شباب العراق وسيمون

31 ديسمبر 2014
"اضطررت إلى مواكبة الموضة وتلبية احتياجات الشباب"(صفاء حاتم مطلب)
+ الخط -
خلال السنوات الأخيرة، بات الشباب العراقيون يهتمون بالاعتناء ببشرتهم. أمرٌ لا يبدو محط ترحيب في هذا المجتمع المحافظ، بخاصة أن كثيرين يرون فيه تقليداً للنساء. يقول غزوان (22 عاماً) لـ "العربي الجديد": "أشعر بالخجل حين أضع الكريمات في صالونات الحلاقة لأن المجتمع لا يتقبل الأمر. وعادة ما ألجأ إلى وضع الماسكات في المنزل بعد منتصف الليل، حين ينام أهلي".

يعزو سبب خجله إلى أن "العناية بالبشرة عادة ما تكون محصورة على النساء كما هو متعارف عليه. في الوقت نفسه، لم يعد الجمال يقتصر على النساء، بل أصبح الرجال أيضاً يرغبون في أن يكونوا أكثر جمالاً. وأسهل طريقة هي مستحضرات التجميل المتوفرة في صالونات الحلاقة والمحال التجارية".

في المقابل، يبدو بكر (63 عاماً) منزعجاً حين يقصد صالون الحلاقة. يقول لـ "العربي الجديد": "في كل مرة، أنتظر ساعتين أو أكثر قبل أن يحين دوري. وعادة ما يستغرق الشباب وقتاً طويلاً لأنهم يطلون وجوههم بمواد مختلفة، فلا أرى منها إلا عيونهم تنظر إلى بقية الزبائن بخجل". يرى أن هؤلاء يتشبهون بالنساء. فللرجولة خصائصها، وتقليد النساء ووضع الماسكات أو ما يسمى بالخلاطات ليست من ضمنها".

يتابع العاني أنه "في الماضي، كانت صالونات الحلاقة عبارة عن مجالس لقراءة الشعر، أو تبادل الآراء السياسية. كذلك، كان المواطنون يأتون لقص الشعر فقط. اليوم، اختلف كل شيء، صارت هذه المحال عبارة عن مكان لمستحضرات التجميل والاستماع إلى الأغاني الصاخبة. المشكلة أن الحلاقين القدامى إما توفوا أو أغلقوا محالهم بسبب تفضيل الشباب المحال الجديدة".

لكن دريد (20 عاماً) يرى في وضع الشباب للأقنعة والكريمات أمراً طبيعياً، بخاصة أن الوجه يصبح نضراً. فضلاً عن أن العناية بالبشرة لا تكلف الشباب مبالغ كبيرة. يشير إلى أن "كثيرا من الشباب يحرصون على تنظيف بشرتهم، والأمر ليس عيباً". يضيف أن الرجولة "لا تقاس بالجمال أو وضع الخلطات، بل بالمواقف والقدرة على تحقيق النجاح، ومقاومة الفشل".

أما أحمد (39 عاماً)، وهو صاحب محل للحلاقة في منطقة السيدية وسط بغداد، فيقول لـ "العربي الجديد" إنني "اضطررت إلى مواكبة الموضة وتلبية احتياجات الشباب، بعدما كنت أكتفي بقص الشعر وحلاقة الذقن، مستعيناً بالمشط والمقص والخيط. اليوم، صرت مضطراً إلى استخدام الآلات الحديثة ومستحضرات التجميل ومجفف الشعر وغيرها، أو لن يقصدني أحد".
يضيف أن "هذا الأمر تطور بعد عام 2003. صار الشباب ينافسون الفتيات، ويصرون على استخدام مستحضرات التجميل الخاصة بتنظيف البشرة"، مشيراً إلى أنني مرغم على تلبية مطالبهم على الرغم من عدم قناعتي بكل شيء".

في السياق، يقول المتخصّص في أمراض الجلد بهجت خير الله إن "هناك مستحضرات كثيرة في السوق، بعضها مفيد والبعض الآخر مضر"، مشيراً إلى "ضرورة استشارة طبيب لتعليم الشباب كيفية استخدامها، بخاصة أن بعض المواد غير مرخصة من قبل وزارة الصحة، وقد تضر بشرتهم، وعادة ما يرى الأطباء مشاكل مختلفة في عياداتهم". يضيف: "يعمد بعض العطارين في صالونات الحلاقة إلى تحضير عقاقير من خلال خلط بعض المواد تؤدي إلى احمرار البشرة، وتفتح المسامات ما يجعلها عرضة للبكتيريا".

من جهته، يقول صاحب محل لبيع مستحضرات التجميل منير خيون إنه "يأتي للمحل كثير من الشباب يطلبون أنواعاً جديدة ومختلفة لترطيب بشرتهم، أو يطلبون مني بعض الكريمات التي تجعلهم أكثر جمالاً. عادة ما أنصح الشباب بسؤال متخصصين لأن لكل بشرة كريما خاصا بها". تختلف نظرة العراقيين من منطقة إلى أخرى. في الوقت نفسه، باتت فكرة الاهتمام بالبشرة جزءاً أساسياً في صالونات الحلاقة. لكن تكمن المشكلة في أن كثيرا من أصحاب محال الحلاقة يستعينون بمواد غير مرخصة، وسط غياب أي دور للجهات الرقابية.
المساهمون