ينتظر الخريج الشاب، محمد أبو سعدة، من مدينة غزة، إعلان حكومة التوافق الفلسطينية، أملاً في إنهاء معاناته الخاصة، ومعاناة آخرين من الفقر والبطالة المنتشرة في قطاع غزة المحاصر، في ظل مهام محددة للحكومة الانتقالية.
أبو سعدة، أنهى قبل أربع سنوات دراسة الهندسة في إحدى جامعات غزة، ومن يومها لم يتمكن من العمل في القطاع الحكومي، ولا القطاع الخاص المنهك، وحصل على عقد عمل مؤقت يسمى في غزة "بطالة" لمدة ستة أشهر من الحكومة التي تديرها "حماس".
يقول أبو سعدة، لـ"العربي الجديد": "جيل الشباب المتعطل عن العمل ينتظر من الحكومة المقبلة إنصافه، بعدما تعرض للتجاهل نتيجة الظروف القاسية والصعبة في غزة. فالحصار المضروب على غزة لم يعط الشباب فرصة العمل إلا بشكل محدود".
ويُبدي أبو سعدة تخوفه من عدم قدرة الحكومة المقبلة على إنهاء الحصار على غزة في ظل غياب المؤشرات على ذلك، إضافة إلى الخشية من عدم الإعلان عن وظائف حكومية جديدة نتيجة التضخم في الجهاز الحكومي ودمج موظفي الحكومتين في حكومة التوافق المقبلة.
ومن المقرر أن تعلن في الأيام المقبلة حكومة التوافق الوطني، التي نتجت عن اتفاق حركتي "حماس" و"فتح"، وسيكون أمام الحكومة مهام ثقيلة ليس أقلها الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة في القطاع المحاصر منذ ثماني سنوات.
وفي غزة، يعوّل السكان المقدّر عددهم بـ1.8 مليون نسمة، أن تخرجهم الحكومة المقبلة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وأن تنهي أزمات الكهرباء والمياه والمعابر المغلقة، وأن تعالج آثار الحصار التي أصابت القطاع لسنوات بالشلل.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور معين رجب، إن النهوض باقتصاد غزة، متعلق بالدرجة الأولى بتحطيم الحصار الإسرائيلي، الذي يعتبر السبب الأول في دمار اقتصاد القطاع، والمشاكل التي ترتبت على ذلك.
وأضاف رجب، لـ"العربي الجديد": "رفع الحصار وفتح المعابر وإدخال السلع والمواد الخام لغزة، والسماح بتصدير البضائع للداخل المحتل والضفة والأسواق الخارجية، سيشكل أرضية خصبة وقوية للنهوض من هذا المستنقع الاقتصادي المظلم".
ويوافقه في ذلك الخبير الاقتصادي ومدير الإعلام في الغرفة التجارية في غزة، الدكتور ماهر الطباع، حيث أكد أن رفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجاته من دون قيود، سيدفع إلى إحياء القطاع من جديد.
غير أن الطباع أكد لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة المقبلة أمامها تحديات كثيرة، ليس أقلها الأزمة المالية التي تعانيها السلطة، والتي سببت عجزاً في الموازنة العامة تصل إلى مليار ونصف المليار دولار.
ويتوقع الطباع أن يرتفع العجز إلى ملياري دولار، إذا أضيفت الى الموازنة رواتب موظفي حكومة غزة، والتي تقدّر بـ400 مليون دولار سنوياً.
ويشير الطباع إلى أن ارتفاع معدلات البطالة، وخصوصاً في غزة، والتي وصلت إلى 40%، قضية شائكة تعرقل عمل الحكومة المقبلة.
أما رجب، فيرى أن المشكلات العالقة تحتاج إلى جهد كبير وموازنة أكبر، لافتاً إلى "أننا بحاجة إلى عصا سحرية، في حال لم نكرس جهودنا للخروج من الأزمات الاقتصادية والمعيشية الصعبة في القطاع المحاصر".
ويتوقع رجب أن يحتاج النهوض الاقتصادي في غزة، تحديداً، إلى أمد طويل، لأن ما خلّفته حقبة الانقسام المتزامن مع الحصار الإسرائيلي، دمر القطاع الاقتصادي بشكل خطير بالإضافة إلى تدمير القطاعات الأخرى.
وفي السياق ذاته، يرى الطباع أهمية أن تضع الحكومة المقبلة نصب أعينها وضع استراتيجية عاجلة لمعالجة التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني، ومعالجة الحصار وتداعياته، والذي تسبب في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وارتفاعها إلى أرقام قياسية.