16 نوفمبر 2024
شقيق زوج ابنة عم اللاعب محمد أبو تريكة
قديماً، كان التنافس في الألقاب ينحصر بين من يمتلك كلمة واحدة، الأستاذ أو الدكتور، ومن استطاع الوصول إلى أكثر من ذلك، الأستاذ الدكتور مثلا. تطورت اليوم الألقاب في الإعلام المصري، حتى وصل طولها إلى سبع كلمات مثلاً، وهذه أحدث صيحة وصل إليها هذا الإعلام في محاولاته الدؤوبة لتشويه أي شخص، لا يبدي الولاء المطلوب للنظام الحاكم ورأسه.
نشرت وزارة الداخلية بياناً، ذكرت فيه أنها قبضت على عشرات الأشخاص، بتهمة معارضة النظام على موقع فيسبوك (لن نندهش فقد وصلنا إلى القاع منذ زمن). وحرص البيان على إظهار علاقة القرابة بين إحدى السيدات المقبوض عليهن واللاعب محمد أبو تريكة، الأمر الذي تفاعلت معه المواقع الإخبارية، ونشرت أخبارا عن "القبض على ابنة عم أبو تريكة" بالتهمة الهزلية المعتادة "التحريض على العنف". بعد ذلك، واصل النظام وأذرعه التجول في شجرة عائلة أبو تريكة، وقالوا إن "زوج ابنة عم أبو تريكة" مسؤول أيضا عن صفحات "تحرض على العنف" على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتورط في القضية وجاري البحث عنه. تطور الأمر ثالثاً، وسمعنا عن "شقيق زوج ابنة عم اللاعب محمد أبو تريكة". هكذا كتبت المواقع الإخبارية، من دون حتى أن تكلف نفسها عناء كتابة اسم هذا الشقيق المكتوب في شهادة ميلاده، والذي أطلقه عليه والداه، ولم لا، فالمطلوب هو أبو تريكة، وليس "شقيق زوج ابنة عمه" الذي انضم له شقيقه الآخر، ليصبحا "شقيقي زوج ابنة عم اللاعب محمد أبو تريكة".
نشر هذا التعريف المطول كاملاً في تغطيات الصحف، حتى إصدار قرار بإخلاء سبيل الشقيقين من سراي النيابة، بعد أن اكتشفت الأخيرة عدم صلتهما بأي شيء، أو ربما وجدت أن المسلسل زادت حلقاته، وأصبح مملا كالمسلسلات المكسيكية والتركية، فقررت الاكتفاء بما لديها من أقرباء أبو تريكة، وترك الشقيقين المسكينين لحالهما. وحتى لا يؤدي الأمر إلى نتيجة عكسية، بعد أن ينتبه الناس إلى التربص في الأمر، والرغبة المفضوحة في التشويه، أو الرغبة المحمومة من الإعلام في جذب قراء.
معروف أن هذا نهج تسلكه وسائل الإعلام دوماً عند الحديث عن أشخاص غير معروفين، فالمهم درجة قرابة الشخص من أحد المشاهير، وليس شخصه فعلا، مثلما حدث عند زواج ابنة الفنان عادل إمام من نجل أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، قبل سنوات، وهو حدث لا يهم أحداً سوى العائلتين، لكن الزيجة تحولت إلى حديث لا ينقطع في الصحف عن مغزاها ودلالاتها، وعندما قبض على القيادي الإخواني في عهد المخلوع حسني مبارك، لم تتحدث عنه الصحف إلا باعتباره "والد زوج ابنة عادل إمام"، أو "حما ابنة عادل إمام".
ما حدث في عهد المخلوع لا يمثل شيئاً بالمقارنة مع ما حدث بعد ثورة يناير، بعدما وجدنا
طوفاناً من هذه المسميات الهلامية، من ذلك أحد الذين ظهروا فجأة في عهد الرئيس محمد مرسي، مقدماً نفسه باعتباره "حفيد سيد قطب". وبهذه الصفة العجيبة، أطل في عشرات الحوارات الصحافية والتلفزيونية مهاجما جماعة الإخوان المسلمين، وصنعوا منه بطلا كرتونيا وقتها، وأصدرت قوى سياسية بيانات تضامنية معه، مع ملاحظة أن سيد قطب لم يتزوج أصلاً، ليقول بعدها هذا الشخص إنه فعلا ليس حفيده، وأنه "ابن ابن شقيقة سيد قطب"، لكنه يعتبر نفسه في منزلة حفيده (!).
"حفيد عرابي" كان لقبا آخر ظهر في الإعلام المصري، يظهر دائماً مرتديًا ملابس تشبه ملابس أحمد عرابي، ويسير راكباً حصاناً وسط زفة مبتذلة، ويشترك بكثرة في حفلات الهرتلة الإعلامية، وتقديم النقوط في فرح تمجيد السيسي. ظهر المرة الأولى في حلقة على قناة دريم عن الثورة العرابية عام 2011. لكنه اختفى أكثر من عامين، قبل أن يعود في أثناء الاستفتاء على الدستور بعد الانقلاب بداية 2014، مؤيدًا له بالطبع. وظهر مرة أخرى، ليقول إن السيسي يشبه جده عرابي. وذهب مرة ثالثة إلى مشروع تفريعة قناة السويس قبل افتتاحه، ليؤيد ويبارك ويلتقط الصور التذكارية مع السذج والبلهاء المسرورين به. كما يظهر في محافظة الشرقية في أثناء الاحتفال بالعيد القومي لها، وتحرص الصحف على نشر تصريحاته، باعتبارها كلاماً مهماً. وحاول لفت الأنظار، مراتٍ، عن طريق ادعاء أن "الإخوان المسلمين" يحاولون هدم منزل "جده"، ليظهر بمظهر البطل المغوار الذي يدافع عن تراث المصريين، لكن أحداً لم يلتفت إليه، لأن التصريح كان بادي السذاجة.
ظهر مهرج آخر، في الفترة نفسها، تلقفته وسائل الإعلام، باعتباره أحد أقارب القيادي الإخواني، سعد الكتاتني، والعجيب أنك تجد اختلافاً واضحاً في تعريف الصحف والفضائيات لدرجة هذه القرابة، فتارة تعرفه باعتباره "ابن عم سعد الكتاتني"، وأخرى تقول إنه "نجل شقيق الكتاتني"، لكنهم عندما وجدوا الأمر أصبح أضحوكة، وأن صلة قرابته للكتاتني، أياً كانت حقيقتها، لا تبرر استضافته المستمرة، اخترعوا قصة لطيفة عن أنه "أحد قيادات الإخوان المنشقين"، حتى تصبح له حيثية يمكن قبولها. وأخيراً، جاء تعريفه بأنه "باحث في شؤون الحركات الإسلامية".
يحكي الكاتب صلاح عيسى إنه عندما التقى زميلاً صحافياً قبل ربع قرن، قدم له شابة كانت معه: أقدم لك الآنسة فلانة، الخطيبة السابقة للمطرب أحمد عدوية. وحتى الآن، ما زال الإعلام المصري يتبع الطريقة نفسها، وقريبا نسمع عن "ابن عم زوج بنت خال زوجة والد ... ".
نشرت وزارة الداخلية بياناً، ذكرت فيه أنها قبضت على عشرات الأشخاص، بتهمة معارضة النظام على موقع فيسبوك (لن نندهش فقد وصلنا إلى القاع منذ زمن). وحرص البيان على إظهار علاقة القرابة بين إحدى السيدات المقبوض عليهن واللاعب محمد أبو تريكة، الأمر الذي تفاعلت معه المواقع الإخبارية، ونشرت أخبارا عن "القبض على ابنة عم أبو تريكة" بالتهمة الهزلية المعتادة "التحريض على العنف". بعد ذلك، واصل النظام وأذرعه التجول في شجرة عائلة أبو تريكة، وقالوا إن "زوج ابنة عم أبو تريكة" مسؤول أيضا عن صفحات "تحرض على العنف" على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتورط في القضية وجاري البحث عنه. تطور الأمر ثالثاً، وسمعنا عن "شقيق زوج ابنة عم اللاعب محمد أبو تريكة". هكذا كتبت المواقع الإخبارية، من دون حتى أن تكلف نفسها عناء كتابة اسم هذا الشقيق المكتوب في شهادة ميلاده، والذي أطلقه عليه والداه، ولم لا، فالمطلوب هو أبو تريكة، وليس "شقيق زوج ابنة عمه" الذي انضم له شقيقه الآخر، ليصبحا "شقيقي زوج ابنة عم اللاعب محمد أبو تريكة".
نشر هذا التعريف المطول كاملاً في تغطيات الصحف، حتى إصدار قرار بإخلاء سبيل الشقيقين من سراي النيابة، بعد أن اكتشفت الأخيرة عدم صلتهما بأي شيء، أو ربما وجدت أن المسلسل زادت حلقاته، وأصبح مملا كالمسلسلات المكسيكية والتركية، فقررت الاكتفاء بما لديها من أقرباء أبو تريكة، وترك الشقيقين المسكينين لحالهما. وحتى لا يؤدي الأمر إلى نتيجة عكسية، بعد أن ينتبه الناس إلى التربص في الأمر، والرغبة المفضوحة في التشويه، أو الرغبة المحمومة من الإعلام في جذب قراء.
معروف أن هذا نهج تسلكه وسائل الإعلام دوماً عند الحديث عن أشخاص غير معروفين، فالمهم درجة قرابة الشخص من أحد المشاهير، وليس شخصه فعلا، مثلما حدث عند زواج ابنة الفنان عادل إمام من نجل أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، قبل سنوات، وهو حدث لا يهم أحداً سوى العائلتين، لكن الزيجة تحولت إلى حديث لا ينقطع في الصحف عن مغزاها ودلالاتها، وعندما قبض على القيادي الإخواني في عهد المخلوع حسني مبارك، لم تتحدث عنه الصحف إلا باعتباره "والد زوج ابنة عادل إمام"، أو "حما ابنة عادل إمام".
ما حدث في عهد المخلوع لا يمثل شيئاً بالمقارنة مع ما حدث بعد ثورة يناير، بعدما وجدنا
"حفيد عرابي" كان لقبا آخر ظهر في الإعلام المصري، يظهر دائماً مرتديًا ملابس تشبه ملابس أحمد عرابي، ويسير راكباً حصاناً وسط زفة مبتذلة، ويشترك بكثرة في حفلات الهرتلة الإعلامية، وتقديم النقوط في فرح تمجيد السيسي. ظهر المرة الأولى في حلقة على قناة دريم عن الثورة العرابية عام 2011. لكنه اختفى أكثر من عامين، قبل أن يعود في أثناء الاستفتاء على الدستور بعد الانقلاب بداية 2014، مؤيدًا له بالطبع. وظهر مرة أخرى، ليقول إن السيسي يشبه جده عرابي. وذهب مرة ثالثة إلى مشروع تفريعة قناة السويس قبل افتتاحه، ليؤيد ويبارك ويلتقط الصور التذكارية مع السذج والبلهاء المسرورين به. كما يظهر في محافظة الشرقية في أثناء الاحتفال بالعيد القومي لها، وتحرص الصحف على نشر تصريحاته، باعتبارها كلاماً مهماً. وحاول لفت الأنظار، مراتٍ، عن طريق ادعاء أن "الإخوان المسلمين" يحاولون هدم منزل "جده"، ليظهر بمظهر البطل المغوار الذي يدافع عن تراث المصريين، لكن أحداً لم يلتفت إليه، لأن التصريح كان بادي السذاجة.
ظهر مهرج آخر، في الفترة نفسها، تلقفته وسائل الإعلام، باعتباره أحد أقارب القيادي الإخواني، سعد الكتاتني، والعجيب أنك تجد اختلافاً واضحاً في تعريف الصحف والفضائيات لدرجة هذه القرابة، فتارة تعرفه باعتباره "ابن عم سعد الكتاتني"، وأخرى تقول إنه "نجل شقيق الكتاتني"، لكنهم عندما وجدوا الأمر أصبح أضحوكة، وأن صلة قرابته للكتاتني، أياً كانت حقيقتها، لا تبرر استضافته المستمرة، اخترعوا قصة لطيفة عن أنه "أحد قيادات الإخوان المنشقين"، حتى تصبح له حيثية يمكن قبولها. وأخيراً، جاء تعريفه بأنه "باحث في شؤون الحركات الإسلامية".
يحكي الكاتب صلاح عيسى إنه عندما التقى زميلاً صحافياً قبل ربع قرن، قدم له شابة كانت معه: أقدم لك الآنسة فلانة، الخطيبة السابقة للمطرب أحمد عدوية. وحتى الآن، ما زال الإعلام المصري يتبع الطريقة نفسها، وقريبا نسمع عن "ابن عم زوج بنت خال زوجة والد ... ".