شقق فارغة في غزة

13 فبراير 2019
لا يستطيعان الاستئجار أو التملّك (محمد الحجار)
+ الخط -


على الرغم من انخفاض أسعار بدل إيجار الشقق السكنية في قطاع غزة، ما زال الغزيون عاجزين عن استئجار البيوت 

تكثر في الوقت الحالي إعلانات عن شقق للإيجار في قطاع غزة بشكل غير عادي. وعلى الرغم من انخفاض أسعار بدلات الإيجار إلى أقل من 50 في المائة، ما زال الإقبال ضعيفاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وعزوف الغزيّين عن دفع بدلات الإيجار بعد تقليص رواتب الموظفين في القطاع العام، وتسريح عشرات آلاف العاملين من منشآت صناعية في غزة.

ويُلاحظ الغزيّون زيادة الإعلانات عن شقق للإيجار بشكل مكثّف على مواقع التواصل الاجتماعي. إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة اضطرت عائلات إلى ترك البيوت التي كانت تستأجرها، بسبب عدم قدرتها على دفع المستحقات. وأحياناً، يكون السجن خياراً في ظل التخلّف عن الدفع فترة طويلة.

يقول مصدر في وزارة الداخلية لـ "العربي الجديد": "في عام 2018، تلقّت مراكز الشرطة في قطاع غزة بلاغات من أصحاب عمارات سكنية وأبراج تفيد بتهرّب مواطنين عن دفع بدلات الإيجار الشهرية، وقد تجاوز الرقم 4 آلاف بلاغ. بعض العائلات اضطرّت إلى ترك الشقق والنزول إلى الشارع. من جهة أخرى، فإن بعض البلاغات بدت مزدوجة، في ظلّ حدوث شجارات بين المستأجرين وأصحاب الشقق، كنتيجة للتخلف عن الدفع". حينها، تعمد الشرطة إلى تحديد مهلة جديدة يفترض أن يدفع خلالها المستأجر المال المتوجّب عليه. وفي حال عدم الالتزام، ترسل الشرطة تحذيراً إلى المستأجر. لكن في المرة الثالثة، وفي حال لم يستجب للاتفاق والتحذير، تعمد الشرطة إلى حجز المستأجر.

شقق للإيجار (محمد الحجار) 


ويُلاحظ أن غالبيّة الأشخاص الذين يتركون شقق الإيجار، يلجأون إلى منازل عائلاتهم، ويحصلون على غرفة في بيت، يعيشون فيها وعائلاتهم، على غرار ما حصل مع أبو صلاح. ترك أحمد أبو صلاح (40 عاماً) شقته في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ومنذ ذلك الوقت، يقيم وأسرته المكوّنة من خمسة أفراد في منزل والده في حي الشيخ رضوان، بعدما تراكمت مستحقات الإيجار عليه على مدى أربعة أشهر. ولم يستطع تدبّر أمره لأنّه لا يتقاضى سوى 200 شيكل (نحو 54 دولاراً) من راتبه من السلطة الفلسطينية، ومنه يسدّد قرضاً مصرفياً.



يقول أبو صلاح لـ "العربي الجديد": "بعدما بدأت حسومات السلطة الفلسطينية بحق موظفيها في قطاع غزة منتصف عام 2017، عرفتُ الويلات. ونتيجة تراكم الديون، بعتُ شقّتي وأقمت مع أسرتي في بيت بالإيجار. لكنّ زادت الضغوط عليّ خصوصاً أنني أب لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد، ولم أستطع تأمين اللوازم المدرسية وبعض الأطعمة التي اعتدت عليها.

فاخترت العودة إلى منزل والدي في انتظار الفرج". يضيف أنّ شقق الإيجار في غزة باتت فارغة، والمستأجرون يهربون للعيش في غرفة داخل منزل العائلة، بدلاً من أن يبيتوا في الشارع. كما أن الكثير من المستأجرين طردوا من مساكنهم بسبب تخلفهم عن دفع بدل الإيجار".

يعيش هنا (محمد الحجار) 


أما توفيق السحار (38 عاماً)، فكان يقيم منذ ست سنوات في شقة للإيجار في منطقة المقوسي غرب مدينة غزة، لكنّه لم يدفع بدل الإيجار على مدى سبعة أشهر، فسجن مدة خمسة أيام في ديسمبر/ كانون الأول نهاية العام الماضي، قبل أن يوقّع تعهداً بتسديد المبلغ المستحق عليه بالتقسيط. وانتقل للعيش في غرفة تقع فوق سطح منزل والده في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.



يشير السحار إلى أن حاله يشبه حال كثيرين منذ عام وحتى اللحظة، لا يستطيعون العيش في شقق بالإيجار نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. ويتحدّث عمّا هو أصعب من ذلك، حين وجد أحد أصدقائه نهاية العام الماضي في الشارع تحت الأمطار، لأن صاحب المبنى طرده بسبب تراكم الديون عليه.

يضيف السحار لـ "العربي الجديد": "خلال العامين الماضيين، سجن غزيون لم يرتكبوا أية جرم، لكنّهم غير قادرين على تأمين المبالغ المستحقة. في الوقت الحالي، أعيش في غرفة ضيّقة بالكاد يدخلها الهواء. لكنّني لا أريد أن أستأجر منزلاً وأسجن، خصوصاً أنني أسدّد قرضاً مصرفياً منذ عامين".

من يسكن هذا المبنى؟ (محمد الحجار) 


إلى ذلك، يتحدث مدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية والصناعية في غزة ماهر الطباع، عن كثرة شكاوى أصحاب الشقق في ظل عدم قدرة كثيرين على دفع بدلات الإيجار. ويشير إلى أن بعض المالكين سامحوا المستأجرين الذين لم يتمكّنوا من دفع بدلات الإيجار، في إطار حملة "سامح تؤجر" التي أطلقت في يناير/ كانون الأوّل العام الماضي. يضيف الطباع أن أصحاب المباني لم يجدوا مستأجرين جددا في عام 2018 وبداية العام الحالي 2019، في وقت اضطر آخرون إلى عرض بيوتهم بأسعار رخيصة، مراعاة للظروف القائمة في القطاع.