وصف شهود عيان كانوا في ساحة الاعتصام، صباح اليوم الاثنين، اللحظات الدامية التي واكبوها منذ بدء هجوم قوات الدعم السريع على المعتصمين، والذي خلّف وراءه 13 قتيلًا في حصيلة أولية، ومئات الجرحى. وتنفي تلك الشهادات، التي تعززها أيضًا مقاطع فيديو انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجنود وحدات الدعم السريع وهم يعتدون على مواطنين وقفوا عزّلاً أمام أسلحتهم وهراواتهم، الرواية التي ساقها المجلس العسكري الانتقالي لتبرير المجزرة، متحدّثًا عن استهداف "عناصر إجرامية" كانت في محيط ساحة الاعتصام.
وروى الشاب الثلاثيني محمد سليم، الذي كان في مكان الاعتصام أمام مقر الجيش، لـ"العربي الجديد"، أنه عند الساعة الخامسة والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي بدأت وحدات من قوات الدعم السريع وقوات مكافحة الشغب التابعة للشرطة، مدعومة بعناصر تابعة للأمن الشعبي الموالي لحزب "المؤتمر الوطني" (الحزب الحاكم السابق في عهد عمر البشير)، باقتحام مكان الاعتصام، ودخلت من ثلاثة اتجاهات رئيسية: شارع الجامعة من الجهة الغربية، وشارع النيل من الجهة الشمالية، ومن منطقة بري في الجهة الشرقية.
وأضاف: "أول ما قامت به هذه القوات هو إطلاق الرصاص الحي على المعتصمين وأحياناً في الهواء لتخويف المعتصمين، إضافة إلى الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، ثم قامت بعد ذلك بالاعتداء بالضرب على المعتصمين بالعصي والسياط وأحياناً بأعقاب البنادق". وتابع: "ثم شرعت هذه القوات في إحراق كل شيء في الميدان بما في ذلك الخيام والمسارح ومكاتب أخرى موجودة"، مؤكداً أن مكان الاعتصام ومحيطه أصبحا خاليين من أي متظاهر.
من جهته، قال الشاهد زهير الدالي، الذي كان في مكان الاعتصام، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الدعم السريع هاجمت المكان بخطة محكمة فعزلت المعتصمين عن وحدات الجيش التي كانت مرابطة في الميدان، وأطلقت القوات المهاجمة وابلاً من الرصاص قرب الحواجز الأمنية التي أقامها المعتصمون.
وأوضح أن أعداد الضحايا كبيرة وأكثر من المعلنة، لافتاً إلى أنه كان يفتش عن زملاء له كانوا في المكان لم يعرف مصيرهم، كاشفاً أنه شاهد 24 جثة في المستشفيات الثلاثة التي زارها.
وأظهر مقطع فيديو انتشر بشكل واسع عبر الإنترنت مجموعة من عناصر الدعم السريع متحلّقين حول رجل مسنّ ظلّ واقفًا بلا حراك أمام هراواتهم، قبل أن ينهالوا عليه جميعاً بالضرب المبرح.
Twitter Post
|
وأظهر مقطع آخر متداول إحدى النساء المعتصمات وهي تستغيث بالجيش، مخاطبة أحد الجنود: "هل ستحموننا، أنا أختك هل ستحميني؟"، قبل أن تهرب على وقع الرصاص العشوائي مرددة: "الجيش انتهى".
Twitter Post
|
وبينما حرص المجلس العسكري على التعتيم ومنع التغطية الإعلامية، أظهر مقطع فيديو آخر، يبدو أنه التقط من بين مجموعة من الجنود كانوا يرتدون الزي الرسمي للجيش السوداني، عناصر الدعم السريع وهم يعتدون على المواطنين أمام ناظريهم، من دون أن يحركوا ساكنا.
Twitter Post
|
وخرجت تظاهرات في معظم المدن الكبرى في السودان مطالبة بسقوط المجلس العسكري. وعلم "العربي الجديد" أن ثلاثة قتلى سقطوا باعتداء قوات أمنية على متظاهرين في أم درمان. كما قُطعت الإنترنت عن كل المناطق حوالي الساعة الثالثة بالتوقيت المحلي.