن توشّحوا بثياب السادة.
عمومًا، ثمة "عرجان" الآن يزعمون أنك تعجلت الشهادة، وكان حريًّا بك أن تنتظر نتائج "مفاوضات السلام" التي يقودها "الأعرج الأكبر" بين أحلام وراغب علامة، باعتباره "خبير سلام" على استعداد لأن يضحي بوطنه كله من أجل تحقيق السلام.
هو مفهومٌ جديدٌ للسلام، يا باسل، لن تجد مثيلاً له إلا عند المفاوض الفلسطيني "الأعرج" فقط، الذي ارتضى أن يكون "رجل المهمات القذرة" للمحتل، فأراحه من عبء إطلاق الرصاص على الشعب المحتل، وكفاه عناء بناء السجون وحراستها، وفوّض له مهام قمع المظاهرات والاحتجاجات، ووضع الثائر الفلسطيني في خانة المتمرد على سلطته "العرجاء"، لا على المحتل، فأصبح من يقاتل العدو "خائنًا"، وصار عليه أن يواجه شرطيّ بلاده، قبل أن يصل إلى الجندي المحتل.
ربما كان يتعّين عليك، أيضًا، يا باسل، قبل الشهادة، أن تبرئ ذمتك أمام قضاء بلدك "الأعرج"، على اعتبار أنك مطلوبٌ للمثول أمامه بتهم شتى، أقلّها "حمل سلاح من دون ترخيص"، وليس أكثرها "الأنشطة غير المشروعة" التي تعني ضمنًا مقاومة الاحتلال. كان موعد جلسة المحاكمة قبل الشهادة بأيام، فهل سيعتبرونك "شهيدًا فارًّا من وجه العدالة"، أم "مجرمًا فارًّا من وجه العدالة"؟.. سيّان، يا صديقي، لأن الشهيد أصبح مجرمًا في عرفهم. وعليه، فأنت مزدوج الجرم الآن، وسيحاكمونك بالتهمتين معًا.
أترى حجم المفارقة التي صنعتها شهادتك أمام عدالة "عرجاء" يا باسل؟ ما نوع الترخيص الذي كانوا يريدونه لبندقيتك؟ ترخيص بعدم قتل العدوّ مثلاً، أم ترخيصٌ لقتل أبناء جلدتك؟ ربما فاتك، وأنت تجدّد أحلامًا قديمة، أنه لم يعد لفلسطين "طريقٌ واحدٌ يمرّ من فوهة بندقية"، كما كانت تصدح أم كلثوم، بل أصبحت هناك آلاف الطرق التي ابتكرها المفرّطون، للوصول إلى فلسطين أخرى، غير التي نعرفها، لا يختلف الحكم فيها عن "روابط القرى"، وهي الصيغة التي اخترعها المحتل قديمًا، لإخضاع الشعب الفلسطيني، بيد أبناء جلدته من العملاء ذوي القابلية للتفريط، فكان أن توسّع الشكل، وبقي المحتوى ذاته، سلطة برئيس ووزراء وشرطة، بدلاً من "مخاتير"، أما النتيجة فواحدة، قمع الأخ الأخ، وقتل الشقيق بيد الشقيق.
من أي عدوّ كنت تختبئ يا باسل، في سقيفة رام الله، من رصاص السلطة "العرجاء" أم من رصاص العدوّ الواضح؟ ربما تأخر السؤال بعض الشيء، خصوصًا بعد رحيلك الحزين، غير أني أراهن أنك لست من النوع الذي يختبئ من عدوه الواضح، بدليل وضوحك الساطع على خطوط التماس والنار مع العدوّ.. كنت الأول والقائد دائمًا، ترفض اللثام، وتواجه من دون تردد أو انكفاء، غير أنك سرعان ما تنكفئ، وتعيد اللثام، حين تنتهي المواجهة الصريحة، لتختفي هذه المرة من أدوات السلطة "العرجاء" التي كنت تربأ بنفسك عن المواجهة معها، مراهنًا على فلول "وطنية" قد تتحرّك يومًا في دمائها. وهكذا يتضح أن تخفّيك في تلك السقيفة لم يكن إلا من شرطيّ بلادك، ومخبرها، وعميلها، فهلّا تأكدت جيدًا من قاتلك، قبل صعود روحك إلى فردوسها الفلسطينيّ؟
لن أطيلَ عليك، يا باسل، لأنني أدرك أن كل الإجابات في حوزتك الآن، غير أنني أكرّر السؤال: من منا كان الأعرج؟