تعيش تونس جدلاً واسعاً بسبب تعرّض 7 متهمين في قضايا إرهابية إلى "الاختطاف" من قاعة المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، وذلك رغم أن قاضي التحقيق أمر أمس الثلاثاء بإطلاق سراحهم لعدم توفرّ الأدلة الكافية لإدانتهم، وهو ما عمّق الجدل حول احتمال تعرضهم للتعذيب.
ويبدو بحسب عدة جهات حقوقية، أنّ الاختطاف حصل من جهات أمنية لطمس آثار التعذيب، التي كانت بادية على المتهمين، مما أعاد للأذهان ممارسات أمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وانتقلت أمس الثلاثاء مجموعة كبيرة من السياسيين والمحامين والحقوقيين إلى قاعة المحكمة، ومن ثم إلى مقر الفرقة الأمنية، للوقوف حول حقيقة ما يحصل، كما حضر وزير الداخلية، محمد ناجم الغرسلي، إلى مقر الفرقة، وتم الإعلان لاحقاً عن تشكيل لجنة برلمانية وطبية، من أجل زيارة المحتجزين والاطلاع على ظروفهم الصحية، ومعاينة آثار التعذيب على أجسامهم.
وأوضح عضو "المرصد التونسي للحقوق والحريات" ومحامي دفاع المتهمين، رفيق الغاق، لـ"العربي الجديد"، أنه بعد 6 أيام من إيقاف 7 أشخاص، حامت حولهم شبهات بالدعوة والانضمام إلى تنظيم إرهابي، أحيلوا إلى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، ولكن عندما لاحظ القاضي أنّ الملف منقوص، وأنّ التهم لم تكن مثبتة بمؤيدات، قرّر إبقاءهم بحالة سراح إلى حين موعد 6 أكتوبر/تشرين الأول لإعادة الاستماع إليهم مجدداً.
وأضاف الغاق أنه "مباشرة بعد إطلاق سراح المتهمين أذن مساعد وكيل الجمهورية بعرض 5 منهم ممّن تعرضوا إلى التعذيب على الفحص الطبي لمعاينة أثار التعذيب"، مؤكداً أن "الآثار كانت واضحة وجلية، إذ إن هناك زرقة على أجساد المتهمين وآثار تعنيف كبرى".
وأشار إلى أنه "قبل عرض المتهمين على الطبيب المختص، في حدود الساعة الخامسة مساء، فوجئ الحاضرون بوجود 3 سيارات أمنية حلت أمام المحكمة وأخذت المتهمين بالقوة ثم انطلقت بسرعة كبيرة جداً"، لافتاً إلى أنه "لحدود الساعة 11 ليلاً لم يعرف مصير المتهمين ولماذا تم إيقافهم مجدداً، كما أنه لم يكن هناك أي إذن قضائي لإعادة إيقافهم".
وأوضح المحامي أنّهم "عرفوا لاحقاً أن الفرقة بضاحية القرجاني التي حققت معهم سابقاً، هي التي أخذت المتهمين بالقوة رغم إطلاق سراحهم، وأن الهدف هو إخفاء آثار التعذيب"، وتساءل أنه "في حال وجود معطيات استخباراتية لدى الفرقة المذكورة عن انتمائهم لتنظيمات إرهابية فلماذا لم يتم إعلام قاضي التحقيق؟ ولماذا لم يتم إيقافهم في إطار القانون وبعد الحصول على إذن قضائي في الغرض؟
وأكدّ الغاق أن "العملية كانت متعمدة والغاية طمس آثار التعذيب وأن هذه الممارسات ذكرتهم بالممارسات التي كان يقوم بها نظام بن علي سابقاً"، مضيفاً أن "50 في المائة من الموقوفين في قضايا تتعلق بالحق العام وخاصة في قضايا إرهابية يتعرضون إلى التعذيب وإلى التعنيف الجسدي".
وشدّد على أنهم "يطالبون بتطبيق القانون سواء تعلّق الأمر بمتهمين في قضايا إرهابية أو في جرائم أخرى، وأن التعذيب ممنوع في التشريع التونسي، الذي يشدد على ضرورة احترام الحرمة الجسدية للمتهم، واتباع آليات ووسائل أخرى لإثبات الجرائم وفق ما يكفله القانون".
من جهتها، قالت المحامية عن أحد المتهمين، إيمان الطريقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ موكلها وهو أحد الموقوفين السبعة لم يتعرض إلى التعذيب مثل رفاقه، وإنه رغم إخلاء سبيله من قبل قاضي التحقيق إلا أنه تعرّض إلى "الاختطاف"، معتبرة أن الطريقة التي أخذ بها المتهمون لم تكن قانونية، وهو ما دفعهم إلى الحديث عن "اختطاف" وليس مجرد عملية نقل متهمين.
في المقابل، عقد وزير الداخلية، محمد ناجم الغرسلي، اليوم الأربعاء ندوة صحافية أعلن من خلالها أن طريقة ايقاف المتهمين السبعة في قضايا الإرهاب، تمت بطريقة قانونية وشفافة وأنه لم يتم تجاوز القانون، لافتاً إلى أنه عند معاينة الموقوفين من قبل مساعد وكيل الجمهورية لم يقع تسجيل أي آثار للتعذيب.
واعتبر وزير الداخلية أن هناك حملة تستهدف المؤسسة الأمنية، وهي امتداد لحملةٍ شنت ضدّ قانون المصالحة، ومحاولات لإفشال الحرب على الإرهاب.
بدوره، أكّد مصدر قضائي في تصريح لإذاعة "موزاييك" أمس الثلاثاء، أنّ الأخبار المتداولة بخصوص اختطاف 7 أشخاص من المحكمة الابتدائية في تونس لا أساس لها من الصحة، لافتاً إلى أن المتهمين السبعة، تم إيقافهم مجدداً نظراً لوجود تهم أخرى، متعلقة بهم بعد الإفراج عنهم من قبل قاضي التحقيق، للاشتباه في علاقتهم بقضايا ذات طابع إرهابي.
اقرأ أيضاً: تونس تنفي عبور شرطية بريطانية بسلاحها من مطار قرطاج