شعبوية الحسم العسكريّ

08 سبتمبر 2014
خلال اعتصام أهالي العسكريين أمام السراي الحكومي (حسين بيضون)
+ الخط -
جميل كيف تحرّك لبنانيون كثر لدعم الجيش اللبناني وعناصره المخطوفين لدى المجموعات المسلحة السورية. هبّت لغة الكرامة ولهجة العنفوان، واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تمنيّات بالحسم العسكري وأوامر مدنية للقيادة العسكرية بالبطش بالمجرمين والإرهابيين. بقي ما كتب على فايسبوك حيث ما هو، وظلّت تغريدات تويتر مكانها. أما المتضررون المباشرون من الاعتداء على الدولة وجيشها، فقطعوا طرقات رئيسية في البلد، في بيروت والبقاع والجنوب. وجَيّر جزء منهم مهمة حماية الكرامة الوطنية ضرباً وتهجيراً للاجئين السوريين وحرقاً لخيامهم.
في لحظة حرجة تضع أعناق أبناء الجيش على حد سكاكين داعش وأخواتها، مفهوم إلى أي حدّ يمكن ان يأخذ القلق والخوف الأهل والأصدقاء. ومفهوم أيضاً أنّ تجاوزات وارتباكات ستحصل. تبقى غير قابلة للتبرير، إلا أنّها ستحصل، وحصلت فعلاً.
ذبح داعش الجندي عباس مدلج. قال إنه حاول الفرار فقطع رأسه وثبت وسط جسمه المنحني. تكرر المشهد مرة ثانية بعد إعدام الجندي علي السيّد. بدأ صبر أهالي الجنود ينفد، أما سلّة الدولة اللبنانية فلا تزال خاوية من أي قرار، فقط بيانات للتأكيد على حرصها على جنودها وأبنائها، فيما يستمرّ استنزاف الجنود الأسرى والدولة عالقة. ترفض التفاوض في العلن وتحرّك الوسطاء في السرّ. تهدّد بضرب الإرهاب وتعتكف عنه على الأرض.
لم يفهم بعد مدّعو الحرص على سيادة الوطن وكرامة جيشه أنّ دولتهم عاجزة عن خوض معركة عسكرية وعليها خوض المفاوضات سريعاً؛ وأنّ من شأن معركة مماثلة أن تُسقط الجيش وقيادتيه السياسية والعسكرية في وحول أشدّ وسخاً، ونتيجتها المباشرة نحر 13 جندياً مخطوفين لدى داعش، وتهديد 14 آخرين موجودين بيد جبهة النصرة. أما خلاصاتها الميدانية والعسكرية فيحكمها عتاد الجيش وسلاحه، تأهب عناصره وجهوزيتهم، الغطاء السياسي وتوريطاته المتعدّدة الأوجه. وتجارب التسويات العسكرية السابقة في التعاطي مع دماء ضباط وجنود الجيش لا تزال حيّة ترزق.
تحوّل الحسم العسكري إلى مطلب شعبوي يريد رافعوه التفريط بدماء علي ومحمد وجورج وإبراهيم وناهي وريان ومصطفى وخالد وحسن وعبد الرحيم وسيف وعباس وبيار ورفاقهم الآخرين. لا يعترض الشعبويون على نحر الجنود مقابل بعض تصفيق على منبر. ولا يرى مناضلو التواصل الاجتماعي ضيراً في ذبحهم مقابل تأييدات فيسبوكية. أما لأمهات الجنود وآبائهم، فالكثير من الأوسمة والتحيات العسكرية.​