شروط روسية لقبول هدنة حلب... والمعارضة تُفشل هجمات النظام

19 اغسطس 2016
استعادت المعارضة نقاطاً تقدّم إليها النظام في القراصي(حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
لم يستطع النظام السوري تحقيق أي تقدّم يذكر في حلب على الرغم من استمرار مساعيه للسيطرة على المناطق الخاضعة للمعارضة بدعم من الطيران الروسي الذي لم يوقف غاراته في المنطقة، إلا أن المعارضة السورية نجحت مجدداً أمس الخميس في التصدي لهجوم شنّته قوات النظام مدعومة بمليشيات أجنبية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب الجنوبي. وتأتي هذه المعطيات الميدانية مع بحث الأمم المتحدة هدنة لثماني وأربعين ساعة في حلب، كما أعلن المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا.
وقال دي ميستورا، في مؤتمر صحافي عقده في جنيف أمس، إن وقف القتال لـ48 ساعة في حلب هو الموضوع الرئيسي أمام قوة مهام الأمم المتحدة التي كانت ستجتمع أمس، مشيراً إلى أن روسيا والولايات المتحدة الأميركية "تتشاركان القلق بشأن حلب، وتتطلعان إلى حل". وأعلن المبعوث الأممي أنه ألغى لقاء مع المبعوثين الإنسانيين، وبرر قراره بـ"عدم احترام أطراف الصراع ضرورة الإغاثة وإيصال المواد اللازمة للمحاصرين، لا سيما في حلب"، التي تشهد معارك قوية واعتداءات مستمرة من النظام وحلفائه، عقب انتصارات المعارضة فيها.
وكشف دي ميستورا أن هناك مناطق في سورية لم تصلها المساعدات منذ شهر، فضلاً عن أنها لم تصل إلى أي منطقة في الأسبوع الأخير، مكرراً دعوته إلى هدنة للمساعدة في تمرير المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين، وكذلك لإجلاء الجرحى الذين يسقطون جراء المعارك وقصف النظام والطيران الروسي.
ولاقت روسيا كلام المبعوث الأممي بإبداء استعدادها لإعلان هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة أسبوعياً اعتباراً من الأسبوع المقبل، لإفساح المجال أمام إيصال المساعدات إلى سكان حلب، كما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف لكن بشروط. وقال كوناشينكوف تعليقاً على اقتراح دي ميستورا "يكمن الشرط لتطبيق هذه المبادرة في إرسال القوافل الإنسانية إلى الأحياء الشرقية لحلب والتي تسيطر عليها العصابات، وإلى الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، عبر مسارين". في المقابل، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان، إلى وقف فوري للقتال في حلب لإفساح المجال أمام إجلاء حالات طبية وإيصال المساعدات وإصلاح البنى التحتية الأساسية من مياه وكهرباء.
من جهته علّق الائتلاف الوطني السوري المعارض في بيان على هذا الموضوع، محمّلاً "نظام بشار الأسد وحلفاءه المسؤولية الكاملة إزاء استمرار الحصار ومنع المساعدات، وهو ما يمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن ومنها القرار 2254 الذي يدعو لرفع فوري للحصار ووقف قصف المدنيين".
واعتبر الائتلاف أن "عرقلة المساعدات وتحدي تطبيق قرارات مجلس الأمن، والتحذير الوارد على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن تحول الوضع في حلب إلى كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل، يقتضي من الأمم المتحدة إعادة بحث الموضوع بشكل جدِّي على مستوى مجلس الأمن، وتحديد الجهات المعرقلة للجانب الإنساني، واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعدم السماح بتوظيف معاناة المدنيين وإرهابهم سبيلا لجني مكاسب سياسية".
في التطورات الميدانية، أفادت مصادر مقربة من "جيش الفتح" جنوب مدينة حلب لـ"العربي الجديد" أمس، بأن قوات "جيش الفتح" تمكّنت من استعادة كل النقاط التي تقدّمت إليها قوات النظام في قرية القراصي بريف حلب الجنوبي مساء الأربعاء، على الرغم من استمرار القصف العنيف الذي تشنه الطائرات الروسية على مناطق الاشتباك لمنع قوات المعارضة من التقدّم. وذكرت المصادر أن قوات المعارضة قتلت عدداً من عناصر قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، كما تمكّنت من تدمير دبابة إثر استهدافها بصاروخ مضاد للدروع، ومدرعة ناقلة للجنود من طراز "بي أم بي" بصاروخ مضادٍ للدروع، إضافة إلى آليات أخرى لقوات النظام.


من جهته، أعلن "فيلق الشام"، وهو أحد فصائل المعارضة المنضوية في "جيش الفتح"، عن تمكّن قواته بالاشتراك مع باقي فصائل المعارضة من التصدي لهجوم شنّته قوات النظام صباح أمس على قرية العامرية وتلة المحروقات جنوب مدينة حلب. وأوضح الفيلق أن قواته تمكنت ظهر أمس من استعادة كل النقاط التي تقدّمت إليها قوات النظام في قرية العامرية صباحاً، لافتاً في بيانه إلى أن المعارك العنيفة في المنطقة أدت إلى مقتل العشرات من قوات النظام.
وتهدف هجمات قوات النظام في الأيام الأخيرة في جبهات القتال جنوب حلب إلى استعادة المناطق التي خسرتها لصالح المعارضة أخيراً في المنطقة، وتحديداً مناطق الراموسة ومدرسة المدفعية وكلية التسليح والكلية الفنية الجوية ومناطق سوق الجبس وعقرب ومشروع 1070 شقة، والتي أدت سيطرة قوات المعارضة المتمثلة بـ"جيش الفتح" عليها إلى تمكين المعارضة من إحداث خرق في الطوق الذي ضربته قوات النظام على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب منذ سيطرتها على طريق الكاستيلو الذي كان يشكل خط الإمداد الوحيد للمعارضة شمال حلب الشهر الماضي.
وواصلت طائرات النظام وروسيا غاراتها على مناطق سيطرة المعارضة جنوب مدينة حلب يوم أمس، فقد استهدفت طائرات يُعتقد أنها روسية مناطق الراموسة ومشروع 1070 شقة وعقرب جنوب مدينة حلب بعشرات الغارات الجوية، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة من دون وقوع ضحايا بين المدنيين بسبب نزوح السكان عن هذه المناطق في وقت سابق. إلا أن الحال لم يكن مشابهاً في حي الصالحين شرق حلب، إذ ألقت طائرة مروحية صباح أمس برميلاً متفجراً على مبنى سكني في الحي، ما أدى إلى دمار المبنى ومقتل أربعة مدنيين وإصابة عشرة آخرين بجراح في حصيلة أولية.