شعراء غزّة رسل سلام

08 أكتوبر 2014
يحاولون رسم واقع غزّة بلوحات شعرية(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

 
تغييرات عميقة وملحّة أخذت تطرأ على كتابة الشعر في غزّة، جرّاء قسوة الواقع من جهة، وقوة الإصرار الفلسطيني على مقاومة الوحشية الإسرائيلية من جهة مقابلة.
لقد أضحى الشِّعر الفلسطيني في قطاع غزّة حالة توثّق أدق تفاصيل المكان والذات، وليس فقط محض حالة شعورية، وفق الشاعرة الفلسطينية حنين جمعة، في حديث لـ"العربي الجديد". ذلك أنّ شعراء غزّة، التي عانت أعباء ثلاث حروب إسرائيلية في السنوات الأخيرة فقط، يحاولون رسم واقعهم عبر لوحات شعرية مستلّة من جرح الواقع وتفاصيله المعاشة.
حنين، وبرفقتها العديد من الشعراء الفلسطينيين الشباب، اجتمعوا على تطويع اللغة لصالح قضيتهم الفلسطينية، معتبرين أنّهم "رُسُل السلام"، الذين حملوا على عاتقهم إيصال رسالة الألم والوجع، والحبّ والفرح، انطلاقاً من أرض فلسطين. هذا ليؤكّدوا أنّ هناك شعباً يستحقّ الحياة ويسعى إليها.

توضح حنين أنّ "الرابط بين الشعر وقطاع غزّة معقد جداً، فهو ليس صياغة للواقع بقدر ما هو رغبة ملحّة في الهرب من الحزن". وتضيف: "نحن نكتب لأنّ هذه المدينة تفرض حالاتها ونصوصها وقوانينها على ذواتنا، والقصيدة في غزّة فعل ثوري، ورفض لواقع صعب".
تطمح الشاعرة حنين جمعة، التي تكتب في عدد من الصحف، ولها ديوان "أقصد بيتاً آخر"، إلى كتابة المزيد من النصوص: "لا يهمّني أين سأكون، لكن ما يهمّني هو أن أحصل على المزيد من النصوص التي تشبهنا وتشبه بلادنا، وأحلم بمشهد ثقافي قويّ، حقيقيّ، وقادر على التأثير في واقع البلاد".

أمّا الشاعر الشاب محمود الشاعر، الذي يترأس مجلس إدارة صحيفة "28" المتخصّصة في الكتابات والنصوص الشعرية والنثرية المميزة، فيشير إلى أنّ "الشعر أحد أدوات الشعب الفلسطيني القادرة على إثبات انتمائه لفلسطين وللأرض وللحياة، وقد نجح عدد من المبدعين الشباب في إيصال أفكارهم وواقعهم من خلاله".

ويوضح الشاعر في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ شعراء فلسطين الشباب ينقلون صورة واقعهم عبر كلماتهم ونصوصهم، ومشاعرهم الملتصقة بالأرض والمكان، ما يؤثّر في المتلقّي لهذه النصوص التي تعبر بإيحاءاتها عن الجو العام وعن حقيقة حياة الفلسطينيين.
ويأمل الشاعر، الذي شارك مع مجموعة شعراء في ديوان "مساحة بيضاء"، أن يمثّل فلسطين برفقة أصدقائه الشعراء أمام العالم بأسره: "خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من المتضامنين حول العالم يتعطشون للاطلاع على الواقع الفلسطيني، من خلال أشخاص عاشوا تفاصيله اليومية، واستطاعوا التعبير عنه بحرفيّة ومسؤولية".

صاحبة ديوان "دائماً يرحل أحد"، الشاعرة الفلسطينية الشابة هند جودة، التي عبرت من خلال كلمات قصائدها ونصوصها وأغنياتها عن الوجع الفلسطيني، توضح أنّها كانت وما زالت تحاول التعبير من خلال قلمها عن واقع شعبها الفلسطيني، ناقلة إيّاه إلى العالم الخارجي. وتريد أن تبيّن أنّ "للشعر علاقة متأصّلة بالواقع، وبالإحساس الخالص والشفّاف الذي يحاول الشاعر التعبير عنه، المرّة تلو الأخرى". وتشير إلى "ضرورة أن تعبّر الكتابات عن واقع الكاتب، وتوصل معاناته وفرحه". وتتطلّع الكاتبة جودة "إلى مشهد أدبي فلسطيني مزدهر". وتتمنّى "تسليط الضوء على الأدب والأدباء بشكل أكبر، لأنّ الأدب الفلسطيني يجب أن يكون في عين المجتمع وقلبه، وبالثقافة نستطيع التعبير عن أنفسنا على نحو راقٍ وعميق".

أما الشاعرة أمل أبو عاصي فتوضح أنّ الشاعر الفلسطيني يحاول تحقيق ما لم يستطع تحقيقه على أرض الواقع: "الشعر هو حلم واقعي يمشي ويتحرّك، يبدأ ولا ينتهي، يعيش ولا يموت، ويعتبر الوسيلة الأنجع في التعبير عن الواقع الفلسطيني الصعب، وكان محط إعجاب الكثير من المتابعين حول العالم خلال الحرب على غزّة".
وتضيف أبو عاصي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "عندما تتوق أرواحنا إلى القدس وإلى مدننا المحتلّة، نكتب عنها، ونستشعر أنّنا نعيش في أروقتها". وتعتبر أنّ "ما يميّز الشاعر الفلسطيني أنّه يستمدّ كلماته من الواقع ومن دماء الشهداء وركام الحجارة. فعدد الشعراء في غزّة كبير جداً، وعدد كبير منهم يتقنون الكتابة بشكل احترافي".

بدوره، يقول الشاعر الشاب رائد شنيورة أنّ "حنين الشباب الفلسطيني، وتحديداً الشعراء، يجعل إحساسهم اتجاه الوطن مدفوناً بين القصائد والكلمات، فالكتابة للوطن هي الحدث اليومي الذي يشدّ أقلام شعراء غزّة الشباب". ويؤكد شنيورة أنّ "الشعراء الفلسطينيين سيتمكّنون بشكل جماعي من إيصال أصواتهم وصورة صادقة عن مجتمعهم. فقد أثبت الشباب خلال الحرب مسؤوليتهم تجاه أنفسهم وتجاه وطنهم".
-----------
شعراء فلسطين الشباب ينقلون صورة واقعهم عبر كلماتهم ونصوصهم، ومشاعرهم الملتصقة بالأرض والمكان
----
حنين الشباب الفلسطيني، وتحديداً الشعراء، يجعل إحساسهم اتجاه الوطن مدفوناً بين القصائد والكلمات
----
الشعر أحد أدوات الشعب الفلسطيني القادرة على إثبات انتمائه لفلسطين وللأرض وللحياة، وقد نجح عدد من المبدعين الشباب في إيصال أفكارهم وواقعهم من خلاله
المساهمون