على مدار يومين، شكّل موضوع "الإرث الأمازيغي في شبه الجزيرة الإيبيرية" محور ملتقىً دولي احتضنته "جامعة نوفا" في مدينة لشبونة البرتغالية، بمشاركة باحثين وأكاديميين من المغرب وإسبانيا والبرتغال وفرنسا.
الملتقى، الذي نُظّم أمس وأوّل أمس، خُصّص، في دورته الأولى، لبحث التراث الثقافي الأمازيغي في شبه الجزيرة الإيبيرية، ومقاربته من مختلف التخصّصات العلمية؛ خصوصاً التاريخ، وعلم الآثار، والآداب، والجغرافيا، والهندسة المعمارية، وتاريخ الفن وعلوم اللغة العربية.
توزّعت المداخلات على أربعة محاور هي: "تاريخ الأندلس والمتوسّط من وجهة نظر أمازيغية، و"الإرث الفنّي الأمازيغي في العصور الوسطى في شبه الجزيرة الإيبيرية"، و"الأدب والأنساب الأمازيغية في الأندلس"، و"الإرث الثقافي الأمازيغي في غرب الأندلس".
وأجمع المشاركون في الملتقى، الذي نُظّم بالتعاون بين "معهد دراسات العصور الوسطى" في الجامعة البرتغالية، و"الكرسي الدولي للثقافة الأمازيغية" في غرناطة، على أن "الأمازيغ ساهموا في بناء الأندلس، وتركوا بصمتهم في التاريخ والعلوم والفنون والعادات السائدة في شبه الجزيرة الأيبيرية".
في مداخلتها، أشارت الباحثة المغربية، ليلى مزيان بن جلون، أن الثيمات التي تضمّنتها مداخلات المشاركين "ستساعد في إثبات أن الإرث الحضاري المشترك أكثر قدرة على مقاومة تقلّبات التاريخ"، مضيفةً: "يمكن لشعوب ضفّتي المتوسط، عبر الحوار الهادئ، إدراك أن تاريخهم مشترك".
وأشارت المتحدّثة إلى أن الملتقى يأتي بعد لقاء نُظّم في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي تحت عنوان "مساهمة الأمازيغ في تاريخ وحضارة الأندلس"، ويتقاسم معه الموضوعات البحثية نفسها التي يضيئها "الكرسي الدولي للثقافة الأمازيغية" الذي أطلقته "المؤسّسة العربية الأوروبية للدراسات العليا" في غرناطة و"مؤسّسة ليلى مزيان" في الدار البيضاء المغربية عام 2014.
وفي مداخلته التي حملت عنوان "الأمازيغية واللغات الرومانية في شبه الجزيرة الإيبيرية”، أبرز الأكاديمي الإسباني، كارلوس مورسيا، تأثير الأمازيغية في اللغتين الإسبانيتين (الكاتالونية والقشتالية) والبرتغالية، وقدّم كمثال على ذلك مجموعة من الكلمات الإسبانية والبرتغالية المنحدرة من أصل أمازيغي.
وأشار الأستاذ في "جامعة برشلونة" إلى أن الدراسات الأمازيغية عرفت تطوّراً تدريجياً كحقل بات يحظى بأهمية جوهرية، و"بالتالي، أصبح الانزعاج أو الشعور بالضيق الذي يعبّر عنه متخصّصون في الدراسات الأندلسية والعربية والصقلية بشأن عناصر لا يمكن تفسيرها عربياً، غير مبرّر".
من جهته، اعتبر الأكاديمي الفرنسي، بيير كيشار، أن أوراق العمل المقدّمة في الملتقى حول أثر وجود الأمازيغ في شبه الجزيرة الايبيرية، خصوصاً في الجهات الغربية، تؤكّد أنه "لا يزال من الصعب جدّاً إعطاء كرونولوجيات حول هذا الاتجاه".
وأضاف الأستاذ في "جامعة ليون" أن الأمر يتعلّق بالحقل اللغوي والأركيولوجي؛ "حيث لا زال يبدو من الصعب جدّا تحديد تسلسل الكثير من التعبيرات الفنية والثقافية زمنياً".