رجحت وسائل إعلام روسية تورط الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف في عملية اغتيال المدون المعارض "مارتين ب" قرب العاصمة النمساوية فيينا، السبت الماضي، وكشفت أن الاسم الحقيقي هو مامي خان أماروف، المعروف بتوجيه انتقادات قاسية لقاديروف على قناة "يوتيوب" تحت اسم "أنزور من فيينا".
وتعد الجريمة بحق أوماروف الرابعة في هذه السنة ضد معارضين شيشانيين في أوروبا. وذكرت أجهزة الأمن النمساوية أنها أوقفت رجلين من الشيشان (47 عاما و37 عاما)، أحدهما في مدينة لينز على بعد 200 كلم من فيينا، للتحقيق معهما بشأن الجريمة، ورغم إشارة المتحدث باسم النيابة العامة أن القتيل معارض للحكومة الشيشانية، إلا أن الشرطة قالت إن "دوافع الجريمة لا تزال غير واضحة".
ونشر أوماروف مقطع فيديو على مدونته في إبريل/ نيسان الماضي، موجهاً للرئيس قاديروف من على جسر على نهر الدانوب في فيينا، تحدث فيه عن الرئيس قاديروف ووالده (أحمد قاديروف رئيس الشيشان السابق الذي قتل في حادثة اغتيال أثناء احتفالات بعيد النصر في العاصمة غروزني في 2004).
وحسب ترجمة موقع "نيوز رو"، فإن المقطع الذي ذكر فيه أوماروف رقم هاتفه باللغة الروسية، تضمن أيضا قوله " أنا لا أخفي وجهي، وأنت تشاهدني... أرسل من تعتبره رجلا".
وفي لقاءات صحافية سابقة، أكد المدون أوماروف، الذي لجأ إلى النمسا في 2005 ويختفي تحت اسم "مارتين .ب"، أنه مرتزق سابق، وموظف في حكومة وزارة الشريعة الحكومية للأمن في جمهورية إيشكيريا الانفصالية (حكومة أسسها الانفصاليون الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، وتم القضاء عليها في الحرب الشيشانية الثانية بداية الألفية الحالية)، واتهم السلطات الروسية، في مدونته باللغة الشيشانية، بالهجوم على الانفصاليين الشيشانيين السابقين.
وذكر أوماروف في تصريحات لصحيفة أوكرانية، في فبراير/ شباط الماضي، أنه اضطر إلى الهرب من الشيشان خوفاً من التصفية التي طاولت معظم منافسي قاديروف، ووصلت إلى استهداف جميع من عملوا في إطار حكومة "إيشكيريا" الانفصالية. وكشف عن تفاصيل تعاونه مع الأجهزة الأمنية النمساوية لكشف نحو 10 "جرائم قتل سياسية"، من ضمنها محاولة استهداف عضو في البرلمان الأوكراني (رادا)، وقدم أوماروف تسجيلاً صوتياً يعود إلى 2015 يعرض فيه شيشانيون تصفية عضو البرلمان الأوكراني إيغور موساتشجوك، الذي انتقد الرئيس قاديروف، وكذلك كل من آدم أوسمايف وزوجته أمينة اللذين قاتلا في شرق أوكرانيا ضد روسيا مقابل 1.5 مليون يورو.
وذكر أوماروف أنه اتصل بالأشخاص المستهدفين وحذرهم من "قتلة مأجورين" قد يتعرضون لهم. ومعلوم أن موساتشجوك نجا من محاولة اغتيال في 2017، قتل فيها اثنان وجرح ثلاثة من ضمنهم عضو البرلمان. وتعرض الزوجان الشيشانيان لمحاولتي اغتيال في 2017، نجَوا من الأولى وفي الثانية قُتلت أمينة.
ويعد أوماروف رابع شيشاني يتعرض للاغتيال في أوروبا في السنة الأخيرة. ففي أغسطس/ آب من العام الماضي، تم إطلاق الرصاص على المواطن الجورجي من أصول شيشانية زليم خان خانغشفيلي. وأعلن الادعاء الفدرالي الألماني أن الجريمة ارتكبت بأوامر من "أجهزة حكومية في حكومة روسيا الاتحادية"، وتسببت لاحقاً بأزمة دبلوماسية بين البلدين.
وفي مطلع فبراير/ شباط 2020، عُثر على جثة عمران ألييف في مدينة ليل الفرنسية، وكان علييف معروفاً بتصريحاته المهينة بحق قاديروف. وفي الـ26 من الشهر ذاته نجا المدون الشيشاني المعروف بتومكو عبد الرخمانوف من محاولة اغتيال في السويد، واستطاع القبض على منفذي المحاولة، وهما رجل وإمرأة من روسيا، وسلمهما للشرطة.
ومعلوم أن قاديروف، الذي يحكم الشيشان بقبضة حديدية بعد مقتل أبيه، توعد في بث مباشر في 2019، على قناة "غروزني" الحكومية، كل من "يهين الشرف" في الإنترنت، وقال: "حتى لو اشتعل العالم باللهيب، وحتى لو خرقنا قوانين جميع البلدان، هل يمكن أن نترك (من دون عقاب) الشخص الذي يهين الشرف؟ أقسم بالقرآن الكريم لن نتركه". وحينها، شدد قاديروف على أنه جاهز لإقرار أي عقوبة من أجل "عدم التهاون مع الإهانة".