تزايدت المضايقات التي يتعرض لها المستثمرون الشماليون في محافظات جنوب اليمن منذ الإعلان عن المجلس الانتقالي الجنوبي وتنامي دعوات الانفصال، ما عزز مخاوف رجال أعمال على ممتلكاتهم ومشروعاتهم، خاصة بعدما سيطرت قوات في حضرموت مدعومة من دولة الإمارات على محطة كهرباء خاصة بالقوة.
وأبدت مصادر مطلعة مخاوف المستثمرين الشماليين بعدما أعلنت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت (جنوب شرق اليمن) قبل يومين، عن تأميم محطة كهرباء خرير المملوكة لرجل أعمال من شمال اليمن، وأكدت أن المحطة باتت ملك السلطة المحلية وتحت حماية قوات "النخبة الحضرمية" التي دربتها الإمارات.
وتبلغ طاقة المحطة 50 ميغاواطاً، تراجعت إلى 38 ميغاواتطا منذ العام 2016 بسبب خروج ثلاثة من التوربينات عن الخدمة لحاجتها إلى الصيانة، وتعود ملكيتها لشركة الجزيرة للطاقة، وهي تقوم بتشغيلها منذ عام 2009 مقابل 2.5 مليون دولار شهريا تدفعها السلطة المحلية بمحافظة حضرموت. ومنذ ثلاثة أعوام توقفت عن دفع مستحقات الشركة التي تراكمت ووصلت إلى 54 مليون دولار.
ومنتصف مايو/أيار الماضي قطعت الشركة الكهرباء عن منطقة وادي حضرموت التي يقطنها حوالي نصف مليون نسمة، للضغط على السلطة المحلية بدفع مستحقاتها، وكان رد سلطات المحافظة مفاجئاً، إذ قامت بطرد المهندسين والعمال الشماليين من المحطة وأعلنت عن مكافأة قدرها 5 ملايين ريال (20 ألف دولار) لمن يقوم بتشغيل المحطة التي تعمل بنظام مشفر.
وقال أحد مهندسي المحطة لـ "العربي الجديد": "أصبحت الشركة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها وعمالها العاملين في المحطة، وتحت ضغط مطالبات العمال برواتبهم اضطرت الشركة لقطع التيار بهدف الضغط على السلطة المحلية لدفع المستحقات المتأخرة".
وأضاف: "الرد جاء بطرد جميع العمالة الشمالية، ولاحقاً تم الإعلان عن مصادرة المحطة تحت عنوان التأميم، لقد تعرضنا لكثير من المضايقات فقط لأننا شماليون، وعانينا كثيرا داخل المحطة من عنصريتهم".
وأوضحت شركة الجزيرة المالكة للمحطة، أن محطة سيئون الغازية المملوكة لها هي الشريان الأساسي والمعتمد عليه لتغذيه 70% من مناطق وادي حضرموت، وهي الأقل كلفة على الإطلاق في إنتاج الطاقة الكهربائية من بين جميع المحطات الكهربائية الموجودة في اليمن عامة.
وقالت الشركة، في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، بدلا من أن تحرص السلطة المحلية على استمرار تشغيل المحطة والاستفادة من فارق الكلفة الكبير نراها تتعامل معها بإهمال واستهتار كبير وعدم اكتراث بالعوامل الأساسية الواضحة التي تؤدي إلى إمكانية توقفها عن التشغيل نظرا للتوقف الطويل ومنذ ثلاث سنوات عن الإنفاق على الاستحقاقات اللازمة والكافية للتشغيل وتوجيه الإيرادات الكبيرة لهذه المحطة في غير محلها.
وأوضح البيان، أنه بينما تتعذر السلطة المحلية بعدم قدرتها على دفع مستحقات الشركة، يتم الدفع لبقية الشركات التجارية أكثر من أربعه ملايين دولار شهريا، فضلاً عن قيامها باعتداءات على طاقم المحطة لإجبارهم على العمل تحت تهديد السلاح، ومحاوله تشغيلها بالقوة كي يتم الاستيلاء عليها، معتبرة أن التعامل بعنصرية مع مهندسي الشركة الشماليين هو ما دفعها إلى قطع التيار.
اقــرأ أيضاً
وقرر آخر سبعة مهندسين شماليين، مغادرة المحطة نهاية مارس/آذار الماضي، بعد تعرضهم لمضايقات وخطاب مناطقي، لكن وكيل المحافظة منعهم وأراد الاحتفاظ بهم كرهائن، حتى لا تتوقف المحطة، وقد أجبرهم على العمل بالقوة.
وفي خضم الأزمة، تدخلت الحكومة اليمنية وأعلنت التزامها بدفع مبلغ 10 ملايين دولار للشركة المالكة لمحطة توليد الكهرباء على مرحلتين، كدفعة أولى من أصل المديونية المستحقة لـ "الجزيرة"، وقاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وساطة مجتمعية خلصت إلى عودة المهندسين الشماليين وإعادة تشغيل المحطة مقابل التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركة المالكة.
لكن جهود الحكومة والرئيس اصطدمت برفض وكيل محافظة حضرموت عصام الكثيري، المدعوم من دولة الإمارات والذي يتبنى خطابا مناطقيا ضد الشماليين، وقام باحتجاز المهندسين الشماليين الذين وصلوا إلى المحافظة لتشغيل المحطة ضمن الاتفاق مع الحكومة، فيما يغيب محافظ حضرموت أحمد بن بريك منذ حوالى شهر في أبو ظبي.
وأعلن الكثيري، الأحد الماضي، تشغيل المحطة وأنها أصبحت تحت سيطرة السلطة المحلية بحماية قوات "النخبة الحضرمية". وقال في مؤتمر صحافي: "عملية تشغيل الغازية وفك الشفرة تمت بأيدي مهندسينا الحضارم بشكل كامل".
وأطلق ناشطون من حضرموت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعناوين مناطقية، لتأييد قيام وكيل المحافظة بمصادرة وتأميم محطة الكهرباء المملوكة لرجل أعمال من الشمال.
واعتبر الباحث الاقتصادي علي عبد الدائم، أن مصادرة محطة كهرباء مملوكة لشركة تجارية وتحت عناوين طائفية يهدد النشاط الاقتصادي في اليمن بشكل عام واستثمارات الشماليين على وجه الخصوص.
وقال عبد الدائم لـ "العربي الجديد": "معظم إن لم تكن غالبية الاستثمارات في جنوب اليمن تعود لمستثمرين من الشمال، والتعامل مع هذه الاستثمارات باستخفاف وخطاب مناطقي كارثة حقيقية تهدد البلد ككل، وهي جريمة ستلقي بظلالها على اليمنيين جميعهم، إذا أردت الانفصال وتأسيس دولة عليك الحفاظ على هذه الاستثمارات وحمايتها لا مصادرتها".
ويؤكد مستثمرون وتجار شماليون في أغلب محافظات الجنوب اليمنية، أنهم لا يشعرون بالأمان ويتعرضون لكثير من المضايقات التي زادت بشدة عقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال، مطلع مايو/أيار الماضي.
ونشر ناشطون جنوبيون عبارات غاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تندد بحملة التضييقات على المستثمرين. وقالت غادة تركي، في صفحتها على فيسبوك: "للأسف، أغلب استثمارات رجال الأعمال الشماليين في عدن تحولت إلى ثكنات عسكرية".
وقال الناشط عبد الله سالم: "هناك دعوات تنادي بمصادرة كل أموال الشماليين في عدن، وأن يتم اقتحام مجمع عدن مول للتسوق بمنطقة كريتر في عدن المملوك لمجموعة هائل سعيد الشمالية ومصادرة ما فيه، هذا كلام غير مسؤول، يا هؤلاء هذه استثمارات وهذه الدعوات لا تخدم القضية الجنوبية".
وكتب خالد الأهدل: "في كل دول العالم هناك استثمارات ورؤوس أموال أجنبية تعمل وفق أنظمة هذه الدول وقوانينها، الانفصاليون في عدن وغيرها يهجرون وينهبون رؤوس أموال الشماليين بغرض تحقيق الانفصال حسب خطتهم، هذه الأعمال تندرج في إطار الجرائم الجنائية والأخلاقية ومن يعتمد عليها لا يمكن الوثوق به أو بقدرته على تنفيذ أي مشروع تحرري".
وأعلن محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، في 11 مايو/أيار الماضي، عن إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يرفع شعار انفصال جنوب اليمن عن شماله، ولا يمتلك المجلس القدرة على إعلان الانفصال وتأسيس دولة وتوفير الخدمات للناس، لكنه يشجع الانفصاليين على ممارسة المضايقات ضد الشماليين وخصوصا التجار والمستثمرين.
وكان الشطر الجنوبي لليمن دولة مستقلة تسمى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، قبل إعلان الوحدة بين شطري البلاد في 22 مايو 1990.
اقــرأ أيضاً
وتبلغ طاقة المحطة 50 ميغاواطاً، تراجعت إلى 38 ميغاواتطا منذ العام 2016 بسبب خروج ثلاثة من التوربينات عن الخدمة لحاجتها إلى الصيانة، وتعود ملكيتها لشركة الجزيرة للطاقة، وهي تقوم بتشغيلها منذ عام 2009 مقابل 2.5 مليون دولار شهريا تدفعها السلطة المحلية بمحافظة حضرموت. ومنذ ثلاثة أعوام توقفت عن دفع مستحقات الشركة التي تراكمت ووصلت إلى 54 مليون دولار.
ومنتصف مايو/أيار الماضي قطعت الشركة الكهرباء عن منطقة وادي حضرموت التي يقطنها حوالي نصف مليون نسمة، للضغط على السلطة المحلية بدفع مستحقاتها، وكان رد سلطات المحافظة مفاجئاً، إذ قامت بطرد المهندسين والعمال الشماليين من المحطة وأعلنت عن مكافأة قدرها 5 ملايين ريال (20 ألف دولار) لمن يقوم بتشغيل المحطة التي تعمل بنظام مشفر.
وقال أحد مهندسي المحطة لـ "العربي الجديد": "أصبحت الشركة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها وعمالها العاملين في المحطة، وتحت ضغط مطالبات العمال برواتبهم اضطرت الشركة لقطع التيار بهدف الضغط على السلطة المحلية لدفع المستحقات المتأخرة".
وأضاف: "الرد جاء بطرد جميع العمالة الشمالية، ولاحقاً تم الإعلان عن مصادرة المحطة تحت عنوان التأميم، لقد تعرضنا لكثير من المضايقات فقط لأننا شماليون، وعانينا كثيرا داخل المحطة من عنصريتهم".
وأوضحت شركة الجزيرة المالكة للمحطة، أن محطة سيئون الغازية المملوكة لها هي الشريان الأساسي والمعتمد عليه لتغذيه 70% من مناطق وادي حضرموت، وهي الأقل كلفة على الإطلاق في إنتاج الطاقة الكهربائية من بين جميع المحطات الكهربائية الموجودة في اليمن عامة.
وقالت الشركة، في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، بدلا من أن تحرص السلطة المحلية على استمرار تشغيل المحطة والاستفادة من فارق الكلفة الكبير نراها تتعامل معها بإهمال واستهتار كبير وعدم اكتراث بالعوامل الأساسية الواضحة التي تؤدي إلى إمكانية توقفها عن التشغيل نظرا للتوقف الطويل ومنذ ثلاث سنوات عن الإنفاق على الاستحقاقات اللازمة والكافية للتشغيل وتوجيه الإيرادات الكبيرة لهذه المحطة في غير محلها.
وأوضح البيان، أنه بينما تتعذر السلطة المحلية بعدم قدرتها على دفع مستحقات الشركة، يتم الدفع لبقية الشركات التجارية أكثر من أربعه ملايين دولار شهريا، فضلاً عن قيامها باعتداءات على طاقم المحطة لإجبارهم على العمل تحت تهديد السلاح، ومحاوله تشغيلها بالقوة كي يتم الاستيلاء عليها، معتبرة أن التعامل بعنصرية مع مهندسي الشركة الشماليين هو ما دفعها إلى قطع التيار.
وقرر آخر سبعة مهندسين شماليين، مغادرة المحطة نهاية مارس/آذار الماضي، بعد تعرضهم لمضايقات وخطاب مناطقي، لكن وكيل المحافظة منعهم وأراد الاحتفاظ بهم كرهائن، حتى لا تتوقف المحطة، وقد أجبرهم على العمل بالقوة.
وفي خضم الأزمة، تدخلت الحكومة اليمنية وأعلنت التزامها بدفع مبلغ 10 ملايين دولار للشركة المالكة لمحطة توليد الكهرباء على مرحلتين، كدفعة أولى من أصل المديونية المستحقة لـ "الجزيرة"، وقاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وساطة مجتمعية خلصت إلى عودة المهندسين الشماليين وإعادة تشغيل المحطة مقابل التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركة المالكة.
لكن جهود الحكومة والرئيس اصطدمت برفض وكيل محافظة حضرموت عصام الكثيري، المدعوم من دولة الإمارات والذي يتبنى خطابا مناطقيا ضد الشماليين، وقام باحتجاز المهندسين الشماليين الذين وصلوا إلى المحافظة لتشغيل المحطة ضمن الاتفاق مع الحكومة، فيما يغيب محافظ حضرموت أحمد بن بريك منذ حوالى شهر في أبو ظبي.
وأعلن الكثيري، الأحد الماضي، تشغيل المحطة وأنها أصبحت تحت سيطرة السلطة المحلية بحماية قوات "النخبة الحضرمية". وقال في مؤتمر صحافي: "عملية تشغيل الغازية وفك الشفرة تمت بأيدي مهندسينا الحضارم بشكل كامل".
وأطلق ناشطون من حضرموت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعناوين مناطقية، لتأييد قيام وكيل المحافظة بمصادرة وتأميم محطة الكهرباء المملوكة لرجل أعمال من الشمال.
واعتبر الباحث الاقتصادي علي عبد الدائم، أن مصادرة محطة كهرباء مملوكة لشركة تجارية وتحت عناوين طائفية يهدد النشاط الاقتصادي في اليمن بشكل عام واستثمارات الشماليين على وجه الخصوص.
وقال عبد الدائم لـ "العربي الجديد": "معظم إن لم تكن غالبية الاستثمارات في جنوب اليمن تعود لمستثمرين من الشمال، والتعامل مع هذه الاستثمارات باستخفاف وخطاب مناطقي كارثة حقيقية تهدد البلد ككل، وهي جريمة ستلقي بظلالها على اليمنيين جميعهم، إذا أردت الانفصال وتأسيس دولة عليك الحفاظ على هذه الاستثمارات وحمايتها لا مصادرتها".
ويؤكد مستثمرون وتجار شماليون في أغلب محافظات الجنوب اليمنية، أنهم لا يشعرون بالأمان ويتعرضون لكثير من المضايقات التي زادت بشدة عقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال، مطلع مايو/أيار الماضي.
ونشر ناشطون جنوبيون عبارات غاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تندد بحملة التضييقات على المستثمرين. وقالت غادة تركي، في صفحتها على فيسبوك: "للأسف، أغلب استثمارات رجال الأعمال الشماليين في عدن تحولت إلى ثكنات عسكرية".
وقال الناشط عبد الله سالم: "هناك دعوات تنادي بمصادرة كل أموال الشماليين في عدن، وأن يتم اقتحام مجمع عدن مول للتسوق بمنطقة كريتر في عدن المملوك لمجموعة هائل سعيد الشمالية ومصادرة ما فيه، هذا كلام غير مسؤول، يا هؤلاء هذه استثمارات وهذه الدعوات لا تخدم القضية الجنوبية".
وكتب خالد الأهدل: "في كل دول العالم هناك استثمارات ورؤوس أموال أجنبية تعمل وفق أنظمة هذه الدول وقوانينها، الانفصاليون في عدن وغيرها يهجرون وينهبون رؤوس أموال الشماليين بغرض تحقيق الانفصال حسب خطتهم، هذه الأعمال تندرج في إطار الجرائم الجنائية والأخلاقية ومن يعتمد عليها لا يمكن الوثوق به أو بقدرته على تنفيذ أي مشروع تحرري".
وأعلن محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، في 11 مايو/أيار الماضي، عن إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يرفع شعار انفصال جنوب اليمن عن شماله، ولا يمتلك المجلس القدرة على إعلان الانفصال وتأسيس دولة وتوفير الخدمات للناس، لكنه يشجع الانفصاليين على ممارسة المضايقات ضد الشماليين وخصوصا التجار والمستثمرين.
وكان الشطر الجنوبي لليمن دولة مستقلة تسمى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، قبل إعلان الوحدة بين شطري البلاد في 22 مايو 1990.